شهدت الجزائر في السنوات الأخيرة إقبالاً متزايداً على عمليات التجميل غير الجراحية، حيث باتت هذه الإجراءات جزءاً من اهتمامات الكثيرين.
هذا التنوّع في الطلب يعكس الرغبة المتزايدة لدى النساء في الحفاظ على شبابهن وجمالهن
ويُرجِع خبراء التجميل ذلك إلى عدّة عوامل، منها الرغبة في تحسين المظهر الخارجي، والوصول إلى معايير الجمال المتعارف عليها في المجتمع.
خلال السنوات الأخيرة؛ انتشرت عيادات ومراكز التّجميل في مختلف ولايات الجزائر، ممّا جعل هذه الخدمات في متناول المواطن بسهولة ويُسر، وساهم في توفير الوقت والجهد على الراغبين فيها، حيث أصبح بإمكانهم إجراء الخطوات التجميلية المطلوبة بالقرب من أماكن إقامتهم دون الحاجة إلى السفر إلى البلدان الأخرى.
وبالإضافة إلى ذلك؛ تتوفر في الجزائر الكفاءات الطبية العاملة في هذا المجال التّجميلي، والمتمثّلة في عدد كبير من الأطباء الجزائريين الحاصلين على أعلى الشهادات والتخصصات بخبرات العمليات التجميلية غير الجراحية، ممّا يضمن للمهتمين بالحصول على خدمات طبية عالية الجودة.
التّكلفة من بين التحديات؛ إذ تُعتبر أسعار خدمات التجميل في الجزائر، خاصة تلك التي تعتمِد على التقنيات الحديثة مثل اللّيزر والميزوثيرابي والبوتوكس، مرتفعة بشكل ملحوظ مقارنة بالقدرة الشرائية للمواطن الجزائري المتوسّط.
وتتراوح تكلفة جلسة اللّيزر لإزالة الشّعر الزائد، على سبيل المثال، بين 27 ألف دينار جزائري وما فوق، بينما تصل تكلفة حصة الميزوثيرابي لتحفيز إنتاج الكولاجين إلى حوالي 15 ألف دينار جزائري.
أمّا بخصوص حقن البوتوكس للتخلّص من التجاعيد، فتصل تكلفتها إلى 20 ألف دينار جزائري أو أكثر، حسب المنطقة المعالجة وكمية المادة المستخدمة.
إجراءات علاجية
في حديث مع "الترا جزائر"، تقول الطبيبة بسمة بن عثمان، المختصة في الطب التجميلي بولاية عنابة شرق الجزائر، إنّ الطب التّجميلي غير الجراحي يعتبر "خياراً آمناً وفعالاً لتحقيق تحسينات ملحوظة في المظهر الجسدي دون الحاجة إلى التعرّض لمخاطر الجراحة التقليدية".
وأضافت بأنّ "هذا التخصص يتميّز بمدة تعافي قصيرة وآثار جانبية قليلة، مما يسمح للمرضى بالعودة إلى حياتهم الطبيعية بسرعة".
بالإضافة إلى ذلك، "يوفّر هذا التخصّص من الطب حلولاً تهتمّ بكل حالة على حدة، حيث يتم تحديد الإجراء المناسب بناءً على تقييم شامل لحالة المريض واحتياجاته الفردية". وبفضل التطور المستمر في التقنيات المستخدمة في هذا المجال، أصبح من الممكن تحقيق نتائج طبيعية وممتعة تدوم لفترة طويلة.
وبخصوص الإجراءات التجميلية الأكثر طلبا في الجزائر، قالت المختصة إنّ "عالم الطب التجميلي غير الجراحي غني بالتقنيات والعلاجات، إذ يتمّ اختيار الإجراء الأنسب بناءً على الهدف المرجو من العلاج والحالة الفردية لكل مريض".
وكمثال عن ذلك، أضافت:" لعلاج مشكلة التجاعيد، يمكن اللجوء إلى مجموعة متنوعة من التقنيات مثل حقن البوتوكس الذي يعمل على استرخاء العضلات المسؤولة عن ظهور التجاعيد، أو الراديو فريكونس الذي يحفّز إنتاج الكولاجين والإيلاستين مما يؤدي إلى شدّ الجلد وتقليل التجاعيد".
كما يمكن الاستعانة بـ"تقنية الميكرونيدلينج التي تقوم على عمل ثقوب دقيقة في الجلد لتحفيز تجديده وإنتاج الكولاجين، أو التقشير الكيميائي الذي يساعد على إزالة الطبقات الخارجية من الجلد وإظهار طبقات جديدة أكثر شباباً".
وفي هذا الإطار؛ يختار الطبيب المختص الإجراء أو مجموعة الإجراءات المناسبة لكلّ مريض بناءً على عوامل عديدة تشمل عمر المريض، نوع بشرته، عمق التجاعيد، وجود أي أمراض جلدية أخرى، وتوقعات المريض.
وعن نسب الإقبال، أفادت الطبيبة أنّ هذا القطاع يشهد إقبالاً متزايداً من كلا الجنسين، إلا أنّ "الطلب النسائي يبرز بشكل أكثر وضوحاً، ومن مختلف الفئات العمرية، ولكلّ فئة احتياجاتها الخاصة".
تحديات
بينما تسعى الفتيات في العشرينيات من العمر إلى معالجة مشاكل البشرة مثل حبّ الشباب والنّدبات، تتّجه النساء في الثلاثينات والأربعينات إلى إجراءات تجميلية تهدف إلى تأخير ظهور علامات التقدم في العمر، مثل التجاعيد والخطوط الدقيقة. أما النساء في الفئات العمرية الأكبر، فتهتم بشكل أكبر بإجراءات شدّ الوجه وتقليل الترهّلات.
هذا التنوّع في الطلب يعكس الرغبة المتزايدة لدى النساء في الحفاظ على شبابهن وجمالهن، وتحسين ثقتهن بأنفسهن.
وأكبر تحدّي يواجهه الطبيب، حسب الدكتورة، هو تحقيق التوازن الدقيق بين تحقيق النتائج المرجوة من العلاج والحفاظ على المظهر الطبيعي للملامح.
ففي حين يسعى العديد من الأشخاص إلى تحسين مظهرهم وإبراز جماله، إلاّ أنّهم يرغبون في الحفاظ على سمة الوجه الفريدة والشخصية، ويكمن التحدّي في استخدام التقنيات الحديثة بطريقة مدروسة وحذرة، حيث يتمّ تصحيح العيوب وإبراز المميّزات دون التسبّب في تغيير جذري في ملامح الوجه أو الجسم.
الخطر المحتمل
يحمل طبّ التجميل في طياته مجموعة من المخاطر التي يجب أخذها بعين الاعتبار، يقول المختصّ التجميلي فريد بن دالي، لـ" الترا جزائر" إنّ استخدام المواد مثل الفيلر، على الرغم من فوائده الكبيرة، يحمل معه خطر حدوث مضاعفات مثل انسداد الأوعية الدموية، والحساسية المفرطة، وتشكل الندبات.
كما يضيف لـ "الترا جزائر" أنّ استخدام تقنيات مثل اللّيزر، وإن كانت دقيقة وفعّالة، إلاّ أنّها قد تؤدّي إلى حروق جلدية أو تغيّر في لون البشرة.
لذلك، يقع على عاتق الطبيب التّجميلي مسؤولية كبيرة تتمثّل في اختيار المواد والأجهزة الطبية بأعلى جودة، وتطبيق التّقنيات العلاجية بدقة متناهية، وتوعية المريض بشكل كامل بالمخاطر المحتملة والإجراءات الوقائية اللاّزمة.
وقبل اتّخاذ أي قرار بشأن إجراء عملية تجميلية، يجب على المريض أن يقوم بإجراء استشارة شاملة مع الطبيب.
خلال هذه الاستشارة، يجب على الطبيب أن يخصص وقتاً كافياً لشرح كافة جوانب الإجراء، بدءاً من الأهداف المتوقعة وصولاً إلى المخاطر المحتملة.
في الآن نفسه؛ يفترض أن يستغل المعني بالعملية هذه الفرصة لطرح جميع أسئلته واستفساراته، وأن يطلب من الطبيب توضيح أي نقاط غير واضحة.
ويمرّ المريض بعدة مراحل للحصول على نتائج طبيعية تبدأ بتشخيص الحالة وتحديد الإجراء المناسب، وتنتهي بمتابعة النتائج بعد الإجراء.
من المهمّ أن يكون المريض على دراية بأنّ نتائج معظم الإجراءات التجميلية غير دائمة، وتختلف مدتها باختلاف نوع الإجراء والمادة المستخدمة.
وعلى سبيل المثال، تعطي حقن البوتوكس نتائج ممتازة في تخفيف التجاعيد لمدة تتراوح بين 4 إلى 6 أشهر، بينما تدوم نتائج حقن الفيلر لمدة تتراوح بين سنة وسنتين.
أمّا حقن النّضارة ومحفّزات الكولاجين، فتختلف مدة تأثيرها حسب نوع المادة المستخدمة، حيث قد تستمرّ النّتائج من شهر إلى خمس سنوات.