25-مايو-2023
أعلام الجزائر والولايات المتحدة الأميركية (فيسبوك/الترا جزائر)

أعلام دولتي الجزائر والولايات المتحدة الأميركية (فيسبوك/الترا جزائر)

لم تخف وثيقة كتابة الدولة الأميريكية، موجه للكونغرس بعنوان "تبرير المساعدات الخارجية"، توجّهها لعزل الجزائر عن منطقة النفوذ الصيني.

إطار سابق بالمجلس الشعبي: وثيقة كتابة الدولة الأميركية تترجم رغبتها في تسهيل وصول المؤسسات الأميركية إلى السوق الجزائرية

وجاء في الإحاطة التي تشرح فيها لأعضاء مجلس الشيوخ مبررات إدراجها الجزائر ضمن قائمة الدولة المشمولة بالمساعدات الاقتصادية للعام 2024، أنّها "ستساعد في جهود القيام بإصلاحات اقتصادية هيكلية ضرورية "،  و"تعزيز تنوع اقتصادي أشمل" و"الانفتاح والتكامل والاستجابة لمتطلبات التغيرات المناخية".

يشار هنا، أن حزمة المساعدات التي تحدثت عنها كتابة الدولة الأميركية، تشمل أيضًا دعمًا عسكريًا رمزيًا يقدر بمليون و300 ألف دولار لتكوين ضباط جزائريين.

وأضاف تقرير كتابة الدولة الأميركية، في المبررات الورادة في الصفحة 183 (الملحق 2 ) المقدم للكونغرس، بمناسبة مناقشة الموازنة السنوية لكتابة الدولة: "يواجه الاقتصاد الجزائري تحديات مختلفة، بما في ذلك تداعيات وباء كوفيد، وأثار للحرب الروسية على أوكرانيا وتقلّب أسعار الطاقة وتراجع الاحتياطيات الأجنبية (احتياطي الصرف)والنمو الديموغرافي وزيادة تأثير جمهورية الصين الشعبية".

واللافت أن الصين كانت البلد الوحيد الذي ورد اسمه في القسم الخاص بالجزائر  لمرّتين، وتأمل كتابة الدولة الأميركية، أن يساعد هذا المبلغ (الرمزي) على إزالة المعوقات من أمام الشركات أو المستثمرين، بما في ذلك من أمام الشركات الأميركية الراغبة في العمل في السوق الجزائرية ومنافسة الأسواق الأخرى، ومواجهة المصالح الاقتصادية لجمهورية الصين الشعبية ، أي الإغراءات التي تقدمها الشركات الصينية للمتعاملين الجزائريين لترويج المنتجات والبضائع التي تنتج لدى التنين الصيني.

ومن الأهداف التي رسمتها كتابة الدولة أيضًا دعم قدرات الشركات الجزائرية التي تتطلع إلى توسيع وتصدير منتجاتها إلى الأسواق الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة.

وأشارت الوثيقة إلى أن الاقتصاد الجزائري القائم على النفط والغاز، يواجه مستويات عالية من الإنفاق العسكري والاجتماعي وسط توقعات بتسجيل عجز في العام الجاري في ظل تهديدات بتراجع مداخيل موارد النفط والغاز ما يتطلب تغييرات في الاقتصاد الجزائري، لافتة إلى الرغبة التي أعلنها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لـ "تنويع الاقتصاد الجزائري و خلق فرص عمل في القطاع الخاص. ما يشكل حسبها "فرصة مواتية للولايات المتحدة للمساهمة في المجالات الاقتصادية ومبادرات الحوكمة".

لعب على المكشوف

وتُجاهر الولايات المتحدة بقلقها من تمدد الزحف الصيني الذي يتعزّز سنة بعد أخرى ليس في الجزائر وحدها، بل في عديد البلدان، مطلقة تحذيرات من سياسة الصين إغراق بهذه الدول بالقروض، وتقود حملات دبلوماسية وضغطًا على عديد البلدان في العالم لأجل عزل بكين، باعتماد سياسية العصا والجزرة، وهي ورقة المساعدات و التهديد بالعقوبات في حقّ دول  العالم الثالث التي يعتزز الوجود الصيني لديها.

إلى هنا، استحدثت الولايات المتحدة الأميركية حسابًا بعنوان Fund and programs supported through the Countering PRC Influence Fund (CPIF ، لتمويل عمليات الحد من النفوذ الصيني وتستفيد منه أغلب بلدان المعمورة.

ولم يكن إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن خلال قمة الدول الأكثر تصنيعًا في العالم في الـ 20 من شهر أيّار/ماي باليابان عن خطط لتعبئة 600 مليار دولار لتنفيذ رؤية الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار لتعبئة 600 مليار دولار بحلول عام 2027، في استثمارات البنية التحتية حول العالم، إلا بيانًا على هذا التوجّه المعلن منذ سنوات، والذي تزايد في مواجهة الصين التي أطلقت قبل عشر سنوات مبادرتها "الحزام والطريق"، أو طريق الحرير الجديد بشعار "زيادة تعزيز التعاون الاقتصادي الدولي".

استقطاب

وبحسب رئيس اللجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الشعبي الوطني الأسبق عبد القادر عبد اللاوي، فإن وثيقة كتابة الدولة تترجم رغبة الإدارة الأميركية في تسهيل ولوج وسهولة وصول المؤسسات الأميركية والغربية عمومًا إلى السوق الجزائرية قصد منافسة المنتجين الصينيين رغم محدودية حجم الدعم المخصص للجزار مقارنة بدور الجوار (يحصل المغرب على  12,5 مليون دولار وتونس 14,5 مليون دولار  و 112 مليون دولار لدولة ليبيا.

وأفاد عبد اللاوي في تصريح لـ "الترا جزائر"، عن دخول الصين الشعبية كلاعب رئيسي في القارة الأفريقية وجاذبيتها الشديدة بالنسبة للأفارقة يثير عدم ارتياح الدول الغربية، التي تريد الحفاظ على حصتها من السوق الجزائرية"، وقال إنه "في السابق كان التنافس على الجزائر يقتصر بين الأميركيين والفرنسيين، قبل أن يقلب لاعبون آخرون مثل تركيا والصين المعادلة".

وأرجع عبد اللاوي نجاح الصين على ترسيخ وجودها في الجزائر إلى عوامل عديدة؛ أحداها عدم ربط الاستثمارات بشروط تمس استقلالية القرار البلد  أي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية  التي تحرص عليها الجزار بشدة، لكنه يعتقد أن هذا التنافس قد يكون مفيدًا لدول مثل الجزائر لتحقيق منافع استراتيجية وخصوصًا في تمويل مشاريع تنموية.

وتعتبر الصين المورد الرئيسي للجزائر حسب بيانات لوزارة التجارة الجزائرية متقدمة على فرنسا، فيم جاءت الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة السابعة،وانتقلت الواردات الجزائرية من الصين من  مليار دولار سنة 2003 إلى أكثر من 9 مليارات دولار (2019-2020. فيم قفزت الاستثمارات الصينية في الجزائر، من 1.9 مليار دولار أميركي خلال الفترة 1979-2002 إلى 22 مليار دولار خلال فترة 2005-2016.

تورد الصين للجزائر أسلحة وذخائر في ظلّ الحظر الغربي عليها خصوصًا مجال الأسلحة العالية الدقة كالدرونات والبوارج الحربية

وتورد الصين للجزائر أسلحة وذخائر في ظلّ الحظر الغربي عليها خصوصًا مجال الأسلحة العالية الدقة كالدرونات والبوارج الحربية. ورغم تورّط عديد الشركات الصينية في ممارسات غير قانونية للفوز بعقود وصفقات، تفجرت عن فضائح أطاحت بعشرات المسؤولين التنفيذيين والسياسيين، لازال الطلب قويًا عليها من قبل السلطات وخصوصًا في قطاعات الانشاءات والإسكان والمناجم.