أطلق الشاب خالد أغنية ثنائية "ديو" مع مغنّي الراب الأميركي ذو الأصول المغربية فرانش مونتانا. تحمل الأغنية الجديدة، التي شارك فيها أيضًا مغنّي الراب الألماني من أصل مغربي فريد بانغ، عنوان "ماغرب بانغ".
الأغنية الجديدة للشاب خالد مع فرانش مونتانا، هي نسخة معدّلة لأغنية "عبد القادر يا بوعلام" ببهارات عصرية
وقد حقّقت الأغنية الحديثة نجاحًا باهًرا، بتخطيها سبعة ملايين مشاهدة على موقع يوتيوب، بعد أسبوع واحد فقط من إطلاقها.
اقرأ/ي أيضًا: أمزيك.. ثلاثي الأغنية القبائلية المعاصرة
بمجرّد الاستماع للأغنية، نُدرك أنها نسخة معدّلة للأغنية الجزائرية "عبد القادر يا بوعلام" ببهارات عصرية، وتجديدٍ في اللحن والتوزيع الموسيقي، فبعد 21 عامًا من اشتهارها على مسرح قلعة بيرسي بباريس، أعاد الشاب خالد هذه الأغنية، بلغات ولهجات وألحان وطبوع متعدّدة.
أغنية الشمس
يحكي الشاب خالد في برنامج تلفزي عن قصّة الأغنية، فيقول: "أنا من مواليد وهران، مدينة الولي الصالح سيدي الهواري، وبالقرب من وهران هناك مدينة مستغانم التي تفتخر بأوليائها الصالحين؛ عبد القادر بوعلام وسيدي الجيلالي. هناك ظهرت لأوّل مرّة أغنية عبد القادر يا بوعلام في شكل مديح ديني يؤدّى لتبجيل أولياء الله، حين عثرت على هذه الأغنية التراثية أضفت لها شيئا من الفرح، وشيئًا من روح الحداثة. جعلت القاصد يتضرّع ويقصد الولي الصالح بنوعٍ من الفرح، أدّيتها بلمسة الراي الجزائري".
في حديث هامشي ذات يوم، أفصح الشاب خالد لمدير شركة "أونيفرسال" التي كانت تنتج أعماله، أنّه يحلم أن يغنّي يومًا ما طابع الراي في قاعة ممتلئة، ومع فرقة أوركسترا كاملة، تتضمّن آلات عربية ومغاربية وعالمية، كان ملك الراي يوّد أن يضع بصمته على سيمفونية راي لم يشهد لها مثيل من قبل، ويُحيي حفلًا على طريقة الكلاسيكيات العالمية.
مدير الشركة أطلع الشاب خالد، أنهم قد أقاموا حفلًا كبيرًا لثلاثة فنانين عالميين؛ هم دمينغو وجوزي كاريراس ولوشيانو بافاروتي عام 1994، ولقيت الفكرة نجاحًا باهرًا ومن الممكن أن تفكّر الشركة في عمل مماثل يكون خالدًا في عالم الراي والأغنية الجزائرية.
فكّرت شركة "أونيفرسال" في خلق ثلاثي جزائري يتمتّع بشهرة جارفة في فرنسا، فوقع الاختيار على خالد ورشيد طه والشاب فضيل. إنهم ثلاثة نجوم لأغنية الراي، قدموا كلّهم من الجزائر وصنعوا أسماءهم في فرنسا، فجلبوا شمس الجزائر ليتدفأ بها برد باريس يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني 1998 بحضور 16 ألف شخص، في قلعة بيرسي متعدّدة الرياضات بباريس، وفي ذلك اليوم أبدع العازفون المرافقون للفنانين الثلاثة، في إعادة توزيع وصلة غنّاها خالد سابقًا، ومن ذلك اليوم اشتهرت "عبد القادر يا بوعلام" ودخلت العالمية من حفل "واحد، اثنان، ثلاث شموس".
بداية الحكاية
البحث عن أغنية "عبد القادر يا بوعلام" في موقع يوتيوبيقودنا إلى عديد النسخ وبأصوات كثيرة لفنانين جزائريين، مثل الشابة نورية ومراد جعفري وغيرهم، وستجد حتمًا نسخًا غنّاها فنانون قبل الشاب خالد وقبل حفل " واحد، إثنان، ثلاث شموس" بباريس عام 1998.
كان تعدّد وصلات الأغنية وتوزيعاتها، هي إحدى ميزات هذه الموسيقى الخالدة، التي لم يتمكّن أحد من نسبها لنفسه وأن يكون صاحب الحقوق الحصرية لها، سواءً من حيث الكلمات أو الألحان، فحتى الشاب خالد الذي كان له الدور الأكبر في نجاحها، يعترف بأنها أغنية تراثية كانت تؤدّى كمديح ديني، لكن ليس بالكلمات نفسها، بل ما أخذه منها كان اللحن القديم الذي غيّره قليلًا بما يتماشى مع إيقاع أغنية الراي، وحافظ على البيت الأوّل أو لازمة هذه "القصيدة الصوفية"، متصرّفًا في بعض الكلمات لتشكيل هذه الرائعة.
ما يُروى عن هذه الأغنية، بنسختها الحالية المعروفة، أنّها كانت من نظم الشاعر الغنائي الحاج زغادة، المدعو الورشاني عام 1989، إذ كتبها عندما كان سجينًا بسجن لامبيز بولاية باتنة، وممّا جاء في الحكاية أنه رأى ذات ليلة في منامه جدّه الولي الصالح القادر الجيلاني، وقد زاره ليواسيه ويخفّف عليه قهر زنزانته، واعتقد الورشاني أن ذلك المنام بمثابة رؤيا، فشرع في كتابة القصيدة التي يبدأها بمناجاة جدّه عبد القادر ومن ثم جميع الأولياء ومن هنا كانت بداية هذه الأغنية.
بعد خروج الشاعر زغادة من السجن، خلّد هذه القصيدة في أغنية، وبعد أن غنّاها كثير من فناني عصره، واشتهرت بعد حفل "واحد، اثنان، ثلاث شموس". اتّهم الورشاني كلّ الفنانين بالسطو على أغنيته، وتقدّم بشكواه إلى الديوان الوطني لحقوق المؤلّف الذي ردّ عليه بالسلب، كون هذه الأغنية تراثٌ جزائري قديم، وأنه قد يمتلك فقط حقوق اللحن نافيًا أن يكون كاتب القصيدة.
في رواية أخرى
رواية أخرى تقول، إن هذه القصيدة نظمها شاعر الملحون الجزائري عبد القادر بطبجي، أحد أشهر شعراء مدينة مستغانم غربي الجزائر وذلك عام 1871، وقد خصّص أغلب قصائده في ديوانه لمدح شيخ طريقته عبد القادر الجيلاني. توفى بطبجي سنة 1948م، بعد مسيرة حافلة بالشعر والإنشاد، والمديح النبوي، والتغنّي بالأولياء الصالحين. ومن بين أشهر ما ترك كانت "عبد القادر يا بوعلام".
الولي الصالح عبد القادر بوعلام هو المعني أيضًا في القصيدة الصوفية التونسية "يا فارس بغداد يا جيلاني"
أمّا عن تسمية الولي الصالح بوعلام؛ فقد ذهب كثيرون إلى التأكيد أنها كنية لعبد القادر الجيلاني، ويُقصد بكلمة بوعلام أي صاحب الأعلام أو الرايات، ويُطلق على الولي الصالح أيضًا اسم الجيلالي إضافة إلى العديدة التي يُشتهر بها، كما أنّه أيضًا هو المعني بالقصيدة الصوفية التونسية "يا فارس بغداد يا جيلاني"، ليتأكّد بذلك حضور البعد الثقافي والروحاني، في كثير من الأغاني الجزائرية الخالدة.
اقرأ/ي أيضًا: