حزن خيّم على الفني ومنصات التواصل الاجتماعي بالجزائر، بعد وفاة فنانين شابين إثر حادث مرور بالعاصمة البلجيكية بروكسل، هما مغني الراي المعروف محمد بوسماحة والعازف أمين بوعيرد، حيث ارتدى نشطاء وفنانون "السوداء" بعد هذه الفاجعة.
تخرج بوسماحة في المركز الأوّل من برنامج "ألحان وشباب" عام 2013 في طبعته الرابعة
لم يكن يعلم المغني ومحافظ مهرجان "الراي" محمد بوسماحة، أن تكون حفلته ببلجيكا ضمن جولة فنّية في أوروبا، هي الأخيرة في حياته، فعقب إكماله الحفل رفقة صديقه ومواطنه العازف محمد بلعيرد المعروف بـ"أمين لاكولمب" تعرّضا وهما في الطريق إلى حادث مرور خطير أودى بحياة الثاني، بينما دخل بوسماحة غرفة الإنعاش، ليتوفى بعدها بساعات بحسب ما أعلنته وأصدقاؤه.
صباح اثنين أسود، شهده الوسط الفني بالجزائر، حزن كبير وأسى وسط المحبين والأقارب، بفقدان فنانين شابين مولوعين بموسيقى وأغنية الراي الجزائرية العالمية، حيث عبرّت عديد الأسماء الفنية الجزائرية على اختلاف ألوان نشاطها ونشطاء عن حزنهم وصدمتهم في الوقت نفسه، أغلبهم لم يصدق الخبر في لحظاته الأولى بانتشار إشاعات عن رحيل بوسماحة المعروف في الوسط الفني في البلاد، فضجت مواقع التواصل بأخبار كاذبة عن وفاته، بينما كان في الإنعاش يصارع الموت، قبل أن تعلن وفاته مساء.
المسرح الجهوي لسيدي بلعباس (غرب)، نعى الراحل بوسماحة وكتب على صفحته بفايسبوك: "الفنان المقتدر، الإنسان الشغوف والمحب للفن، خريج مدرسة ألحان و شباب، محافظ المهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي محمد بوسماحة " في ذمة لله، إثر حادث مرور ببلجيكا."
وأضاف: :بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره تلقت أسرة المسرح الجهوي سيدي بلعباس وعلى رأسها المدير جرورو رشيد نبأ وفاة الفنان "محمد بوسماحة" بكثير من الأسى والحزن، ولا يسعنا في هذا المقام إلا التضرع لله العلي القدير أن يرحم الفقيد وأن يشمله بنوره ومغفرته، وأن يلهم ذويه وأسرته الفنية جميل الصبر والسلوان."
قدّمت الصحفية أمال إيزة شهادة عن بوسماحة بحكم تعاملها معه، قائلة في منشور على حسابها بفايسبوك: "منذ الصباح والهاتف لم يتوقف، ولم نصدق وكان لدينا أمل بنجاته فقدنا الفنان ومحافظ مهرجان الراي محمد بوسماحة، إنا لله وانا اليه راجعون، أدعو له بالرحمة."
وأضاف إيزة: "كان آخر اتصال يدعوا لي بطول العمر ويسامح ويقولي آمال أختي راح تنجحي إن شاء الله اصبري وكبري قلبك، وكان لدينا أيضا موعد مع مديرية الثقافة والفنون جلسة عمل لإتمام التقرير الأدبي يوم 6 نوفمبر 2023 ، ثم اتصل بي واعتذر عن عدم الحضور لأنه كان متعبا وكلفني بإنجاز التقرير وإرساله له في الإيميل قبل سفره إلى دبي."
وتابع قولها حزينة: " آخر تواصل معه كان يوم 14 نوفمبر فنان جد متواضع تتصل به يجاوب ويبعث رسالة بالواتساب يعتذر بسبب انشغالاته، تعاملت معه منذ سنتين بالمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي كنت معهم بالفريق المكلفة بالإعلام وكان ِنعم الأخ جدا محترم ويشاور، وإنسان خدام، ويرحب بالجميع ربي يرحمك ويصبر أهلك واسمح لي، لم نود الاتصال به لأنه كان في جولة فنية خارج الوطن وكان من المفروض يلتحق اليوم بوزارة الثقافة والفنون لله ما أعطى ولله ما أخذ ... فنان مخلق ولد عائلة يحب عمله ويحب الجميع."
العازف المعروف قانة المغناوي، اتشح بروفايله بالسواد، حزنا على فراق المغني بوسماحة والعازف أمين، وكتب: "إنّا لله وإنّا إليه راجعون"، كما شارك منشورات ترحم نشرها فنانون أمثال أمين تيتي.
بدوره، المخرج المسرحي ابن سيدي بلعباس، هشام بوسهلة كتب بحسرة عن رحيل صديقه: "محمد خويا ربي يرحمك ويوسع عليك يا رب، إنا لله وإن إليه راجعون، يارب الصبر لزوجتك وابنتك ووالدتك وأختك وكل العائلة والأحباب لك الرحمة خي."
الممثلة المسرحية والتلفزيونية، حورية بهلول عبرت عن حزنها برحيل بوسماحة وكتبت: "الله أكبر، تأكدت وفاه المغفور له صديقنا محمد بوسماحه، تعازينا الحارة، مش مأمنه (لست مصدّقة) راح صغير ما عاش ما شاف بوسماحة."
وأضافت: "القلب الطيب توقف عن النبض، ستبقى حيا في قلوبنا ارقد بسلام محمد."
من جهتها، مغنية الراي سميرة الوهرانية، وكتبت على جدارها بفايسبوك: "لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العي العظيم، إنّا لله وإنّا إليه راجعون."
وعبر خاصية ستوري على منصة "أنستغرام"، قال مغني الراي كادار الجابوني، في رحيله المغني بوسماحة والعازف أمين: "الله أكبر، الله أكبر، يارب، إنّا لله وإنّا إليه راجعون، ان شاء الله تكونوا من أهل الخير."
المغني جليل باليرمو ودع الفنانين بوسماحة وأمين بهذه الكلمات المؤثر عبر خاصية ستوري بـ"أنستغرام": "ربي يرحمهم، وإن شاء الله يمونوا من أهل الجنة."
ولد محمد بوسماحة في 23جانفي 1985، حاصل على شهادة البكالوريا سنة 2006 وولج عالم الجامعة أين درس سنتين في تخصص علوم إنسانية، لكن لم يواصل دراسته الجامعية بسبب شغفه بالموسيقى بدأ دراستها سنة 2009 بالمعهد الجهوي للموسيقى بوهران (ملحقة سيدي بلعباس).
ويعتبر محمد بوسماحة، أحد الفنانين المشهورين في الجزائر، استطاع إثبات وجوده في الساحة الفنية التي تعج بالمواهب الغنائية والموسيقية، حيث تخرج بوسماحة، في المركز الأوّل من برنامج "ألحان وشباب" عام 2013 في طبعتها الرابعة، ليبدع ويتألق في أداء أغاني "الراي" ويصدر عدد من الألبومات أبرزها ألبوم يكرّم فيه الراحل عندليب الراي الشاب حسني بإعادة أغنيه "سهر الليالي".
وفي 2018 نصّب بوسماحة محافظا لمهرجان أغنية "الراي"، وقد تمكن من إعادة البريق لهذا الحدث الفني، بدعوة أهمّ فنانين الراي في بلاده أمثال الشابة الزهوانية، هواري دوفان، الشاب بلال، بلال الصغير، فرقة راينا راي، الشيخ ناني، كادار الجابوني، الشاب حسام، الشابة دليلة.. وغيرهم.
محمد بوسماحة الذي حلم أن يصبح مهرجان الراي عالميا، يعدّ أحد أبرز المدافعين عن أغنية الراي وأصلها الجزائري، كان يدعو لتطوير أغنية الراي وترقيتها باعتبارها تخفي الكثير من الإبهار في جعبتها ويستحق أن يكتشف.
