18-يونيو-2023
نواب جزائريون في البرلمان (الصورة: Getty)

داخل مبنى البرلمان الجزائري(الصورة: Getty)

في الجزائر، لا يمكن تمديد الدورة البرلمانية في الجزائر إلا في حالات استثنائية وخاصّة جدًا يحدّدها الدستور، إلا أنّ لجوء الحكومة هذه السنة أيضًا إلى طلب مهلة إضافية تمتدّ لأسبوعين على الأكثر لاستكمال مناقشة القوانين المتراكمة على طاولة المجلس الشعبي الوطني، قد بات أمرًا وشيك الحدوث، ويُنتظر فقط الإعلان الرسمي عنه.

النائب فاتح بوطبيق لـ"الترا جزائر": الأجندة المكثفة والوقت الضيق يمكن أن يؤثّرا على طبيعة معالجة ومناقشة مشاريع القوانين

وتحوّل هذا التمديد بمرور الأعوام، إلى تقليد راسخ بالغرفتين السفلى والعليا للبرلمان، وأصبح هاجسًا يؤرق ممثلي الشعب الذين يواصلون الدراسة والتعديل والمصادقة على النصوص إلى غاية الأسبوع الثاني من تموز/جويلية في بعض الأحيان.

وتبرّر الحكومة طلب تمديد السنة البرلمانية في كل مرّة بالأجندة المكثفة والنصوص القانونية المودعة على مكتب المجلس الشعبي الوطني، وإلزامية الفصل في هذه القوانين بالسرعة القصوى، دون تأجيلها للدورة المقبلة، نظرًا لحساسيتها.

يتخوّف نوّاب من تأثير المناقشة الاستعجالية على أداء النائب وعدم تمكينه من الخوض في تفاصيل القوانين بالدقة المطلوبة، وإجراء التعديلات اللازمة، كما يتوجّسون من غيابات بالجملة خلال الجلسات المقبلة، بفعل تزامن التمديد هذه المرة مع عطلتي عيد الأضحى المبارك، واحتفالات الذكرى الواحد والستين للاستقلال والشباب، فهل تنجح الهيئة التشريعية في طي 12 قانونًا عالقًا بسلاسة ودون عراقيل؟

أجندة مكثّفة

إلى هنا، يكشف نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد الله العماري عن وجود 12 مشروع قانون على طاولة مكتب المجلس، تنتظر التمرير خلال هذه الدورة التي يفترض أنها على وشك الاختتام يوم 30 حزيران/جوان الجاري، كأقصى حدّ وفق ما ينصّ عليه الدستور.

تشير المعطيات إلى أن الحكومة ستطلب من غرفتي البرلمان إمكانية تمديد الدورة لأسبوعين إضافيين لاستكمال الأجندة، وهو نفس السيناريو الذي شهده النوّاب في الدورة السابقة ويكمن الاختلاف فقط في المدة، بحكم أن هذه الدورة تتميز عن سابقتها من حيث عدد القوانين الضخم المحالة إليها.

من بين أبرز هذه النصوص، يقول محدث "الترا جزائر"، مشاريع قوانين أعدّتها وزارة العدل على غرار الإجراءات الجزائية والعقوبات المعدّلين، ومشروع قانون المحضر القضائي ومشروع قانون حماية أملاك الدولة الموجود حاليًا على طاولة لجنة الشؤون القانونية، فضلًا عن المشاريع الاقتصادية المهمّة؛ يتقدمها ما هو متعلّق بطرق وكيفيات منح العقار الاقتصادي والقانون المحدّد لقواعد الصفقات العمومية.

ومن بين المشاريع المطروحة للنقاش والمصادقة خلال هذه الدورة، قانون حماية الغابات الذي أُحيل قبل أيام إلى مكتب زيغود يوسف، يُضاف إليه مشاريع القوانين التي استقبلها المجلس قبل أشهر، منها مشروع قانون السمعي البصري والصحافة المكتوبة والإلكترونية، هذه الأخيرة التي ينتظر تمريرها خلال هذه الدورة.

وسيُطرح أيضًا للتصويت، المادة 22 من قانون الإعلام التي أجّلت بسبب عدم توفر النصاب القانوني، ومن بين المشاريع التي ينتظر أن تناقش خلال هذه الدورة النظام الداخلي، كما سبق وأن صوت المجلس مؤخرًا على مشروع قانون لتعديل قانون التقاعد والأعياد.

وحسب ما ينصّ عليه الدستور، يفترض أن تُختم الدورة البرلمانية يوم 30 جوان/ حزيران الجاري، إذ تؤكد المادة 138 أن "يجتمع البرلمان في دورة عادية واحدة كل سنة مدتها عشرة أشهر، وتبتدئ في ثاني يوم عمل من شهر أيلول/سبتمبر، وتنتهي في آخر يوم عمل من شهر حزيران/جوان، وتضيف المادة: "يمكن للوزير الأول أو رئيس الحكومة حسب الحالة طلب تمديد الدورة العادية لأيام معدودة لغرض الانتهاء من دراسة نقطة في جدول الأعمال".

الاستعجال كابوس النواب

وبالمقابل، يتخوّف نوّاب من أن يتأثر أداؤهم بالطريقة الاستعجالية لمناقشة النصوص القانونية، يقول فاتح بوطبيق رئيس الكتلة البرلمانية لجبهة المستقبل، مشددًا في تصريح لـ "الترا جزائر"، على أن الأجندة المكثفة والوقت الضيق يمكن أن يؤثّرا على طبيعة معالجة ومناقشة مشاريع القوانين، إلا أنه أكد أن كتلته البرلمانية سوف تتصدى لهذا المشكل من خلال توعية النواب بأهمّية التدقيق في المناقشة والحرص على معالجة الاختلالات.

كما حمل بوطبيق السلطتين التنفيذية والتشريعية على حدٍّ سواء، مسؤولية هذه البرمجة قائلًا: "سوف نعمل على عدم تكرر هذه الأخطاء خلال الدورة المقبلة"، ليضيف: "الدستور يمنح للبرلمان صلاحية تمديد الدورة البرلمانية في مدة أقصاها 15 يومًا وفي هذه الحالة ونظرًا للأجندة المكثفة نتوقع تمديدها".

وأضاف المتحدث: " القوانين التي تنتظر النواب أحيلت إلى مكتب المجلس في توقيت متأخّر أو ربما بشكل مستعجل، نظرًا لأهميتها، لكن الأمر المؤكد أننا سنتصدى لهذه الأجندة بالتعبئة والحرص على مناقشة مسؤولة"، مشددًا على أن هذا أقصى ما يمكن للنواب القيام به في مثل هذه الظروف.

مخاوف من "الكراسي الفارغة"

وعلى عكس ما تعود عليه سيناتورات الغرفة العليا للبرلمان، يتوجّس مكتب المجلس الشعبي الوطني من قضية التزام النواب بالحضور في الجلسات خلال الأيام المقبلة، لاسيما في حال تمديد الدورة حيث ستصطدم المناقشة بعطلتي عيد الأضحى المبارك وكذا الاحتفالات بالذكرى الـ 61 للاستقلال، ما يجعل قضية حضور النواب صعبة.

ويرد بوطبيق على الملف بالقول "صحيح مسالة الالتزام تؤثّر على الجلسات لكن المسؤولية تقع على عاتق رؤساء الكتل، عليهم تنبيه النواب بضرورة الحضور".

وعلى خلاف ذلك، يرى رئيس الكتلة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني، إبراهيم صعدلي، في تصريح لـ "الترا جزائر"، أن تمديد الدورة البرلمانية بات أمرًا حتميًا نظرًا لأهمية المشاريع المطروحة من قبل الحكومة،واستعجالية دخولها حيز التنفيذ، وهو ما يدحض أيّة فرضية لتأجيلها إلى الدورة البرلمانية المقبلة.

ويؤكّد رئيس كتلة "الأفلان"، أن كثرة القوانين وعددها الكبير ظاهرة صحية نظرًا لأهميتها من الجانب التشريعي، وبالتالي فإن تمديد الدورة أمر ضروري ولن يؤثر، حسبه، على أداء النواب ولا حتى على طبيعة مناقشة مشاريع الحكومة.

ويعتبر صعدلي أن نوّاب "الأفلان" أصحاب أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، سوف يحرصون على مناقشة مسؤولة لمشاريع القوانين التي أتت بها الحكومة، والتي تندرج ضمن إصلاحات الرئيس وبرنامجه الانتخابي، ولن يتغيبوا عن الجلسات، على حدّ قوله.

يؤكّد رئيس كتلة "الأفلان" أن عدد القوانين ا الكبير ظاهرة صحية نظرًا لأهميتها من الجانب التشريعي

إلى هنا، يُجمع نواب برلمانيون على عدم وجود خيارات أخرى أمام السلطات؛ فالحكومة ستكون ملزمة في كل الحالات بطلب التمديد من إدارة البرلمان، للتمكّن من طي القوانين العالقة، إلا أن الأمر يفرض صرامة أكبر خلال الدورة المقبلة البرلمانية لضمان وتيرة عمل متسارعة مطلع السنة، تمنع تراكم أجندة ثقيلة في شهر جوان/ حزيران 2024.