13-يونيو-2016

بات اشتغال الطالب الجزائري خلال العطل ظاهرة متفشية(بلال بن سالم/Getty)

يقترب عدد الجامعات الجزائرية من 80 جامعة ومركزًا جامعيًا ومدرسة وطنية، بعدد من الطلاب يناهز المليون ونصف مليون طالب يضمن لهم "الديوان الوطني للخدمات الجامعية" الإيواء والإطعام والنقل مجانًا على مدار الموسم الجامعي، ويستفيد الطالب الذي يتقاضى أبواه أجرًا ضعيفًا من منحة فصلية.

بات اشتغال الطالب الجزائري خلال العطل ظاهرة متفشية، وذلك قصد المساهمة في ميزانية الأسرة أو التكفل باحتياجاته الشخصية والدراسية

ظلت هذه المنحة في حدود 27 دولارًا إلى غاية نيسان/أبريل 2009، حيث قفزت إلى حدود أربعين دولارًا، وهي لا تغطي الاحتياجات اليومية للطالب، خاصة ذلك المنخرط في تخصصات علمية تفرض عليه شراء أدوات ومستلزمات وكتب تتطلبها الدراسة مثل الطب والهندسة المعمارية.

اقرأ/ي أيضًا: الطلبة الجزائريون.. بين ماض ثوري وحاضر خامل

هذا الواقع خلق ظاهرة باتت متفشية في المشهد الجزائري وهي اشتغال الطالب خلال العطل الأسبوعية والفصلية والسنوية، بل إن هناك من يشتغل يوميًا خارج أوقات الدراسة، إما للمساهمة في ميزانية الأسرة وإما للتكفل باحتياجاته الشخصية والدراسية، والسائد أن الطالب في الجزائر لا يشتغل في مجال تخصصه الجامعي، بل يجد نفسه ملزمًا بقبول وظائفَ مؤقتة بلا تأمين ولا تخضع لقانون العمل، عادة ما يمتهنها المتسربون مدرسيًا وذوو المستويات العلمية المحدودة، مثل جني الخضر والفواكه وأشغال الحفر والدهن والبناء والقبض في الحافلات وتنظيف السيارات وحراسة مواقفها والسعي في المطاعم والمقاهي والفنادق والمنتجعات السياحية.

في "حديقة خصيبية" بمدينة "معسكر"، 400 كيلومتر غربًا، التقينا كريم الذي كان يدرس اللغة الفرنسية في جامعة المدينة، لكنه تخلى عن الدراسة نهائيًا قبل عام. يقول كريم: "التحقت بالعمل مؤقتًا في الحديقة، ثم عرضت علي فرصة العمل مقابل راتب دائم وتأمين، فوافقت من غير تفكير، إذ ما جدوى أن أخسر ثلاث سنوات أخرى في الجامعة، ثم أتخرج فلا أضمن منصب شغل في بلاد بات العثور فيها على شغل يشكل حلمًا عزيزًا؟".

في السنوات الأخيرة، تعزّزت ظاهرة اشتغال الطلبة الجزائريين في العطل، بين الطالبات أيضًا بعد أن كانت حكرًا على الطلاب فقط

اقرأ/ي أيضًا: الامتحانات.. حالة طوارئ في بيوت الجزائريين

كريم عرّفنا على فيصل، الذي قال إنه يشتغل في الحديقة نفسها، لكنه سيعود إلى مقاعد الدراسة بمجرد أن تنتهي العطلة الصيفية: "لا أوافق كريم على خياره، إذ لا ينبغي أن ندرس في الجامعة من أجل تحصيل منصب شغل فقط، بل للمعرفة أيضًا. أفضّل أن أشتغل في العطل للتكفل بمصاريف مواصلة دراستي حتى أحصل على الدكتوراه، ويومها سأنال منصبًا بالضرورة، فأكون قد اصطدت عصفورين بحجر واحدة".

في شاطئ "الصابلات" بمدينة "مستغانم"، 380 كيلومترًا غربًا، كان عصام يشرف على عربة تقدم أفلامًا ثلاثية الأبعاد، قال إنه يدرس الهندسة المعمارية في جامعة المدينة، وقد التحق بالشغل في اليوم الموالي لانتهاء امتحانات نهاية السنة الجامعية. "بالكاد يغطي راتب أبي مصاريف البيت، فكيف أطالبه بأن يصرف عليّ أيضًا؟ أصلًا تحتاج الأدوات والمواد والكتب التي يفرض تخصصي أن أشتريها راتبًا قائمًا بذاته، لذلك فأنا أشتغل خلال عطل نهايات الأسبوع أيضًا".

في السنوات الأخيرة، تعزّزت ظاهرة اشتغال الطلبة في العطل المختلفة، بين الطالبات أيضًا بعد أن كانت حكرًا على الطلاب فقط. تقول إيمان، طالبة الإعلام الآلي في جامعة الجزائر، لـ"الترا صوت": إن "المجتمع الذي تصالح مع خروج المرأة للتعلم والشغل والسياقة لم يعد يجد حرجًا في الشغل الموسمي للطالبات، ذلك أن التحولات الاقتصادية تفرض بالضرورة تحولات اجتماعية". تضيف: "حسن سلوكي وأدائي جعل صاحب المطعم الذي أشتغل عنده يطلبني بمجرد اقتراب عطلة ما، وأسرتي لا تعارض الأمر، لأنها عاينت جو الاحترام الذي أشتغل فيه، كما باتت توجه ما كانت تصرفه علي إلى إخوتي الصغار الذين يدرسون في الأطوار الابتدائية".

اقرأ/ي أيضًا: 

قصص سجناء يخوضون امتحانات البكالوريا في الجزائر

إعادة جزئية لامتحانات البكالوريا في الجزائر