08-يونيو-2024

(تصوير: بلال بن سالم/GETTY)

لا إشارات ولا مطالب علنية بشأن دعوة ملاحظين دوليين للمشاركة في متابعة الانتخابات الرئاسية في الجزائر على بعد أقل من 100 يوم عن موعد إجراء الدور الأول منها، رغم وجود نص تشريعي يُتيح دعوة هؤلاء الملاحظين.

جلول جودي لـ"الترا جزائر": الملاحظون الدوليون الذين راقبوا الانتخابات في استحقاقات سابقة لم يتمكنوا من مجابهة عمليات التزوير

وخلال جلسة المشاورات التي جمعت الرئيس عبد المجيد تبون بممثلي 27 حزبًا في 21 أيار/ماي الأخير، لم يكن المطلب على قائمة القضايا التي تم رفعها إلى رئيس الجمهورية بمن فيهم ممثلي المعارضة المرشحين في هذه الانتخابات، حسبما رشح من الجلسة.

ونوّهت الأحزاب في كلمتها أمام الرئيس إلى أهمية تهيئة الأجواء السياسية لإنجاح الموعد الرئاسية. وتحيين التشريعات الانتخابية وتمكين المعارضة من الوصول إلى الناخبين عبر وسائل الإعلام العمومية.

وبحسب مسؤولين في حركتي البناء الوطني ومجتمع السلم تحدث "الترا جزائر" إليهم فإنّ "مسالة الملاحظين لم تكن محل بحث أو دراسة على مستوى اللجان والورشات التي شكلها الحزبان لإصلاح الأنظمة التشريعية."

الأفضلية الوطنية

وأوضحت زبيدة عسول، التي كانت أول شخصية حزبية تعلن نيتها في خوض السباق الرئاسي، في تصريح لـ"الترا جزائر" أنّ "مصداقية أي مسار انتخابي تمنح من لدن الموطنين وليس غيرهم."

وقالت القاضية السابقة أنّه "بدل توجيه الدعوة لملاحظين أجانب أُفضِل أن توكل مهام الرقابة لجهات وطنية ممثلة في جمعيات غير حكومية وكفاءات وطنية وبتوفير شروط إجراء انتخابات حُرة ونزيهة تتوافق مع المبادئ الأساسية المنصوص عليها في الدستور وهي المساواة والتكافؤ بين المرشحين. وعدم استغلال وسائل الدولة للدعاية لصالح أي مرشح."

ووفق رئيسة حزب الاتحاد من أجل الرقي والتغيير، فإن "الاستعانة بالملاحظين الأجانب يُوحي بعدم وجود الثقة في القدرات الوطنية".

وفي السياق ذاته، قال جلول، جودي عضو قيادة حزب العمال، الذي يخوض هذه الانتخابات بمرشحه لويزة حنون، إنّ "وجود الملاحظين الأجانب لا يقدم الإضافة للعملية الانتخابية."

وفي حديثه لـ"الترا جزائر" أفاد بأنّه "لم يتمكن الملاحظون الدوليون الذين تمت دعوتهم سابقًا من مجابهة عمليات التزوير، التي حصلت في الانتخابات بل العكس من ذلك بصموا على أنها مرت بكل نزاهة ومصداقية وشفافية فيما الواقع يُشير إلى عكس ذلك."

ورأى جودي أنّ "ضمان نزاهة العملية الانتخابية يأتي بالقرارات السياسية، التي تزرع الطمأنينة والارتياح في نفوس الجزائريين وتعديل القانون للحد من أعمال التزوير. أما الملاحظين فلا يمكنهم وضع حد للممارسات التي سادت وتسود في الانتخابات."

ولا يعدُّ موقف حزب العمال مفاجئًا فالموقف ذاته عبّر عنه في المواعيد الانتخابية السابقة متذرّعًا بأن "هؤلاء المراقبين شهود زور".

وفي الصدد، صرّح، رشيد حساني مسؤول الإعلام في التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية "الأرسيدي" أنّ "كل الجزائريين يعرفون من هو رئيسهم القادم". مضيفًا: "في اعتقادنا لن يغير وجود المراقبين في قَدَر الانتخابات."

قيمة مضافة

على العكس، يرى، عضو مجلس الأمة، إلياس عاشور، الذي شارك ضمن بعثة الجمعية البرلمانية للاتحاد المتوسطي إلى تونس لمراقبة الانتخابات التشريعية في كانون الأول/ديسمبر 2023 أن "حضور الملاحظين الأجانب في أي انتخابات يعدُّ واحدًا من الضمانات الإضافية لشفافية أيّ اقتراع وللتسويق لها دوليا."

واستدرك عاشور في حديثه لـ "الترا جزائر"، هنا ليقول: "بجانب تواجد الملاحظين الأجانب فإنه يتوجب إصلاح آلية عمل سلطة الانتخابات. بدءًا بمراجعة آليات اختيار أعضائها". ليكمل: "ليس من العدل أن تشرف هيئة تضم معينين على الانتخابات".

وفي السياق ذاته، يؤكد، النائب محمد سقراس، المنضم حديثًا لقائمة مراقبي الاتحاد الأفريقي أنّ "مشاركة الملاحظين الدوليين يعطي قيمة مضافة للرئاسيات."

وتحدثت منار فتني، عضو الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات السابقة، عن المكانة التي يحوزها وجود مراقبين دوليين في أي انتخابات "باعتبارها من الضمانات الإضافية لتعزيز الثقة في العملية الانتخابية وخصوصا الانتخابات الرئاسية والاستفتاء"، وفقها.

وأبرزت فتني بأنّ "من إيجابيات تواجد المراقبين الأجانب في الانتخابات، زيادة عن إطلاع المجتمع الدولي على التزام الانتخابات بالمعايير الدولية، سيُعطي تواجدهم مصداقية لأجواء الانتخابات."

 تجارب سابقة

استعانت السلطة بالجزائر في محطات انتخابية سابقة بمراقبين أجانب، حيث شارك في مراقبة سير الانتخابات التشريعية لـ 10 أيار/ماي 2012 حوالي 500 ملاحظ دولي منهم 120 ملاحظَا للاتحاد الأوروبي.

وجرى استقبال بعثة الاتحاد الأوروبي بثلاثة أشهر عن موعد إجراء الانتخابات. كما استقبل وفد عن المعهد الديمقراطي الأميركي في الفترة ذاتها تقريبًا. بينما رفض مركز "كارتر" التجاوب مع الطلب الجزائري لعدم كفاية المدة المتاحة له للقيام بمهامه حيث يشترط دعوته بـ6 أشهر عن موعد أي عملية تصويت سواء تعلق الأمر باستفتاء أو انتخابات.

وخرجت البعثة الأوروبية للملاحظين بتقرير لم يرض السلطات، رغم تضمنه أشياء إيجابية إذ تضمّن انتقادات لتطبیق بعض الإجراءات التنظیمیة في الإطار القانوني للانتخاب، والذي تعتریه حسب التقریر بعض النقائص.

زبيدة عسول لـ"الترا جزائر": بدل توجيه الدعوة لملاحظين أجانب أُفضِل أن تُوكل مهام الرقابة لجهات وطنية ممثلة في جمعيات غير حكومية وكفاءات وطنية وبتوفير شروط إجراء انتخابات حُرة ونزيهة

وأشار التقرير إلى "نقص شفافية العمليات داخل اللجان الانتخابية بسبب الحضور المحدود لممثلي الأحزاب السياسية والمرشحين وغيابهم في عدة حالات."

كما اعتبر أن "عدم نشر النتائج المفصلة قلّل من شفافية هذا المسار الانتخابي. مما عقّد من وضوح المقاعد الممنوحة التي كانت محل احتجاج من قبل بعض الأحزاب السياسية وممثلي المجتمع المدني."

 وفي المواعيد الانتخابية التي جرت في 2014 ثم 2017 تقلص حضور المراقبين الغربيين ومنهم مراقبي الاتحاد الأوروبي إلى بعثة تقنية من عدد قليل من الأشخاص مثله مثل الأمم المتحدة. بينما حافظ الملاحظون المنتمون إلى الاتحاد الأفريقي، الجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي على حضورهم وبإعداد كبيرة.

وكان مقررًا مشاركة مراقبين دوليين في انتخابات 18 نيسان/أفريل 2019 الملغاة، لكن السلطات تراجعت عن ذلك في انتخابات كانون الأول/ديسمبر من العام ذاته بمباركة المرشحين الخمسة لذلك الاستحقاق (عبد العزير بلعيد، عبد القادر بن قرينة، علي بن فليس، عبد المجيد تبون وعز الدين ميهوبي)، بذريعة "رفض التدخل الأجنبي وأن الانتخابات شأن داخلي يخص الجزائريين."