لأوّل مرة منذ الاستقلال في 1962، يُعلَن في الجزائر عن صدور القانون الأساسي للفنان، وسط ترحيبٍ كبير في الوسط الفني، حيث اعتبر فنانون هذا القانون بمثابة حُلمٍ تحقق في النهاية ومكسب انتظروه لسنوات طويلة.
الفنانة المسرحية والتلفزيونية تونس آيت علي: كان من الضروري أخذ رأي الفنانين قبل المصادقة على المزيد من المقترحات
وصدر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية مرسومًا رئاسيًا يتضمّن القانون الأساسي للفنان، مؤرخ في 22 تشرين الأوّل/أكتوبر 2023، يحدد من هو الفنان؟ حقوقه وواجباته، نشاطه الفني، الحماية الاجتماعية.. ونقاط أخرى.
وزيرة الثقافة: إنجاز تاريخي
والأربعاء، اعتبرت وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي صدور قانون الفنان حدثًا تاريخيًا في المشهد الثقافي الجزائري منذ الاستقلال.
وقالت الوزيرة مولوجي، في مؤتمر صحفي، الأربعاء، بالعاصمة الجزائر، بمناسبة صدور "قانون الفنان" إنّ "هذا الإنجاز التاريخي والوطني، هو تأكيد على الرعاية السامية والعناية النبيلة التي توليها القيادة السياسية في بلادنا لفئة الفنانين ودورهم في البناء الوطني".
مولوجي أوضحت أنّ "الإجراءات والتدابير التي يقرها القانون الأساسي للفنان من شأنها المساهمة في تحسين الحماية الاجتماعية للفنان من خلال إرساء منظومة قانونية لضبط الوضعية السوسيو-مهنية للفنان الجزائري."
وأضافت مولوجي:" قانون الفنان الذي صدر بصيغة مرسوم رئاسي يتشكل من 34 مادة وردت في 4 فصول، يتضمن كل فصل منها عدة أقسام، ويخضع لأحكام هذا المرسوم الفنانون وتقنيو الأعمال الفنية وإداريو الأعمال الفنية بمناسبة ممارستهم للنشاط الفني. ومن أهم المفاهيم الأساسية الواردة فيه حصر صفة الفنان في من يستحقها، وكذا تحديد أصنافه."
كما حدّد هذا المرسوم، "الحقوق والتزامات الفنان، ومن أهم الحقوق التي يكفلها المرسوم الرئاسي للفنان، استفادته من بطاقة الفنان، وكما له حرية الفكر والإبداع والحق في ممارسة العمل الفني في ظل احترام التشريع والتنظيم المعمول بهما، والحق في الحصول على مقابل النشاط الفني وحق الحماية الاجتماعية وغيرها من الحقوق التي تسهل له ممارسة نشاطه الفني". بحسب الوزيرة.
ونص المرسوم على "الحماية الاجتماعية للفنان، حيث يخضع الفنان وتقني وإداري الأعمال الفنية، حسب النشاط الفني والعقد الفني، إلى نظام الضمان الاجتماعي، ويستفيد أيضا الفنان وتقني وإداري الأعمال الفنية من جميع امتيازات الضمان الاجتماعي".
فنانون جزائريون، تفاعلوا على مواقع التواصل بتقديم آراء ومقترحات حول صدور القانون الخاص بهم، فكان هناك شبه إجماع على أنّ هذا القانون يعدّ مكسبًا وأرضية يمكن إثراؤها لاحقًا.
فنانون يرحبون
وقال الممثل المسرحي رضا عمراني على حسابه بفيسبوك: "هنيئًا لكل الفنانين الجزائريين بصدور القانون الأساسي للفنان في الجريدة الرسمية."
واعتبر عمراني هذا الحدث "خطوة رائعة لتنظيم الميدان الثقافي وجعل الفنان يمارس مهنته في إطار منظم يحمي حقوقه ويجعل حياته في طمأنينة مثل كل الفنانين في العالم."
وأضاف المتحدث: "شكرًا لكل الأجيال التي ناضلت وساهمت بكل قوة لكي يصل هذا اليوم من الاعتراف بالفنان بصفة رسمية وقانونية."
وتابع قوله: "الآن الكرة في مرمى الفنانين من أجل خلق مؤسسات أو جمعيات أو نقابات على حسب الاختصاصات للدفاع عن حقوقهم في الميدان مثل ما يحدث في كل العالم."
من جهته، الفنان والممثل المسرحي والسينمائي، رضوان مرابط أعرب عن ترحيبه بصدور قانون الفنان في الجريدة الرسمية وكتب على حسابه بفيسبوك: "اليوم صدر قانون الفنان في الجريدة الرسمية، شكرًا لكل من ساهم في ذلك من قريب أو من بعيد، وعدتم وأوفيتم، شكرًا."
وعلّق الفنان ومدير أيام المسرح العربي بسطيف فاروق رداونة عن صدور قانون الفنان: "ألف شكر لكل من ساهم في تحقيق هذا الحلم، قانون الفنان."
من جهتها، مديرة مسرح بجاية الجهوي الممثلة نضال الجزائري، أعربت عن سعادتها البالغة بعد صدور القانون وكتبت على حسابها بفيسبوك: "الله أكبر تحقق المستحيل في عهد المثابرة جدًا الدكتورة صورايا مولوجي. بشرى يا فنان هذا قانون الفنان."
نقاش ومقترحات
وفي السياق طلبت مجموعة "دوزة فن" التي يديرها الممثل رمزي لبيض، من الفنانين تقديم آرائهم حول القانون وما تضمنه.
ومن بين التعليقات على منشور "دوزة فن"، قال الفنان شعابنة أحمد: "نعم هنيئا للفنانين بهذا القانون على الأقل هو لا يختلف كثيرًا عن باقي القوانين المعروفة في الدول المجاورة سواء العربية أو الأجنبية."
وأضاف: "طبعًا الجانب الاجتماعي للفنان يختلف من بلد إلى آخر وهذا حسب منظومة القوانين الموجودة فيها إلاّ أنه كان من الممكن استدراك بعض النقاط الخاصة بالأمور الاجتماعية المتاحة في بلدنا."
وذكر المتحدث على سبيل المثال "عدم إغفال حق الفنان في ممارسة الحق النقابي، حيث كان يفترض أن تكون صريحة عوض حق الفنان في اختيار أي تمثيلية مهنية، وكان يمكن –على حدّ تعبيره- إدراج حق الفنان في الاستفادة من السكن الاجتماعي أو باقي الصيغ المتاحة في ظل معاناة الفنان اجتماعيًا"
واعتبر في ختام منشوره أنّ "هذا القانون يبقى أرضية يمكن تعديلها مستقبلا بهيكلة الفنانين تحت غطاء قانوني"، مهنئا كل الفنانين على هذا المكسب الذي يؤسس إلى مستقبل أفضل."
بدورها علقت الفنانة المسرحية والتلفزيونية تونس آيت علي قائلة: "بعد التشاور أعتقد أنّه كان من الضروري أخذ رأي المعنيين، قبل المصادقة على المزيد من المقترحات."
ووفق هذا القانون يعرّف الفنان أنّه "كل شخص طبيعي يمارس نشاطًا فنيًا، من خلال الإبداع أو المشاركة بأعماله الفنية أو الأدبية أو التقنية أو الإدارية في الإبداع أو إعادة الإبداع الفني، أو في أدائه أو تنفيذه بأي شكل كان وعلى جميع الدعائم، ويساهم بذلك في تطوير الفن والثقافة."