10-فبراير-2021

أول صورة لعبد الرحمن بعد لقائه أمه بدار المسنين (الصورة: actu.fr)

في قصة تبدو أقرب لسيناريو فيلم، اجتمع مواطن جزائري يبلغ من العمر 73 عامًا يعيش في بلجيكا، مع والدته التي تركته رضيعًا بعمر الشهرين، بعد رحلة بحث دامت 59 سنة كاملة.

طبيب دار المسنين بليون منع عبد الرحمن من نقل أمّه للعيش معه

القصة انتهت بلقاءٍ بدار للمسنين في مدينة ليون الفرنسية، لم يكن عبد الرحمن يعلم أنه سينتظر عمرًا كاملًا للقاء والدته التي تتواجد على بعد 600 كيلومتر من منزله.

"لم أفقد الأمل أبدًا.."

يروي عبد الرحمن في شريط فيديو نشرته قنصلية الجزائر ببلجيكا قصة البحث عن أمه، والتي بدأت منذ أن كان طفلًا في الرابعة عشر من عمره، هو الآن جد لعشرة أحفاد، لكنه لم يفقد الأمل في العثور على والدته.

وفي سرده لجزء من القصة يقول: "لقد فرّت والدتي من المنزل لأن والدي كان يعنّفها وتركتني مع جدتي، التي كنت دائما أطلب منها أن تأخذني لأرى أمي، لم أكن أعرف الحقيقة إلا في الرابعة عشرة من عمري".

يسترسل عبد الرحمن متأثرًا "تركتني والدتي رضيعًا، بالكاد أبلغ من العمر شهرين، ليس هربًا من مسؤولية تربيتي، بل لأنها أرادت الهرب من عنف والدي، ذهبت للعمل لدى عائلة فرنسية في الجزائر، وبعدها سافرت إلى فرنسا واختفت من حياتي".

يتابع: "لم أتخل أبدًا عن الأمل في العثور عليها، هناك شيء في أعماقي يقول لي كل يوم إنها لا تزال على قيد الحياة".

موعد مع القدر

بدأ عبد الرحمن رحلة البحث عن والدته عندما اكتشف أنها تنحدر من مدينة تنس الساحلية بولاية الشلف، في تلك المدينة وجد عبد الرحمن خيطًا رفيعًا قد يقوده لتحقيق حلمه، إنها عمّته التي كانت على اتصال بها والتي حضرت حفل زفافه بعد سنوات قليلة.

لم تكن مهمة عبد الرحمن في إيجاد مكان والدته يسيرة البتّة، في بعض الأحيان يصل به الأمر أن يعتقد أنها ربما ماتت، لكنه فضّل الاستماع إلى قلبه، الذي يخبره كل مرّة بخلاف ذلك.

استعان عبد الرحمن في مهمته بابنه حفيظ، الذي كان يبحث عن أثار جدته على الإنترنت ويستغل أية معلومة قد تمكّن والده من تحقيق حلمه الوحيد، وذلك ما تحقّق بعد أن تمكن حفيظ من تحديد موقع "جدته "يمينة" والتي بلغت من العمر 93 سنة، وانتهى بها المطاف في دار للمسنّين بمدينة ليون الفرنسية، بعد أن وصلته رسالة لحسابه على فيسبوك ردًا على منشور له في إحدى صفحات مدينة ليون.

تحقّق الحلم

سافر عبد الرحمن من حيث يقيم في بلجيكا إلى مدينة ليون الفرنسية ليلقاها، وفي نفسه خشية بأن يصدمها، بعد أن علم أنها أصيبت بجلطة دماغية، إلى أن قرر زيارتها في دار للمسنين تقيم فيها.

تبتسم الجدّة يمينة غير مصدّقة ما يحدث معها "لم يكن لدّي أحد، لقد كنت وحيدة"، معبّرة عن رغبتها في العودة مجددًا إلى الجزائر التي تسلّمت للمرّة الأولى في حياتها جواز سفرها، وهي التي ولدت عام 1928، وغادرت الجزائر وهي في الثانية والعشرين من عمرها ببطاقة هويتها الفرنسية.

لم تكتمل فرحة عبد الرحمن بلقاء والدته، فقد عاد حزينا بعد أن منعه طبيب دار المسنين من نقلها للعيش معه، لكنه يخطّط للسفر معها إلى الجزائر مُجددًا؛ فيما قالت الجدّة يمينة أنها "سعيدة وتشعر بالأمان".

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

جزائريو كاليدونيا الجديدة.. حنين من وراء البحار

فقدان الأب في الجزائر.. اليتم الأصعب