03-يونيو-2024
حملة الكوفية

(الصورة: فيسبوك)

أطلق عدد من رواد منصات التواصل الاجتماعي هذه الأيام حملة تدعو التلاميذ المقبلين على شهادة التعليم المتوسط والبكالوريا لدخول هذا الامتحان المصيري مرتدين الكوفية الفلسطينية، تضامنا مع شعب غزة أمام العدوان الصهيوني المستمر منذ السابع تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

حملة "الامتحانات بالكوفية" أثارت جدلًا واسعًا عبر المنصات بشأن جدواها بين من يحسبها أضعف الإيمان لنصرة فلسطين ومن يراها نوعا من خُطط الغش

وأحدثت المبادرة أو "حملة الكوفية" تباينًا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي فمنهم من رآها "مبادرة بسيطة" للتعبير عن دعم الجزائريين للشعب الفلسطيني، في ظل معاناتهم من العدوان الصهيوني. بينما ربطها آخرون بوسيلة غش في الامتحان المصيري الذي تُفرض فيه إجراءات وتدابير خاصة، تصل إلى المتابعات القضائية ضدّ الغشاشين.

دعم لـ"حملة الكوفية"

وآزرت، صفحة "منصة الإبداع لسنوات الابتدائي المتوسط والثانوي الأستاذة أم جوري"، مبادرة ارتداء الكوفية الفلسطينية خلال امتحانات نهاية السنة في الفترة الممتدة من الإثنين الثالث من حزيران/جوان إلى الخميس 13 تموز/جويلية 2024، قائلة: "أبطال البكالوريا و "البيام" هبوا إلى نصرة إخوانكم هذه الرسالة لكم.."

وكتبت : "السلام عليكم، فكرة جميلة جدًا طرحت من قبل بعض الأشخاص. كما تعلمون اقترب امتحان شهادة الباكالوريا والرابعة متوسط، وكمتمدرسين تستطيعون دعم القضية بما استطعتم خصوصًا أن الإعلام سيسلط كل الضوء عليكم في تلك الأيام."

وأكملت منشورها بـ"من لديه ثوب فيه علم فلسطين أو شيء يخصها فليرتديه. من لديه كوفية فليلبسها،من لديه علم فليذهب به أو ليرى كيف يضعه، وكل حسب ما استطاع.. تستطيع أن تكتب عبارة عن القضية أو المقاطعة في ورق وتحضره، عادي جدًا؛ بل وسيكون شيئا ممتازًا."

ووفق صفحة الأستاذة أم جوري فإنّه "وهكذا تكون قدمت شيئًا ولو بسيطًا حتى تذكّر الناس وتجعل الإعلام يعرض القضية ويتذكرها، وإذا عملوا معكم حوارات في الشارع، تكلموا على القضية وذكروهم بالدعاء والمقاطعة والتبرع، فكثير سيشاهدونكم عبر التلفاز، ادعم بما استطعت،دعمك مقاومة."

وفي تفاعلها على منشور للأستاذ حسام معجوج حول الجدل، علّقت، رانية حمروش، وهي تدعم المبادرة: "كل واحد ووجهة نظره، في رأيي عادي يلبس المترشح الكوفية لن يؤثر على تركيزه أبدًا وتبقى شيء رمزي لدعم القضية الفلسطينية ممكن يظهر شيء تافه ولا يزيد في الأمر شيئا.. لكن صدقني تأثيرها المعنوي كبير سواء على الطلبة أو على صورة الجزائر."

وأردفت: "وأنا ضد فكرة مراهقين فهم كبار ومسؤولين ويجب أن نتعامل مع من يبلغ سن الرشد بهذه العقلية حتى لا نقع في فخ العلمانيين."

وسيلة للغش

وشكّك كثيرون في فحوى وخلفية المبادرة، بينما ذهب عدد كبير من الناشطين إلى اعتبارها وسيلة غش لا غير، فالأستاذة الجامعية، إيناس نجلاوي، قالت: "المهم في بكالوريا 2024 منع الغش، وليس تعميم ارتداء الكوفية الفلسطينية."

وأبرزت في منشور لها عبر حسابها على فيسبوك بأنّه "فلا يشرّف القضية الفلسطينية، وهي آخر من يرفع شعار الله ورسوله ويقاتل نيابة عن أمة الإسلام المتقاعسة، أن يحمل رايتها تلاميذ كسالى غشاشون يبرعون في الاستعمال السيء للتكنولوجيا الحديثة لأجل الغش في الامتحانات، بتشجيع من الأولياء في كثير من الأحيان، بغية الحصول على شهادة، تم تمييعها بامتياز، تضمن الانتقال إلى جامعة "ل. م. د"، فيصير لكل مواطن "ماسطر ودكطوراه" (ماستر ودكتوراه)."

وعلّقت عن المبادرة صاحبة حساب "سيرتا نوميديا" (اسمين قديمين لولاية قسنطينة)، قائلة: "منذ يومين انتشرت فكرة أن يجتاز تلاميذ البكالوريا امتحاناتهم بارتداء الكوفية الفلسطينية."

وأكملت: "رغم تأييدي المطلق للقضية قلبا وقالبا، ورغم كوني أم تلميذ بكالوريا، ورغم اعتزازي بارتداء أولادي للكوفية، إلّا أني أعارض وبشدة ارتداءها خلال امتحانات البكالوريا."

وربطت صاحبة المنشور ذلك بأنّه "تظاهرنا بالغباء لتجاوز بعض التفاهات لا يعني أننا أغبياء فعلا.. فكرة ارتداء الكوفية وراءها نية مبيتة للمساعدة على عملية الغش باستعمال السماعات."

ودعت إلى "عدم المتاجرة بالقضية. عندك الشارع والأماكن المفتوحة البس فيها الكوفية وعبر على تضامنك؛ البكالوريا عبّر فيها على نجاحك فقط."

تحذيرات من التشويش

وفي المقابل، حذّرت، صفحة الأستاذ دبابغة جمال الدين لمادة التربية الإسلامية، على فيسبوك، من "الإخلال بالنظام العام المتعلق باجتياز امتحان وطني."

ونشرت الصفحة منشورًا مطولًا، نبّهت، فيه التلاميذ وأوليائهم إلى أنّ المنشورات التي تدعو التلاميذ المترشحين لاجتياز امتحان "البيام" و "البكالوريا" إلى ارتداء العلم الفلسطيني أو ما يرمز للقضية، "أمر خطير".

وعدّدت أسباب ذلك في أنها "تشغل التلاميذ أنفسهم بقضايا سياسية لا علاقة لها بهذا الاستحقاق الوطني والمصيري". مكملة أنّ "ذلك قد يؤدي إلى حدوث صراعات ومنازعات في مراكز إجراء الامتحانات، وهذا وحده كاف للتأثير السلبي على التلاميذ الممتحنين."

ووفق الصفحة الفيسبوكية فإنّ "هذه الممارسات في حقيقتها مجرد فقاعات صابون، خاصةً في دولة الجزائر"، وذلك "لعلمنا باتجاه الدولة الجزائرية حول القضية الفلسطينية وأن كل الجزائريين حكومة وشعبًا داعمون ومساندون لإخوانهم الفلسطينيين، فلا جديد سيحدثه حمل الأعلام إلا التشويش على الممتحن ذاته."

وأوضح المنشور بأنّ مصدر هذه الحملة مجهول، مؤكدًا أنّه "يستحيل أن يكون أستاذًا، ولا تلميذًا. إنما هي أيادٍ مجهولة، والله أعلم بمرادهم وأهدافهم، والمسلم لا يتَّبع كل ناعق."

ودعا الأستاذ دبابغة التلاميذ وأولايائهم إلى "أن يهتموا بما يكون سببًا في النجاح والارتقاء، خاصة أيام الاختبارات، وترك كل ما يشوش أو يؤدي إلى تضييع سنوات من الدراسة لأجل هذه اللحظة المصيرية في حياة التلاميذ."

وجدّدت الصفحة، التي يتابعها قرابة الـ10 آلاف ناشط، أنّه "نحن مع إخواننا المسلمين في فلسطين، ونقف معهم بما نقدر عليه، ونتألم لمُصابِهم وندعو الله لهم بالنصر والتأييد وأن يربط على قلوبهم ويكسر عدوهم وشانِئهم."

وعلى نفس النهج، دعا، أستاذ الكيمياء، حسام معجوج، إلى "ترك التلاميذ بعيدًا عن هذه المناشير. ففلسطين لدينا منابر أخرى يمكننا أن ندعمها فيها. أما تلاميذ البكالوريا أتركوهم تيركزون.."

وذهب معجوج إلى أبعد من ذلك بالقول: "نحن مجتمع هش، لا يفرق بين المساندة أو المقاطعة أو التعبير عن رأيه والدفاع عن نفسه". مكملًا: "تحولنا إلى مجتمع كل شيء فيه رجولي (الضرب بالسكين، الشر، المشي بالكلاب، رفع الأعلام بالسب والشتم، المهم المشاركة..)".

وشدّد: "من الأفضل ترك هذه الفئة المراهقة بعيدًا عن هذه الأمور. لأنهم سيعرفون يومًا كيف ينصارون القضية..، وأكيد هذه الفوضى ستشتت الانتباه عن الامتحان."

تجاهل جزائري ومنعٌ تونسي

لم تتفاعل وزارة التربية الوطنية (إلى الآن) مع الحملة الإلكترونية، التي تُنادي إلى دخول التلاميذ المقبلين على الامتحانات الرسمية "بيام" وبكالوريا مرتدين الكوفية الفلسطينية، تضامنًا مع الشعب الفلسطيني.

وعلى العكس، منعت، وزارة التربية التونسية، ارتداء الكوفية أو أي نوع من اللباس الذي يثير شبهة في سلوك الطالب خلال امتحانات شهادة البكالوريا المقررة الأربعاء المقبل.

ويأتي القرار في ظل ما اعتبرته الوزارة التونسية "محاولة البعض استغلال القضية الفلسطينية لإدخال إرباك على سير الامتحانات الوطنية أو توظيفها لارتكاب الغش المقنّع."

بلاغ
بلاغ وزارة التربية التونسية حول الكوفية

ودعت الأسر إلى تشجيع أبنائها على "أن يكونوا مثالًا للسلوك التربوي النزيه والنأي بأنفسهم عن كل ما يعرضهم لشتى أنواع العقوبات التي لن تتوانى عن تطبيقها حفاظا على مصداقية الشهادات الوطنية."

وجددت الوزارة "دعمها المطلق للقضية الفلسطينية تناغما مع المواقف المشرفة لرئيس تونس وتوجهات الدولة التونسية المساندة لكل الشعوب المقهورة في العالم."

وجاء التعليق الرسمي التونسي على حملة أطلقها ناشطون عبر منصات التواصل، تحث، الطلبة على ارتداء الكوفية الفلسطينية خلال امتحانات شهادة البكالوريا، تضامنًا مع فلسطين ومع نظرائهم من طلبة غزة.