28-يونيو-2024
الغرق

انتشال جثة من بركة مائية (الصورة: الحماية المدنية)

تنقل التقارير اليومية لتدخلات أعوان الحماية المدنية أنباء مؤسفة تتعلق بوفاة أطفال وشباب غرقا لارتياد الجزائريين لشواطئ غير مرخص السباحة بها، وكذا العوم في البرك المائية والسدود ، بالرغم من التحذيرات التي تطلقها مختلف الجهات الرسمية والمجتمعية، الأمر الذي يحوّل متعة الصيف إلى مأساة حقيقية تستدعي النظر في هذه أسباب هذه الحوادث.

الاستهتار بخطورة السباحة في الشواطئ الممنوعة والبرك المائية والسدود يزداد من سنة إلى أخرى، استنادا لأرقام الوفيات المسجلة

وعلى الرغم من أن المجتمع أصبح اليوم أكثر تعلما مما كان عليه في سنوات سابقة، إلا أن الاستهتار بخطورة السباحة في الشواطئ الممنوعة والبرك المائية والسدود يزداد من سنة إلى أخرى، استنادا لأرقام الوفيات المسجلة جراء هذه التصرفات غير المسؤولة.

سبب رئيسي

يشهد موسم الاصطياف لهذا العام منع السباحة بـ175 شاطئا من إجمالي 613 شاطئا موجودة على الشريط الساحلي للجزائر الممتدة من حدودها الغربية حتى الشرقية، وذلك بسبب تلوث هذه الأماكن الممنوعة أو إمكانية تشكيلها خطرا على سلامة المصطافين، وفق ما جاء في وثيقة للحماية المدنية اطلع عليها "الترا جزائر".

وتشير الوثيقة ذاتها إلى أن "تحليل الإحصائيات خلال آخر خمس سنوات، أظهر أن الأسباب الرئيسية للغرق، تبقى دائما السباحة في الشواطئ الممنوعة للسباحة أو خارج أوقات الحراسة في الشواطئ المرخصة، أي في غياب أعوان الحراسة، إضافة إلى عدم احترام التوصيات و الإرشادات الوقائية".

وخلال الفترة الممتدة من 1 على 21 حزيران/جوان الجاري ، قام أعوان الحراسة بـ 1302 تدخل سمح بإنقاذ 699 شخصا من الغرق وتقديم الإسعافات الأولية لـ365 شخصا على مستوى مراكز الحراسة، في حين تــم تسجيل وفــاة 14 شخصا تبين أن 11 منهم توفوا في الشواطئ الممنوعة للسباحة .

وتستمر هذه الحوادث المؤسفة، فخلال الساعات الأخيرة فقط، أشارت الحماية المدنية إلى تم انتشال جثة عشريني  غرق في المنطقة الصخرية  لشاطئ حي خشني ممنوع السباحة ببلدية تيبازة، وهي الحوادث التي تتكرر في عدة ولايات.

وتشير أرقام الحماية المدنية أنه قد تم في 2023، تسجيل وفــاة 214 شخصا منها 100 وفاة جراء السباحة في الشواطئ الممنوعة.

وتقول الحماية المدنية إن" السباحة في المجمعات و البرك المائية ظاهرة ما تزال تخلف الكثير من الخسائر البشريـة على المستوى الوطني، حيث تم تسجيل 75 حالة وفاة سنة 2023 ،غالبيتهم أطفال رغم الحملات التحسيسية و التوعوية التي نظمت قبل و خلال كل فترة موسم الاصطياف ،أما هذه السنة 2024 فتم تسجيل 09 حالة وفاة منها 5 في الأحواض المائية".

وقال رئيس جمعية رعاية الطفولة والشباب بباب القنطرة  بقسنطينة نذير لوادفل لـ"الترا جزائر" إن السباحة العشوائية أصبحت في السنوات الأخيرة ظاهرة تستدعي التوقف عندها والبحث معاجلتها، جراء قيام أطفال وشباب بالعوم في الأماكن الممنوعة سواء كانت شواطئ أو برك مائية أو سدود أو وديان، لأن السباحة بجميعها قد تؤدي إلى الوفاة.

لا مبالاة

وبيّن الناشط الجمعوي نذير لوادفل أن السبب الرئيسي لهذه التصرفات هو عدم مبالاة الأولياء بتصرفات أبنائهم سواء كانوا أطفالا أو شبابا، حيث قال في هذا الإطار إنه من غير المعقول أن بعض الأولياء لا يعلمون أن أبناءهم يرتادون الشواطئ التي تمنع السباحة بها.

وأضاف أنه أصبح من السهل مشاهدة قصّر في الشواطئ دون حضور أوليائهم في شبه تخلٍّ من هؤلاء عن المسؤوليات المنوطة بهم، وهو ما لم يكن يحدث في سنوات سابقة رغم أن عدد الأولياء المتعلمين كان أقل من الوقت الحالي، ما يجعل الأمر مرتبطا بالوعي وإدراك حجم المسؤولية الملقاة على الآباء تجاه فلذات أكبادهم.

وما يزال الجزائريون حتى اليوم يستذكرون الفاجعة التي شهدها منتزه الصابلات ببلدية حسين داي بالعاصمة الذي شهد وفاة 5 أطفال غرقا وإصابة اثنين آخرين جاؤوا في رحلة تنزه من ولايتي المدية والبويرة.

ويعتقد  نذير لوادفل أن من الأسباب التي تقف وراء زيادة حوادث الغرق جراء السباحة في الأماكن الممنوعة هو تأثر الشباب والأطفال بمشاهد المغامرة التي تبث على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يحاول هؤلاء القصر والشباب  تطبيق هذه التحديات واللقطات الخيالية دون إدراك أو تمييز، وذلك بالرغم من عدم امتلاكهم المهارات والتدريبات اللازمة للقيام ببعض اللقطات الاستعراضية أو السباحة من مرتفعات الشواطئ الصخرية التي لا تكون محروسة من قبل أعوان الحماية المدنية، كون السباحة ممنوعة بها.

مسؤولية مشتركة

كشف نذير لوادفل في حديثه مع "الترا جزائر" أن جمعيته تعكف على تقديم دورس للأطفال تتعلق بالسباحة، وتحذيرهم من خطر ارتياد الأماكن الخطرة للعوم  سواء من باب المتعة أو الرياضة، باعتبار أن تجنيب الشباب من الذهاب للشواطئ الخطرة ينطلق منذ الصغر، سواء على مستوى الأسرة أو المدرسة، أو الحي، لأن الإقدام على هذه التصرفات المؤدية للوفاة مرده وجود نقص في التنشئة الاجتماعية السليمة.

الجمعوي نذير لوادفل لـ "الترا جزائر": يجبُ أن تلعب كل المؤسسات المجتمعية دورها، ومنها المسجد عبر أئمته المطالبين بتقديم دروس وخطب توعوية تحذر من  السباحة في الأماكن الممنوعة الخطرة، لأن ارتيادها بمثابة الإقدام على موت متعمد

ودعا الناشط الجمعوي ذاته إلى ضرورة أن تلعب كل المؤسسات المجتمعية دورها، ومنها المسجد عبر أئمته المطالبين بتقديم دروس وخطب توعوية تحذر من  السباحة في الأماكن الممنوعة الخطرة، لأن ارتيادها بمثابة الإقدام على موت متعمد.

ويقر  رئيس جمعية رعاية الطفولة والشباب بباب القنطرة بولاية قسنطينة غير الساحلية بوجود مسؤولية يتحملها المنتخبون والمسؤولون المحليون، بالنظر إلى تقصيرهم في توفير فضاءات الترفيه بالولايات غير الشاطئية يدفع بأبنائها من ذوي الإمكانات المالية المحدودة إلى السباحة في البرك المائية والوديان والسدود.

واستهجن نذير لوادفل إقدام بعض المسؤولين المحليين بغلق المسابح العمومية في فصل الصيف لأسباب تكون في الغالب غير مفهومة، حيث يتم التحجج بانتهاء الموسم الرياضي، في حين أن شباب وأطفال الولايات الداخلية يكونون في فصل الصيف في أمس الحاجة لهذه المسابح المملوكة للدولة للترفيه عن أنفسهم وتجنب الذهاب للوديان أو البرك المائية.