21-نوفمبر-2019

الحراك الشعبي رفع شعارات رافضة لتدخل الإمارات (فيسبوك/الترا جزائر)

شرع وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، خلال الأسبوع الجاري، في زيارة رسمية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وذكرت وزارة الشؤون الخارجية في بيان لها، أن الوزير سيجري محادثات مع نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان ومسؤولين إماراتيين تتمحور حول واقع العلاقات الثنائية بين البلدين، مضيفًا أن الجانبين "سيبحثان خلال الزيارة سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتنويعها في كافّة المجالات".

محمد هناد: زيارة وزير الخارجية الجزائري إلى الإمارات يهدف إلى الحصول على التأييد الغربي

تتزامن زيارة وزير الخارجية الجزائري إلى الإمارات العربية المتحدة، والظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي تعرفها البلاد، وتأتي هذه الخطوة الدبلوماسية، مباشرة بعد المصادقة على قانون المالية وقانون المحروقات لسنة 2020، ما يجعل الحدث محلّ قراءة ومتابعة من عدّة زوايا؛ حيث يعرف الشأن الوطني انتكاسات وارتدادات إقليمية وجب على الجزائر التفاعل معها، والتعامل وفق محيطها الدولي.

اقرأ/ي أيضًا: "لا للإمارات في أرض الشهداء".. الحراك الجزائري يشخص أعداءه

مساعدات مالية

في سياق مرتبط بالزيارة، تعرف الجزائر عجزًا في الموازنة العامّة، وتبحث عن تعزيز سيولتها المالية عبر اللجوء إلى البنوك الدولية، والعربية والإفريقية، بقصد تمويل مشاريعها الهيكلية والاستراتيجية، وسدّ العجز المالي، وتعتبر بنوك الإمارات العربية المتّحدة، أحد الخيارات التي قد تلجأ إليها الجزائر، وتُسند هذه القراءة بحسب المتابعين، إلى صدور النصوص التطبيقية بالجريدة الرسمية الجزائرية في الفترة الأخيرة، وهي النصوص المنظّمة لعمل البنوك بالصيرفة الإسلامية، تحت مسمّى "الصيرفة التشاركية"، كخطوة أولى أو على المدى الطويل، تحقيقًا لتطبيقات المالية الإسلامية ضمن نماذج التنمية.

تمتلك دولة الإمارات خمسين بنكًا تجاريًا، من بينها 22 مصرفًا محليًا، وهو عدد يُنظر إليه على أنه مرتفع جدًا في بلد تعداد سكانه نحو 9.5 ملايين نسمة، وقد عرفت بعض البنوك الإماراتية في الفترة الأخيرة أزمة مالية، نظرًا إلى ضيق سوق التعاملات المالية، وتراجع السوق العقاري.

تهدف الجزائر إلى استقطاب رأس المال الإماراتي، عبر تشريع المعاملات البنكية الإسلامية، وبحسب خبراء، فإن الأرضية التشريعية، تسعى إلى جذب وتحفيز البنوك الخليجية عمومًا، والإمارات بشكلٍ خاص على الاستثمار البنكي في الجزائر. وما يرجح هذه الطرح أيضًا، هو ضعف البنوك التقليدية المحليّة، من تطبيق الواقعي، والفعلي للصيرفة الإسلامية، بينما البنوك الخليجية، شهدت قفزة نوعية، عبر تقديمها قيمة مضافة في مجال الصيرفة الإسلامية.

أبعاد الزيارة السياسية

من جهته، يرى الأستاذ في العلوم السياسية بالجامعة الجزائرية، محمد هناد، في حديث إلى "الترا جزائر"، أن زيارة وزير الخارجية الجزائري إلى الإمارات العربية في هذا التوقيت، ليست زيارة روتينية، بل قد تحمل إشارات سياسية وأهدافًا اقتصادية في الوقت نفسه؛ فالشقّ الاقتصادي يتجسّد في مناقشة مسألة الحصول على قروض مالية من الإمارات العربية المتحدة، نظرًا إلى الظروف الصعبة التي تمرّ بها الجزائر.

أمّا الجانب السياسي يستطرد المتحدّث: "في غياب معطيات ملموسة، قد يكون هناك مبرّر سياسي، يهدف إلى الحصول على الشرعية والتأييد الغربي عن طريق أبوظبي، في سياق الانتخابات التي تلقى رفضًا شعبيًا".

ويبرّر هناد موقفه، بأن السلطة تحتاج إلى تأييد دولي لتمرير هذه الانتخابات واستعدادها للجوء إلى القوّة في حالة اعتراض خارطة الطريق التي ترسمها، ويرى المحلّل السياسي أن التواصل مع الإمارات، لا ينفي التواصل مع باقي العواصم الفاعلة كباريس أو موسكو، لكن زيارة أبوظبي، لا تُثير ردود فعل رافضة، رغم سخط الحراك الشعبي على التدخّل الإماراتي في شؤوننا الداخلية.

البحث عن شرعية دولية

في السياق نفسه، يرى المحلّل السياسي عادل أورابح في حديث مع "الترا جزائر"، أن الإمارات العربية تمتلك نفوذًا على القرار العربي، بل وحتى التأثير بشكلٍ غير مباشر على قرارات العواصم الغربية، ويعتبر المتحدث أن زيارة وزير الخارجية بوقادوم "تندرج في إطار السعي إلى حشد الدعم الدولي عبر الإمارات العربية".

أمّا الأستاذ في العلاقات الدولية، خالد تازي، فيعتقد أن زيارة وزير الخارجية صبري بوقادوم إلى الإمارات في السياق الحالي مرتبطة بالانتخابات، كما قد ترتبط بالمشاريع الاقتصادية وصولًا إلى استدانة غير مباشرة، أي تمويل إماراتي مقابل منح عقود التسيير للشركات المقرضة.

ويخلص تازي، إلى أن هذه الزيارة في هذا الظرف الحساس، تهدف إلى طمأنة المصالح الخارجية على استثماراتها، وعلى الصعيد الإقليمي، هي مناسبة تبدي فيها الجزائر مواقفها الدبلوماسية الكلاسيكية إزاء الأحداث في المنطقة العربية والأفريقية.

وبخصوص تموقع الجزائر خارجيًا، ضمن المحاور والاستقطابات الدبلوماسية التي تقودها الإمارات، أكد الدبلوماسي السابق، عبد العزيز رحابي، في حديث إلى "الترا جزائر"، أن السياسية الخارجية الجزائرية لا تتموقع داخل تكتّلات سياسية تمسّ بمبادئها الكلاسيكية، خاصّة مبدأ عدم التدخّل في الشأن الداخلي للدول، سواءً العربية أو غيرها، وأردف رحابي، أن الجزائر تحافظ على مسافة واسعة من كل الصراعات الدولية والإقليمية، ما عدا الالتزام بالقرارات الأممية التي تحظى بإجماع المجتمع الدولي.

تباين في المواقف الدبلوماسية

يؤكّد بعض المراقبين أن العلاقات الثنائية الجزائرية الإماراتية، حتى وإن كانت جيّدة، فإن هناك مساحات للتباين وعدم التوافق بين البلدين، وهذا في ملفات وقضايا إقليمية عديدة، سواءً تعلّق الأمر بالملف الليبي، أو قرار حصار قطر، وكيفية إدارة الأزمة في اليمن، والصراع السوري، وملفّ القضية الفلسطينية، وهي ملفّات تمتلك فيها الجزائر مقاربة دبلوماسية تختلف كليًا عن المقاربة الإماراتية.

استثمارات الإمارات في الجزائر محدود في مجال النفط ولا تحصل شركاتها على حصص معتبرة 

 أما بخصوص حجم الاستثمارات الإماراتية في الجزائر، فتؤكّد تقارير إعلامية محدوديتها في مجال بعض الشركات الخاصّة التي تنشط في خدمات النفط، إذ لا تمتلك حصصًا معتبرة، غير أن وجود الإمارات الظاهر، هو في مصنع السيارات العسكري، وإدارة الموانئ، وشركة التبغ المختلطة، وبنك السلام الإماراتي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بعد تصويتهما ضدّ المغرب.. الجزائريون ساخطون على الإمارات والسّعودية

الإمارات والحراك الجزائري.. عداء قديم متجدد