13-أبريل-2019

استخدمت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع ضد المتظاهرين (أ.ب)

لم تكن الجمعة الثامنة في عمر الحراك الشعبي كسابقاتها، فقد شهد يوم أمس في العاصمة الجزائرية، عدّة أحداث كانت تصبّ في اتجاه قمع المظاهرات؛ بدءًا بممارسات التضييق على الصحفيين ومنعهم من التصوير في بعض الأماكن، وزيادة عدد أفراد قوّات الأمن، واستعمال الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، وفرض طوق أمني خانق على مداخل العاصمة.

كان صباح الجمعة الثامنة من الحراك الشعبي عاديًا، إلى أن بدأت قوات الأمن باستخدام القوة ضد المتظاهرين في آخر اليوم

في صباح يوم الجمعة كان كل شيء عاديًا. الحشود البشرية بدأت بالنزول إلى الشارع بشعارات تصبّ في مجملها حول مطلب واحد في كل ولايات الوطن، وهي رحيل بقية رموز النظام. كانت الأمور عادية إلى أن حدثت بعض المواجهات في العاصمة، تحديدًا حين كان المتظاهرون يهمّون بإخلاء الساحات.

اقرأ/ي أيضًا: بالصور: مسيرات الجمعة الثامنة.. الشارع يقترح الحلول

بيانات التخويف

قبل نشوب مواجهات متفرّقة في العاصمة مع قوَات الأمن، تصدّر بيان صادر عن المديرية العامة للأمن الوطني، عواجل قنوات تلفزيونية عمومية وخاصّة، تخللته لغة التخويف من الإرهاب والأيادي الخارجية والعودة إلى زمن "العشرية السوداء".

الحراك الشعبي
حاولت قوات الأمن منع صحفيين من التصوير

ومما جاء في البيان، أن مصالح الشرطة خلال هذه الأسابيع، "حدّدت هويّة أجانب، تم توقيفهم والكشف عن مخططاتهم، إذ جاءوا خصيصًا لإذكاء التوتّرات ودفع الشباب للجوء إلى أنماط متطرّفة في التعبير"، على حد ما جاء في البيان الذي قال إنه ضُبطَ بحوزة الموقوفين تجهيزات حساسة وعقاقير مهلوسة!

وذهب بيان مديرية الأمن، إلى أنها أوقفت، "مجموعة إرهابية مدجّجة بالأسلحة والذخيرة، كانت تخطّط للقيام بأعمال إجرامية ضدّ المواطنين"، وأن تحرَياتها توصلت إلى أن الأسلحة المضبوطة "استعملت في اغتيالات في حق منتسبي مصالح الأمن خلال العشرية السوداء"، أي قبل أكثر من 20 سنة من الآن.

أثار هذا البيان موجة كبيرة من السخرية والنقد والتشكيك على مواقع التواصل الاجتماعي، باعتباره يندرج تحت "خطاب التخويف" الذي تستعمله السلطة لمنع الاحتجاج وللالتفاف على المطالب، وأنها بدأت تنزعج من سلمية الحراك.

الشرطة تتبرأ!

مباشرة بعد انتشار هذه الحادثة، أصدرت مديرية الأمن بيانًا ثانيًا، تنفي فيه ما نقلته منابر إعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، قائلًا إن "احترافية الشرطة لا تسمح لهم باستعمال الغازات في الأماكن المغلقة".

غير أن صورًا ومقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، توثق بوضوح استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع في النفق الواقع بساحة موريس أودان، والذي كان يمرّ عبره مئات المواطنين من بينهم نساء وأطفال، وأدى إلى ذلك إلى حدوث تدافع وإغماءات وسط الجموع.

ومن بين الأسلئة الاستنكارية التي طرحت على مواقع التواصل الاجتماعي، هو كيفية مرور هذه الأسلحة، إذا كانت موجودة فعلًا، رغم التشديدات الأمنية التي تشهدها البلاد؟! وكيف تمكنت "المجموعة المدجّجة بالأسلحة"، بتعبير بيانات الأمن، من اختراق الحراك؟!

عودة "الدولة العميقة"

في السياق نفسه، انصبت الأسئلة حول توقيت إطلاق هذا البيان، فإن كانت مديرية الشرطة قد زعمت أن سلسلة الاعتقالات تمت في الأسابيع الماضية، فلماذا لم تُصدر هذه البيانات في وقتها، وانتظرت إلى يوم خروج المتظاهرين؟ كما أن الأجانب الذين تحدّث عنهم البيان، لم يتم الإشارة إلى جنسياتهم أو الأماكن التي ألقي القبض عليهم فيها، ولم يرفق البيان بأي صور أو فيديوها كما جرت العادة.

من جهة أخرى ذهب البعض إلى اعتبار أن بيان مديرية الأمن ليس هدفه التخويف، وإنما التحذير من مخطّطات "الدولة العميقة" أو ما أشار إليها بيان رئيس الأركان قايد صالح بـ"العصابة"، والتي ربما تكون قد تحركت لتسييب الوضع والدخول في لعبة مسومات جديدة.

ورغم التحليلات التي عرفتها مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المنابر الإعلامية حول حراك الشارع أمس، في جمعته الثامنة، إلا أنها أجمعت على أن زيادة أعداد قوات الأمن في الشارع، والعودة إلى استخدام العنف ضد المتظاهرين، جاءت مباشرة بعد إعلان حالة شغور الرئاسة، وتنصيب عبد القادر بن صالح رئيسًا للدولة، إذ لم يسبق على ذلك استخدام الأمن للقوة في فض المسيرات.

 اعتبر البعض أن بيان مديرية الأمن فيه إشارة إلى مخططات "الدولة العميقة" للدخول في لعبة مساومات جديدة

كما أن خطاب المؤسَسة العسكرية الأخير، كان أكثر انسجامًا مع خطاب حكومة نور الدين بدوي التي نصبّها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وهو ما فُهم أنه ربما يكون انقلابًا على مطالب الشعب الداعي إلى رحيلهم جميعًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"العصابة" أم الجيش.. من هو صاحب القرار في الجزائر الآن؟

هل نسي الجزائريون بوتفليقة بهذه السرعة؟!