12-يوليو-2024
تمور المنقر (فسبوك)

تمور المنقر (فسبوك)

فريق التحرير – الترا جزائر

تمور المنڤر أو الرطب، هي الأكثر شيوعًا في أواخر الصيف في عدد من ولايات الجنوب الجزائري، حيث كسب شعبيته من اختلاف الطبيعة التي تتميز بها هذه المناطق، فهو عبارة عن بواكير التمور بل وبات أهم هدية تقدّم للزوار أو استقبال الضيف، كما أنها تعرض في الأسواق مع نهاية موسم الحرارة.

بالرغم من منافستها الشديد لتمور دقلة نور المشهورة في واحات النخيل في الجنوب، إلا أن تمور المنڤّر، باتت تحتل الأسواق مع دخول الصيف

يطلق عليها المنڤر أو البسر في عدد من المناطق مثل وادي سوف، ومن ميزاتها الأساسية أنها غرس في بداية نضوجه، فهي نصف ناضجة، إذ ينقسم لون التمرة إلى نصفين؛ أصفر فاقر وبني فاتح، بينما مذاقها قريب من مذاق العسل لحلاوتها، مع وجود اختلاف في المذاق أيضًا بينها وبين أصناف أخرى من التمور مثل دقلة نور ومشدقلة.

معروف أن بيئة النخيل هي المناطق الصحراوية الجافة، وحتى تستوي هذه التمور وتكون في المتناول، تحتاج خلال مرحلة النضوج لدرجة حرارة عالية، حتى أن هناك مقولة في الذاكرة الشعبية يردّدها السكان، (إذا فاتوا شهرين في الصيف يطيب المنڤر بالسيف).

ومعروف بين سكان المناطق الحارّة في الجزائر، أنه حين يتذمّر أحدهم من حرارة الطقس، يرد عليه أحدهم أن الحرارة مفيدة لاستواء التمر ويقصد هنا فاكهة المنڤر، وربما يرد عليه المتذمر بالقول: "ما إن ينضج هذا التمر سننضج نحن أولًا".

ربما لم تدخل هذه الفاكهة إلى كل بيوت الجزائريين، إلا أنها تعتبر وجبة شبه كاملة إن اقترنت بالحليب البارد أو لبن الماعز المحضر في جلود "الشكوة"، وإن كان كثيرون لم يتذوّقوا هذه التمور من قبل فإن أنّ سكان المناطق الجنوبية يعتبرونها إيذانًا بدخول موسم الفرحة لأنها تعبر عن التفاؤل بموسم جيد للتمور.

نصف النضج

بالرغم من منافستها الشديد لـتمور دقلة نور، المشهورة في واحات النخيل في الجنوب، إلا أن تمور المنڤّر، باتت تحتل الأسواق مع دخول الصيف، وتلقى رواجًا كبيرًا، في أوساط المواطنين، بينما عملية الاعتناء بها إلى غاية مرحلة جنيها تحتاج إلى جهد كبير.

تمر عملية الاعتناء بـ" المنڤر" بمراحل متسلسلة طول السنة، إذ تحتاج النخيل إلى العناية بدءًا من مرحلة " قطع الجريد أو ما يعرف بما يسمى "التحمار" ثم التلقيح وتسوية العراجين أو ما يعرف لدى الفلاحين بـ "التعدال" لتليها بعد ذلك مرحلة الجني والبداية بجني التمور اللينة مثل الغرس والمنڤر، وبعدها يتم تغليف العراجين من نوع دقلة نور بالأكياس البلاستيكية، أما على خلاف فاكهة الصيف، فإن المرحلة لجني التمور فيتم في فصل الخريف.

اللافت أن هذه العملية، كثيرًا ما تستهوي الفلاحين، نظرًا لتوزع الملايين منها النخيل في البساتين عبر عديد المناطق، غير أنها في المقابل من ذلك حرفة شاقة خصوصًا في عز الصيف، فهي بذلك تحتاج إلى أيدي عاملة من متسلقي النّخيل لقطفها ثم توضيبها لتكون متاحة في التسويق خلال هذا الفصل.

على 3 مراحل

وبخصوص ذلك، يُقطف المنڤر باكرًا من نخيل الغرس أو "الغرساية" كما يطلق عليها باللهجة المحلية، كما يشتهر نموها بكميات كبيرة في مختلف بساتين النخيل، نحو مناطق بسكرة وإن صالح وإن غر وأدرار، كمناطق حارة جدًا في فصل الصيف.

واللافت أن عملية جني التمور تتمّ بطرق تقليدية وبعناية كبيرة إذ تتطلب الكثير من الجهد، كما تسند هذه الوظيفة لفلاحين ذوي الخبرة لتسلق النخيل بحذر كبير، ودقة أيضًا في اختيار التمور التي تقترب من النضج.

 لكن قبل أن تتحول فاكهة المنڤر إلى ما هي عليه تؤكل في مراحل قبل النضج حين تكون خضراء اللون وفي تلك الحالة تسمى "البسّاس" وفي هذه المرحلة التي تصل إلى خمسة أسابيع يكون فيها "البسّاس" أو الطلع حلو المذاق مُستصاغًا للأكل، وربما يجهل كثيرون أن هذه الفاكهة تؤكل في هذه المرحلة نصف طازجة، وبعدها تؤكل في شكّلها حين يكن نصفها أصفرًا ونصفها رطبًا وحين تستوي ويكتمل نضجها في العراجين تُجنى غرسًا وتُخزّن في الأوعية لفصل الربيع القادم.

صبورة ومقاومة للتلف

تُعرف على هذه الفاكهة أنها "صبورة ومقاومة للتلف" إذا تم تخزينها بالطرق التقليدية، وقد كانت قديمًا تخزّن في جلود الحيوانات حين تصبح غرسًا في عراجين النخل، حيث يتم حشوها متراصّة في جلود الماعز أو ما يُعرف محليًا باسم "البطانة"، وفي فصل الربيع يُصنع من تمرها بعض الحلويات التقليدية المعدّة من الغرس، وهي البراج أو المبرجة والرفيس وغيرها من الحلويات العصرية التي أصبحت تعد من هذه التمور.

قبل أن تتحول فاكهة المنڤر إلى ما هي عليه تؤكل في مراحل قبل النضج حين تكون خضراء اللون

أسعار هذه التمور في السوق ليست رخصية الثمن، ففي هذا الوقت من السنة تتراوح أسعارها ما بين بين 550 و700 دينار جزائري، للكيلوغرام الواحد، وفق مذاق وحجم هذه الفاكهة، لكنه في المقابل من ذلك، من الضروري استهلاكه في مدة لا تتجاوز ثلاثة أيام، نظرًا لهشاشته.