26-يوليو-2024
زبيدة عسول، لويزة حنون، سعيدة نغزة (الترا جزائر)

مترشحات للرئاسيات الجزائرية (الترا جزائر)

 في منتصف شهر حزيران/ جوان الماضي، فاجأت ثلاثة أسماء نسائية الإعلام والمشهد السياسي عمومًا في الجزائر، بعدما أبدت كلّ واحدة منهنّ نيتها ورغبتها في الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في الـ 7 أيلول/ سبتمبر المقبل، غير أنّ "الرياح هبت عكس ما تشتهيه لعبة السياسة وشروط التقدم للترشح لأعلى منصب في الدولة الجزائرية، باعتلاء سدة الحكم.

إلى غاية البتّ النّهائي في الطّعون من قِبَل المحكمة الدستورية وتدقيق كل الملفات قبل الثالث من شهر آب/ أوت الدّاخل، يبدو أنّ الهدف بات بعيدًا عن " تأنيث المشهد الانتخابي"

إلى غاية البتّ النّهائي في الطّعون من قِبَل المحكمة الدستورية وتدقيق كل الملفات قبل الثالث من شهر آب/ أوت الدّاخل، يبدو أنّ الهدف بات بعيدًا عن " تأنيث المشهد الانتخابي"، وذلك على الأقل في هذه الطبعة السابعة من تنظيم انتخابات في عهد التعددية السياسية منذ دستور 1989، والأولى من نوعها منذ إقرار دستور 2020.
سقط في الماء

قبل المضي نحو إعداد ملف التقدّم للترشح لانتخابات 2024، سبق للأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، أن خاضت الاستحقاقات الرئاسية لثلاث مرات، وذلك في انتخابات (2004-2009-2014)، وهي التجارب التي "صقلتها سياسيًا"، على الأقل باعتبارها مناضلة لأجل المطالب العمالية.

كما تملك حنون رصيدًا لافتًا منذ وجودها على رأس الحزب، لكنها انسحبت من سباق الانتخابات قبل أن يبدأ لأسباب "تقنية وانتخابية".

واعترفت حنون عدم قدرتها على مواصلة المسار احتجاجًا على العملية الانتخابية التي "تفتقر إلى حرية الترشح التام"، على حد قولها.

بينما الراغبة في الترشح، سيدة الأعمال سعيدة نغزة، فلم يتم قبول ملفها من قبل السلطة الوطنية للانتخابات، على أساس أنّها لم تكمل النّصاب القانوني، في المقابل من ذلك، وجهت اتهامات للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، بأنها أجهضت حقها في الترشح.

ولما كان القانون الانتخابي يفرض على كل مرشح جمع 600 توقيع فقط من أعضاء البرلمان والمجالس المحلية، فإنّ نغزة قالت بأنّها "أودعت 780 استمارة، متسائلة: أين ذهبت الاستمارات؟"

بعيدا عن الاقتصاد، المرّة الأولى تزجّ نغزة بكلّ ثقلها في السياسة، وهي القادمة من وسط المال والأعمال من موقعها رئيسة الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، غير أنها بحسب العارفين للشأن السياسي، دخلت المعترك الانتخابي كتجربة أولى تحسب لها في رصيدها من بين الراغبين في الترشح لرئاسيات 2024"، في انتظار ما ستحمله لها الأيام المقبلة في علاقة بقرار المحكمة الدستورية.

بينما الراغبة الثالثة في الترشّح، القاضية السابقة، ورئيسة حزب "الاتحاد من أجل الرقي"، زبيدة عسول، كانت في السابق من الرافضين بالاعتراف بالمسار الانتخابي في 2019، إلا أنّها وبعد أربع سنوات، مالت القاضية عسول كلّ الميل في 2024، نحو المشاركة والحلم بمنصب أعلى هرم السلطة في البلاد، قائلة إنّ " التغيير السياسي يتمّ بالمشاركة والفعل وليس بالركون في رصيف الميدان وعلى هامش الأحداث".

لكن بين الحلم والحقيقة بُون شاسع، إذ قدّمت رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي، 31 ألف استمارة فارغة غير مملوءة إلى السلطة الوطنية للانتخابات، في مقابل جمعها لـ 700 ورقة اكتتاب فقط من النّاخبين، وهو ما أثار استغرابا في عديد الأوساط، لكن في النهاية، وحتى وإن رفض ملفها، إلا أنّ إقدامها على هذه الخطوة يعتبر " التزاماً سياسياً مع المشاركة في مسار رئاسيات 2024".

وجدير بالإشارة هنا إلى أنّ القانون يفرض على كل مرشح جمع 50 ألف توقيع من المواطنين المسجلين ضمن القوائم الانتخابية من 29 ولاية على الأقل، بحيث لا يقل عدد التواقيع من كل ولاية عن 1200 توقيع، أو تقديم 600 توقيع فقط من أعضاء البرلمان والمجالس المحلية.

واحدة فقط .. بالأرقام

وصلت زعيمة حزب العمال لويزة حنون إلى بوابة الانتخابات الرئاسية لثلاث مرات، إذ حصلت المرشحة السابقة لمنصب رئيس الجمهورية في نيسان/ أفريل 2004 على 1% من أصوات الناخبين، أما في انتخابات الرئاسة لعام 2009 حصلت على 4.22% والمرتبة الثانية بنحو 650 ألف صوت، فيما حصل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على أكثر من 13 مليون صوت.

كما واصلت حنون المغامرة الانتخابية لثالث مرة في مشارها السياسي وذلك في سنة 2014، لتحصد نسبة 1.37 في المئة من أصوات النّاخبين.

المشهد السياسي من دون " المؤنث"

قبل أيام توقع كثيرون مرور إحدى المترشحات نحو المنافسة الانتخابية، وعلى الأقلّ المرور إلى مرحلة تنظيم الحملة الانتخابية، بتوليفة تضمّ الرجال ووجهين نسائيين، أو واحدة منهما، يقول المحلل السياسي، عبد الرزاق واعلي، كما اعتبر المغامرة بالنسبة للمتقدمات للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، "تعوزها الخبرة والتجارب إن استثنينا مرشحة حزب العمال"، كما قال.

وأضاف واعلي في إفادته لـ" الترا جزائر" أنّ " غربال القانون" قطع الطريق أمام ذلك المشهد الانتخابي الذي مان مرشحا لظهور صور جديدة ووجوه جديدة، من بينها أسماء بـ" صيغة المؤنث".

وفي المقابل من ذلك، تمسّكت نغزة بترشحها، في جوّ لا يعدو فيه حضور المرأة في الانتخابات الجزائرية " حضورًا صوريًا" إن تمّ إحصاء المرات التي أقبلت فيها النساء لهذا المنصب والتي اقتصرت كما ذكر سابقا في شخص لويزة حنون، لتبقى المرأة في النضال السياسي حبيسة بعض المناصب القيادية على مستوى البرلمان بغرفتيه، أو على مستوى المجالس المحلية المنتخبة، ناهيك عن دورها في الساحة المدنية.

انتهت المرحلة الأولى من غربلة ملفات الراغبين في الترشح إلى قبول ثلاثة فقط، مع خلو القائمة المبدئية من النساء، في انتظار قرارات المحكمة الدستورية، فإن حلم رؤية امرأة في المنافسة الانتخابية، اندثر، خصوصًا وأنّ قرارات المحكمة نهائية، في حين أن بصيص الأمل لمرور واحدة من راغبتين في الترشح بات ضئيلا بل منعدمًا.