15-نوفمبر-2024

(صورة أرشيفية)

يبدو أن السيارات أقّل من ثلاث سنوات لا تزال تثير اهتمامًا كبيرًا لدى الجزائريين الذين يصرون في كل مرة على أهمية توسيعها لمركبات أقل من خمس سنوات أو أكثر في ظلّ وقف استيراد السيارات الجديدة بسبب عدم الإفراج عن كوطة مركبات 2024 في انتظار حصة 2025، وأيضًا ارتفاع الأسعار محليًا، حيث يأمل هؤلاء في استفادة هذه المركبات المستعملة المستوردة من مزايا جديدة لكسر أسعار السيارات في السوق الوطنية والتي تخطّت كل الحدود.

رغم أن البرلمان وخاصّة الغرفة السفلى حاول تمرير بعض التعديلات على مشروع قانون المالية لسنة 2025 إلا أن هذه الجهود باءت بالفشل

ورغم أن البرلمان وخاصّة الغرفة السفلى حاول تمرير بعض التعديلات على مشروع قانون المالية لسنة 2025 للتمكن من استيراد سيارات أقل من خمس سنوات أو على الأقل رفع قيود عدم التنازل عن مركبات أقل من ثلاث سنوات إلا أن هذه الجهود باءت بالفشل.

جلّ تعديلات السيارات رفضت

وقد تم رفض جميع التعديلات العشرة التي اقترحها نواب المجلس الشعبي الوطني ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2025، والتي كانت تهدف إلى تحسين وفرة السيارات في السوق الوطنية وتخفيف الأعباء المالية على المواطنين والمقدرة بـ 10 وفق ما وقفت عليه "الترا جزائر"، في حين لم يتم التطرق إلى هذا الملف لدى مناقشة مشروع قانون المالية بمجلس الأمة والذي يرتقب أن يوقعه رئيس الجمهورية قريبًا.

وقد اعتُبر أن هذه التعديلات، رغم أهميتها، لا تقتصر على قطاع المالية وحده، بل تتداخل مع اختصاصات قطاعات أخرى تتطلب دراسة أكثر تعمقًا وتنسيقًا مع الجهات المعنية.

وكانت أبرز هذه التعديلات تتعلّق بالسماح باستيراد سيارات مستعملة يقلّ عمرها عن خمس سنوات دون أي قيود على البيع، وهو ما كان يهدف إلى تسهيل اقتناء السيارات بأسعار معقولة تناسب الفئات المتوسطة، خاصّة الموظفين الذين يعانون من ارتفاع أسعار السيارات الجديدة.

ورغم وجاهة هذا التعديل، فقد قوبل بالرفض لأنه يستدعي دراسة متكاملة حول كيفية تحديد عمر السيارة المستوردة والخصائص التقنية التي يجب أن تتوفر فيها، وهي أمور تتعدّى حدود قانون المالية وتتطلب تنسيقًا مع الجهات المختصة بتحديد معايير السيارات المستوردة.

كما شملت التعديلات الأخرى مقترحًا بإلغاء الزيادات الكبيرة في رسوم قسيمة السيارات، التي وصلت نسبتها إلى 275 %، ورغم أن هذا التعديل كان يهدف إلى تخفيف الأعباء المالية عن المواطنين استجابة لقرارات رئيس الجمهورية بتجنب إضافة أي تكاليف جديدة، إلا أنه رُفض بحجة أن تعديل هذه الرسوم يتطلب مراجعة شاملة لآلية تمويل البنية التحتية للطرقات واحتياجاتها المالية، والتي تتداخل مع مسؤوليات مؤسسات أخرى غير وزارة المالية، في حين تم إجراء تعديل بسيط وهو جعل القيمة الأكثر ارتفاعًا للرسوم ترتبط فقط بالسيارات التي تزيد محركاتها عن 110 أحصنة.

وتضمنّت التعديلات أيضًا تخفيض الرسوم الجمركية على السيارات الآسيوية لتتوافق مع أسعارها الفعلية، حيث اعتبر النواب أن فرض الرسوم الجمركية على السيارات الآسيوية وفقًا لأسعار المركبات الأوروبية فيه ظلم للمستهلك الجزائري الذي يتحمل تكاليف نقل وشحن إضافية.

ومع ذلك، قوبل هذا التعديل بالرفض، لأن تقييم الرسوم الجمركية يستدعي وضع إطار قانوني ينظر في الأسعار المعتمدة عالميًا وكيفية احتساب الرسوم وفقًا لمصدر الاستيراد، وهو ما يستوجب دراسة معمقة تتجاوز اختصاص قانون المالية. وفي ظل هذه التعديلات التي رُفضت، بات من الواضح أن الحكومة ترى أن التعامل مع قضايا استيراد وتقييم السيارات يجب أن يتم في إطار تنظيمي شامل يشمل أكثر من جهة، لضمان مراعاة كافة الجوانب الفنية والقانونية التي تتطلبها هذه التعديلات، بما يحفظ حقوق المواطنين ويضمن تحقيق التوازن بين تحسين وفرة السيارات وحماية الاقتصاد الوطني.

نواب يختارون الحل الوسط وفي تصريح خصّ به موقع "الترا جزائر"، أفاد النائب أحمد ربحي، ممثل حزب جبهة التحرير الوطني في المجلس الشعبي الوطني، بأن المادة 203 من مشروع قانون المالية لسنة 2025 أثارت نقاشًا مستفيضًا داخل المجلس، حيث كانت مطلبًا شعبيًا ملحًا سمح بطرح العديد من وجهات النظر المتباينة حول استيراد السيارات المستعملة التي يقل عمرها عن ثلاث سنوات.

وأشار ربحي إلى أن هذه المادة لم تُستحدث حديثًا، بل سبق وأن أُدرجت في قوانين الجمارك السابقة، إلا أن بعض النواب اقترحوا تعديلها بهدف توفير خيارات إضافية للمواطنين الذين يبحثون عن سيارات بأسعار معقولة، خصوصًا في ظل ارتفاع الأسعار في السوق المحلية.

وأضاف ربحي أن لجنة المالية والميزانية في المجلس الشعبي الوطني عالجت هذا الملف باحترافية، حيث عملت على دراسة مقترحات النواب وإعادة صياغة المادة بما يتماشى مع مصلحة المواطنين، وبيّن أن اللجنة اقترحت إلغاء شرط الحظر على التصرف في السيارات المستوردة التي يقل عمرها عن ثلاث سنوات، ولكن وفق شروط تنظيمية تضمن توازن السوق.

وأوضح ربحي أنه بحسب المقترح، سيتم فرض نسبة مالية محددة على المقتني الذي يرغب في بيع السيارة قبل انقضاء ثلاث سنوات من تاريخ استيرادها، إذ يتعين عليه دفع كامل مبلغ الامتيازات الجبائية إذا أراد التصرف فيها خلال السنة الأولى، ونسبة 66 % من هذه الامتيازات خلال السنة الثانية، و33 % خلال السنة الثالثة والأخيرة. هذه التدابير، وفقًا لربحي، تهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني من الآثار السلبية لاستيراد السيارات المستعملة مع توفير مرونة للمواطنين الذين يرغبون في اقتناء سيارات مستوردة حديثة.

واعتبر النائب أحمد ربحي أن هذا التعديل جاء استجابة حقيقية لتطلعات المواطنين وحرصًا من لجنة المالية على تلبية الاحتياجات الأساسية في سوق السيارات، وأضاف أن هذه الخطوة تحمل مزايا للمستهلكين، إلا أنها قد تفرض تحديات جديدة على الاستثمار في مجال صناعة السيارات محليًا، إذ قد تؤدي وفرة السيارات المستوردة إلى تراجع الطلب على السيارات المصنعة محلياً، وأكد أن المجلس، من خلال هذه التعديلات، يحاول تحقيق التوازن بين مصلحة المستهلكين المحليين ودعم الصناعة المحلية في آن واحد.

اعتبر النواب أن فرض الرسوم الجمركية على السيارات الآسيوية وفقًا لأسعار المركبات الأوروبية فيه ظلم للمستهلك الجزائري الذي يتحمل تكاليف نقل وشحن إضافية

وفي سياق متصل، شدد ربحي على أن البرلمان يسعى لضمان انسجام كافة مواد قانون المالية مع الأهداف التنموية للدولة، وختم تصريحه بالإشارة إلى أن سلسلة من الحلقات التفسيرية ستُعقد لمواصلة توضيح بنود القانون الجديد للمواطنين وتوفير المعلومات الضرورية حوله، مما يعزز الشفافية ويزيد من فهم المواطنين للتغييرات الاقتصادية المقبلة، حيث أن قانون المالية لسنة 2025 يعد من أهم القوانين المؤطرة لاقتصاد البلاد.