31-مايو-2024
(الصورة: العربي الجديد) بائع الدلاع

(الصورة: العربي الجديد) بائع الدلاع

يعد البطيخ الأحمر أو "الدلاع" من بين أهم الفواكه التي لا تغيب عن موائد الجزائريين، وبالخصوص في فصل الصيف، بالنظر لازدياد الطلب عليها جراء الحرارة الشديدة، الأمر الذي جعل البلاد من أكبر المنتجين له عالميًا، بحسب إحصائيات، لكنها تظلّ غائبة عن قوائم المصدرين في مفارقة تعكس حجم استهلاك الجزائريين لهذه الفاكهة، وتكشف في الوقت ذاته وجود خللٍ في تطوير هذه الفاكهة وجعلها موردًا زراعيًا قد يساهم في مداخيل إضافية للبلاد من العملة الصعبة.

المهندس الفلاحي بوشول بوسلهام  لـ "الترا جزائر": عملية التصدير تخضع لمعايير معينة يجب التقيد بها، وهو ما قد يهمله بعض الفلاحين، الأمر الذي قد يتسبب في إنتاج "دلاع" به ترسبات كثيرة نتيجة المبيدات المستعملة

ورغم أن سعره ما يزال هذا العام مرتفعًا متجاوزًا رقم 100 دينار للكيلو، إلا أن "الدلاع" يظل من الفواكه الأكثر طلبًا واستهلاكًا في فصل الصيف، كونه يدخل ضمن النظام الغذائي الجزائري الذي يتبعه جل المواطنين في أشهر الحرّ.

إنتاج مليوني

وضعت إحصاءات لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة الجزائر في المرتبة الخامسة عالميًا والأولى عربيًا وأفريقيًا بإنتاج 2.3 مليون طن من الدلاع سنويًا، خلف دولة الصين بـ60.1 مليون التي تتصدر الترتيب العالمي في هذا المجال، ثم تركيا ثانيًا بـ3.5 ملايين طن، والهند ثالثًا بـ2.8 مليون طن، وإيران رابعًا بـ2.7 مليون طن، وهي كلها دول ذات عدد سكان عالٍ مقارنة بتعداد الجزائر الديموغرافي.

وأرجع المهندس الفلاحي بوشول بوسلهام هذه الوفرة في الإنتاج لوجود تربة في الجزائر مناسبة لزراعة الدلاع وإنتاجه، وبالخصوص الولايات الجنوبية التي أصبحت اليوم تشكل أقطابًا في شعبة القرعيات على رأسها الدلاع مثل المنيعة والوادي وورقلة مؤخرًا.

وأشار بوسلهام إلى أن التربة الرملية جيّدة الصرف، لأنها أكثر نفاذية للجذور، وتساهم في تفرعها عكس التربة الطينية التي تتسبب في اختناق الجذور جراء تراص هذا النوع من التربة، مبينًا أن الأساس في أي نبتة هو الجزء السفلي منها، فكلما تفرعت الجذور ساهمت في تغذي النبتة بالشكل اللازم، وهذا ما تطلبه فاكهة الدلاع.

واعتبر بوسلهام أنه بالنظر لحجم الإنتاج السنوي للجزائر من البطيخ الأحمر يمكن القول إن الفلاح الجزائري يجيد زراعة هذه الفاكهة، وهو ما تعكسه المردودية المسجلة بمختلف المزارع.

فائدة غذائية

لا يرتبط إنتاج الجزائر الوفير من الدلاع فقط بنوعية التربة، إنما أيضًا بالطلب عليه، وبالخصوص بعدما أصبح يجنى في السنوات الأخيرة على طول العام بعد انضمام الولايات الجنوبية إلى قائمة المنتجين، حيث يستهلك في الجزائر على الأقل بثلاثة أشكال كفاكهة أو عصير أو يقدم مع الكسكسي.

وأوضح أخصائي التغذية كريم مسوس، أن الإقبال على استهلاك الدلاع من قبل الجزائريين بالخصوص في فصل الحر، يرجع لكونه فاكهة منعشة مليئة بالماء، وتحتوي على فيتامين بيتاكاروتين والبروفيتامين أ التي هي مضادة لسرطان الجلد، إضافة لاحتوائه على الفيتامين سي وعدة معادن أبرزها البوتاسيوم الذي يساعد في ضبط الضغط الدموي ومرونة العضلات.

ولفت كريم مسوس إلى أن البطيخ الأحمر يصنف ضمن فواكه الرشاقة لعدم احتوائه على سعرات حرارية كثيرة، لذلك يحبذ تناوله من قبل من يتبعون حميات غذائية، فنسبة السكريات به جد ضئيلة مقارنة بالفواكه الأخرى، إضافة إلى عدم احتوائه على الدهون، وينصح بأن تتراوح كمية الدلاع التي يتناولها المصاب بالسكري بين 150 إلى 200 غرام في اليوم.

ومن ميزات فاكهة البطيخ الأحمر أنه غني بالألياف لذلك يساعد في عملية العبور المعوي، كما ينصح به للمصابين بأمراض القلب والشرايين.

ونبه مسوس إلى عدم تناول الدلاع عند الإصابة بالإسهال، وتجنبه من الأشخاص الذين يتطلب جسمهم اتباع نظام غذائي قليل البوتاسيوم، كالمصابين بالقصور الكلوي.

وحذر مسوس من خطر اقتناء الدلاع مفتوحًا، أي اقتناء جزء من حبة البطيخ الأحمر، لأنه بمجرد فتحها تصبح معرضة أكثر لتنقل البكتيريا إليها، لذلك ينصح بشراء هذه الأجزاء من متجر موثوق ويراعي شروط النظافة كاملة حتى بالنسبة للسكين التي تقسم بها حبة الدلاع.

مفارقة

بالرغم من تمركز الجزائر في المراتب الأولى لإنتاج البطيخ الأحمر عالميًا، إلا أنها غير موجودة ضمن قائمة الدول الأكثر تصديرات للبطيخ، الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات بشأن هذه المفارقة الغربية التي يجب على السلطات تداركها.

وتصدر الجزائر كميات من البطيخ بما فيها الدلاع لعدة دول كفرنسا ومنطقة الخليج، إلا أنها تظل حسب متابعين كميات لا تعكس حجم الانتاج الوطني في هذا الجزائر.

وقال المهندس الفلاحي بوشول بوسلهام إن عملية التصدير تخضع لمعايير معينة يجب التقيد بها، وهو ما قد يهمله بعض الفلاحين، الأمر الذي قد يتسبب في إنتاج "دلاع" به ترسبات كثيرة نتيجة المبيدات المستعملة، لذلك ننصح بالتوجه نحو استعمال الأسمدة العضوية التي لا تضرّ بالتربة.

أخصائي التغذية كريم مسوس لـ "الترا جزائر": الدلاع يحتوي على فيتامين بيتاكاروتين والبروفيتامين أ التي هي مضادة لسرطان الجلد

وأضاف بوسلهام أنه على الفلاحين معرفة المسار التقني لمحصول الدلاع، وذلك بمعرفة الأوقات المناسبة لإضافة الأسمدة ومبيدات الوقاية من الأمراض ومكافحتها، إضافة إلى كمية المياه المطلوبة، حيث أنه لا بد من إعادة النظر في طريقة وكمية سقي المحاصيل بالجزائر التي ما تزال تعتمد تقنية السقي بالتقطير وفق الكيفية السابقة، بالرغم من التغيرات المناخية التي مست الجزائر، وغيرت عدة ظروف تتعلق بالزراعة، لذلك من الواجب إخضاع الفلاحين والعاملين في القطاع الزراعي لدورات تكوينية متواصلة، والقيام بدراسات دقيقة لتطوير هذه الشعبة بهدف تصدير هذا الإنتاج الوفير بكميات أكبر.