كشف وزير المالية، إبراهيم جمال كسالي، عن تخصيص ما يعادل 14 مليار دولار، لتغطية نفقات زيادة الأجور ومنحة البطالة في مشروع قانون المالية 2023، وأوضح الوزير لدى عرضه مشروع قانون المالية 2023، على لجنة المالية في البرلمان، أنه تم تخصيص احتياطي بـ1976 مليار دينار ما يعادل 14 مليار دولار، لتغطية النفقات غير المتوقعة الناتجة عن القرارات المتخذة، في إطار إعادة تقييم النقاط الاستدلالية ومنحة البطالة وتنفيذ إصلاح الدعم والإدماج المهني.
خبير اقتصادي: خبير اقتصادي: قانون المالية الجديد يفتح الباب أمام استيراد سيارات أقل من 3 سنوات للمواطنين بتسهيلات أكبر
احتوى مشروع قانون المالية لأول مرة منذ سنوات، على أرقام مبشرة وميزانية مرتفعة تعكس الأريحية المالية التي تتمتع بها الجزائر اليوم جرّاء ارتفاع سعر المحروقات في السوق الدولية، وتعاظم عائدات الصادرات خارج المحروقات وتقلّص فاتورة الواردات.
وزير المالية سيتحدث عن هذه الأرقام والمعطيات في اجتماع مغلق مع أعضاء لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني والتي ستستقبل أيضًا وطيلة أسبوعين كاملين مديري المؤسّسات المالية كالخزينة وأملاك الدولة ومجلس المحاسبة والضرائب، وأيضا وزراء القطاعات الأكثر أهمية من حيث الحسابات المفتوحة للسنوات الثلاث المقبلة والقطاعات التي تعتمد على الصناديق المالية ومقدرات خاصة.
وفي خضم كافة هذه المعطيات، لم يتضمن مشروع قانون المالية لسنة 2023 أية ضرائب جديدة من شأنها أن ترهق القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، الذي يستبشر خيرًا بارتفاع سعر الغاز والنفط.
ما هو القانون العضوي لقوانين المالية؟
ويتساءل كثيرون عن معنى القانون العضوي لقوانين المالية 15-18، والذي يقصد به نمط جديد أكثر تطورًا في إعداد قوانين المالية يضمن صرامة أكبر في مراقبة الإنفاق وضبط الموارد، إذ ستتحول من خلاله الحكومة إلى نهج اعتماد آلية الأهداف والنتائج في دراسة الميزانية بدل آلية الوسائل مثلما كان عليه الحال منذ الاستقلال، أي طيلة ستين سنة الماضية.
ويؤكّد الخبير المالي والجبائي محفوظ كاوبي في تصريح لـ"الترا جزائر"، أن قانون المالية هذه السنة سيكون مختلفا في محاولة تجريبية أولى، عبر نقطتين إثنين، وهما معالجة ميزانية ثلاث سنوات وليس سنة واحدة فقط وأيضًا تطبيق الرقابة وفق مشروع تسوية الميزانية بمجرد استكمال السنة المالية أي طرح مناقشة مشروع قانون تسوية الميزانية لسنة 2023 بحلول سنة 2024، وليس انتظار ثلاث سنوات كاملة مثلما كان عليه الوضع من قبل.
ومن جهة أخرى يؤكّد المتحدث أن القانون الجديد وفق شكله المستحدث سيتيح للحكومة تحديد أغلفة مالية لمشاريع معينة بناء على حاجة المشروع وليس تحديد ميزانية مفتوحة لقطاع معين دون الفصل في المشاريع التي سيحتويها.
وطالب كاوبي المجلس الشعبي الوطني بتنظيم دورة تكوينية للنواب للتعرف على مشروع قانون المالية وفق صيغته الجديدة، حتى ولو كان الأمر متأخرًا، إذ ستشرع لجنة المالية في الاجتماع بالوزراء والمسؤولين قريبًا لمناقشة فحوى هذا القانون.
من جهته يؤكّد عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني عبد القادر بريش أن النواب جاهزون لمناقشة هذا القانون بنسبة تفوق 50 % من حيث استيعاب الآليات الجديدة، حيث أن هذه النسخة ستكون أول تجربة على طاولة البرلمان، في وقت تضم لجنة المالية عددًا من الخبراء والأخصائيين والأساتذة الجامعيين وإطارات الضرائب وموثقين، وهو ما يجعل هؤلاء قادرين على مناقشة القانون الجديد دون أية مخاوف.
محدث "الترا جزائر" يؤكّد أن اللجنة مفوضة حتى للاستعانة بخبراء متخصصين في المالية والضرائب من خارج المجلس الشعبي الوطني، في حال اقتضت الضرورة ذلك، فالأهم بالنسبة لهم هو حسن معالجة مشروع القانون والمقترحات البناءة وأن يكونوا عند حسن ظن الشعب الذي فوضهم لتمثيله في الانتخابات التشريعية لسنة 2021.
ارتفاع ميزانية التسيير إلى الثلث
ويتحدث الخبير الاقتصادي في مجال الحوكمة بريش أيضًا عن ارتفاع ميزانية التسيير بنسبة 30 % عبر قانون المالية الجديد لسنة 2023، والذي يرسم التوقعات المالي, لثلاث سنوات كاملة، وهو ما يتيح رفع هامش المناورة بشكل أكبر أمام الحكومة لزيادة الأجور ومنحة البطالة ومعاشات التقاعد وامتيازات أخرى للمواطنين تدخل في إطار الجانب الاجتماعي الذي سبق وأن وعد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بتحسينه وفق ما هو متاح، حيث سيتم عبر القانون الجديد تخصيص تجمع مالي مستقل لهذا الغرض.
ويقول بريش إن القانون الجديد يفتح أيضًا الباب أمام استيراد سيارات أقل من ثلاث سنوات للمواطنين بتسهيلات أكبر مقارنة مع السنوات الماضية من خلال الغاء شرط ضرورة فتح حساب بنكي بالعملة الصعبة وأيضًا تحديد إمكانية اقتناء سيارة واحدة لكل مواطن كل ثلاث سنوات، ناهيك عن منح امتيازات لمستوردي السيارات الهجينة والكهربائية، وفتح ممارسة نشاط جمع وتوزيع التبغ للخواص، والترخيص بممارسة نشاط بيع السجائر الإلكترونية وإنتاجها، وهي إجراءات
تنم عن أريحية مالية، وترمي في مضمونها لتقليص نسبة لجوء التجار لممارسة نشاط إنتاج التبغ في السوق الموازية، ويفتح قانون المالية للسنة المقبلة امتيازات أخرى سيتم التطرق إليها جميعا خلال جلسات المناقشة يؤكد بريش، مشددا على أن الأهم هو أن قانون هذه السنة لم يتضمن ضرائب جديدة تقصم ظهر المواطن، مثلما تعود عليه الجزائريون في السنوات الماضية، وهو في حد ذاته مكسب.
هذا ما سيركز عليه النواب
ووفقًا لما علمته "الترا جزائر" تجتمع لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني الأحد، لضبط برنامج مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2023، إذ سيتم الشروع في استقبال الوزراء بداية من الاثنين المقبل، على رأسهم وزير المالية جمال الدين كيسالي الذي سيتكفل بشرح مضامين هذا المشروع، ثم بعده مديري المؤسسات والهيئات المالية ثم الوزراء على مدى 15 يومًا قبل طرح مشروع القانون للنقاش على النواب.
وسيطالب النواب بتفاصيل أكبر حول عدة نقاط منها تنظيم الاستيراد والقرارات الخاصة بالسيارات، لاسيما تلك التي ترتبط بمركبات أقل من 3 سنوات وكذا زيادات الأجور التي يبدو أنها ستكون عبر مراجعة النقطة الاستدلالية للموظف، أي أنها قد تستثني القطاع الخاص، إذ يحضر الكثير من أعضاء لجنة المالية لإثارة الملف على هامش المناقشة، زيادة على إثارة نقطة إدماج العمال التي لا تزال عالقة منذ سنوات، ويبدو أن الحكومة تقترب من طيها.
كما سيتطرق النواب أيضًا إلى ملف ارتفاع عائدات النفط والغاز، التي ينتظر أن تحسن من مدّخرات صندوق النقد الأجنبي الذي يرتقب أن تصل مقدراته بحلول سنة 2025 69 مليار دولار.
يعول الجزائريون على إجراءات جديدة تتخذها الحكومة في انتظار مناقشة مشروع قانون المالية 2023
وفي انتظار مناقشة مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، يعول الجزائريون على إجراءات جديدة تتخذها الحكومة ويرافع لصالحها النواب، تندرج في إطار عقد اجتماعي جديد، تتيح فرص حياة أفضل للمواطن وتحسن مستوى معيشته وقدرته الشرائية.