تصدرت قضية الافراج عن مشاهير من شباب الانستغرام خلال الأشهر الفارطة، أو مثلما يحلو للبعض تسميتهم بـ "المؤثرين"، كل المنصات الاجتماعية، وحتى القنوات التلفزيونية المحلية بالجزائر، وعلى رأسهم الشابة نوميديا لزول التي استفادت من حكم بالبراءة من كل التهم، والشابين المدعوين "ريفكا" و"ستانلي" الذين بدورهما استنفذا مدة الحكم بالسجن.
الدكتور الجزائري بلقاسم حبة، العالِم صاحب اختراع كاميرا الهاتف التي يستخدمها "المؤثرون الجدد" في نشر كثير من محتوياتهم، عاد من بعيد،من أجل إنشاء أول جامعة خاصّة
الاستقبال الذي حظي به الشباب لحظة خروجهم من زنزاناتهم، والجدل الكبير الذي أثارته قضيتهم، يحتم علينا إعادة تقييم معالم التأثير المجتمعي في الجزائر، على مستوى أرض الواقع أو الافتراضي، بحكم المادة المقدمة من طرف المؤثرين، سيما أن هذا النوع من "المؤثرين الافتراضيين" الذين سيطروا في السنوات الأخيرة على قلوب وعقول كثير من الشباب وحتى الشيوخ، أصبحوا حقًا مؤثرين بشكل معاكس للمقتضيات والتطلعات، التي تهدف لتكوين مجتمع قادر على بناء غد أفضل، بلبنات علمية وثقافية راقية.
نوميديا لزول،ريفكا، وستانلي، وغيرهم كثير في ساحة التأثير الافتراضي، بين لحظة وضحاها ودون أي تخطيط أو عناء، وجدوا أنفسهم قبل وحتى بعد متابعتهم قضائيًا، أنهم متابعون من طرف ملايين المتأثرين بهم، رغم أن مستوى المادة التي يقدمونها لهم، لا ترقى لكل هذه المتابعات، لأنها وببساطة وبإجماع مختصين في علم الاجتماع، لا تساهم في إثراء التنمية الاجتماعية، لا من قريب أو بعيد.
في المقابل، يجد أساتذة وعلماء ومفكرون أنفسهم يدورون في حلقات مفرغة وسط دوائر التواصل الاجتماعي الافتراضي، التي أنشأوها من أجل استقطاب الشباب في سبيل خلق وعي فكري وعلمي بينهم، ورغم ذلك اصطدموا بشبه عزوف كلي من طرف مختلف شرائح المجتمع، ما أدى بهم في كثير من الأحيان إلى استغنائهم عن صفحاتهم ومنصاتهم والتي أصبحت "لا تسمن ولا تغني من جوع.
الدكتور الجزائري بلقاسم حبة، العالِم الباحث، والرائد في عالَم الاختراع، والملقب بالعربي الأكثر اختراعًا، وصاحب اختراع كاميرا الهاتف التي يستخدمها "المؤثرون الجدد" في نشر كثير من محتوياتهم، عاد من بعيد، من أرقى أحياء العلم والتكنولوجيا في العالم من "السيليكون فالي" بالولايات المتحدة الأميركية، من أجل إنشاء أول جامعة خاصّة معتمدة من طرف الحكومة الجزائرية، مختصة في التعليم العالي والتكوين في التكنولوجيات الدقيقة، وأسماها معهد التكنولوجيا "نوميديا"، وبطبيعة الحال لم يسمها بهذا الاسم تأثُّرا بـ نوميديا لزول.
معهد نوميديا للتكنولوجيا، لصاحبه الدكتور بلقاسم حبة، ورغم إنشائه منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وفتح أبوابه من أجل تكوين علماء ونماذج علمية مستقبلية، إلا أنه ولحد الآن لم يجد الحد الأدنى من متتبعيه واقعيًا أو افتراضيًا، ولعل حتى الفيديو الوحيد الذي يوثق لتأسيس المعهد ورغم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي منذ أكثر من قرابة أربعة أشهر، لم يحقق حتى سقف الألف مشاهدة، وإن لم نقل أن أغلب الجزائريين لا يعرفون حتى الموقع الجغرافي لهذا المعهد، أو وجوده من الأساس.
أساتذة وعلماء ومفكرون أنفسهم يدورون في حلقات مفرغة وسط دوائر التواصل الاجتماعي الافتراضي
فبين نوميديا العلم والتكنولوجيا، ونوميديا "المؤثِّرين"، أصبح الجزائري محتارًا بين خبز يأكله أو علم ينتفع به، أو سياسة ينتهجها ويفك بها غبن مستقبل آت مليء بالغموض، استولى عليه المؤثِّرون، فما هو فهم كيف دخلت لزول ورفاقها السجن؟ وما هو فهم كيف خرجوا؟ ولماذا؟ ودليله الوحيد في كل ذلك، أنهم مؤثِّرون في كل شيء.