08-نوفمبر-2020

النتائج الأولية أظهرت تقدّم المرشّح الديمقراطي جو بايدن (تصوير: درو أنجيرير/ Getty)

لم يمنع غرق الجزائريّين في التّفاعل مع الاستفتاء على تعديل الدّستور الذّي أسفر عن مقاطعة شعبيّة تاريخيّة بلغت 77%، من التّفاعل مع مجريات الانتخابات الرّئاسيّة في الولايات المتّحدة الأميركيّة، التّي تسابق فيها الدّيمقراطيّ جو بايدن والجمهوريّ دونالد ترامب.

 فاروق بن شريف: قطاع واسع من الجزائريّين رأى في الانتخابات الأميركيّة النّموذج الغائب في المشهد الانتخابي الجزائري

ولئن كان تفاعل الجزائريّين مع الانتخابات الأميركيّة محدودًا، أثناء الحملة الانتخابيّة، فإنّه تجلّى أكثر، خلال الأيّام الأربعة التّي تلت يوم الانتخاب، ثمّ أصبح التّفاعل شاملًا، بعد إعلان فوز جون بايدن، السّبت، بـ 290 صوتًا من أصوات المجمع الانتخابيّ، في مقابل 214 صوتًا لمنافسه الذّي ما يزال مصرًّا على عدم الاعتراف بنتيجة الانتخاب.

اقرأ/ي أيضًا: استمرار مظاهر الغشّ في الزّيارات الرّسميّة.. سخريّة شعبيّة

يقول الإعلاميّ والنّاشط فاروق بن شريف، إنّ قطاعًا واسعًا من الجزائريّين رأى في الانتخابات الأميركيّة النّموذج الغائب في المشهد الانتخابيّ الجزائريّ؛ "خاصّة أنّها تزامنت مع واحدة من الانتخابات الوطنيّة المخيّبة لآمالهم، فراحوا يتفاعلون مع انتخابات أجنبيّة تعويضًا عن خيبتهم في انتخابات داخليّة".

تُؤكّد هذه القراءة؛ يقول محدّث "الترا جزائر"؛ تلك المقارنات التّي أجراها البعض بين الانتخابين في البلدين، بنبرة فيها الكثير من الحسرة، واعتبار سلوك ومنطق دونالد ترامب شبيهًا بسلوك ومنطق بعض السّاسة في الجزائر.

ويتدارك بن شريف بالقول: "هذا لا يعني أنّ هيمنة الصّورة الأميركيّة على المخيال الشّعبيّ العامّ في دول العالم الثّالث لعبت دورًا في تأجيج الاهتمام بالحدث الانتخابيّ الأميركيّ والتّفاعل مع تفاصيله، فهو يكاد يكون مونديال ثانيًا يشهده العالم كلّ أربع سنوات".

من جهته، ينسب الجامعيّ المتخصّص في علوم الإعلام والاتّصال، أكرم سنوسي، فرحَ نسبة كبيرة من الجزائريّين بفوز جو بايدن إلى حالة عامّة من التّشفيّ لديهم في الدّول العربيّة المطبّعة مع "إسرائيل"، لأنّها كانت مسحوبة ومسنودة من طرف إدارة دونالد ترامب، "في ظلّ نظرة جزائريّة حكوميّة وشعبيّة سوداء إلى فعل التّطبيع".

"فبالرّغم من كون البعض منهم يعتبرون الرّجلين وجهين لعملة واحدة؛ إلّا أنّ كثيرين ينتظرون من الرّئيس الجديد أن يرفع يد الابتزاز عن الحكومات العربيّة، حتّى تذهب إلى التّطبيع مقابل الأمن، وأن يضمن شيئًا من العدل في التّعامل مع القضيّة الفلسطينيّة".

نقرأ في السّياق تدوينةً ساخرةً للنّاشط منير بن ددّي تقول: "‏ما يزال ترامب متقدّمًا في خمس ولايات: السّعودية، البحرين، الإمارات، السّوادن، ومصر". فيما ذهب النّاشط قويدر قيطون بعيدًا في السّخريّة بالقول: "بايدن رئيسًا: تسجيل حالات تبوّل لا إرادي في السّعودية والإمارات وحالات إغماء في البحرين".

ومن زاوية المحاولة السّاخرة لربط سلوكات المشهد الانتخابيّ الأمريكيّ بسلوكات المشهد الجزائريّ؛ استحضر البعض صور الأعراس والولائم التّي تميّز هذا الأخير. فقد نشر النّاشط والجامعيّ إلياس لهري إحدى تلك الصّور معلّقًا: "الصّورة حصريًة من ولاية ولاد سيدي نيويورك في العرس الانتخابيّ".

وفيما هنّأ الكاتب والنّاشر كمال قرور الديّمقراطيّة الأمريكيّة، كتب الصّحافيّ عبد الحقّ صغير: "بايدن لن يكون أحسن من سابقيه. تغيّر الحلّاب فقط، وبقيت البقرة في الانتظار".

أليس حريًّا بالشعوب أن تتعلّم من المواطن الأميركي أنّ الدّيمقراطيّة عنده كانت خيارًا ولم تكن انتظارًا؟

ولئن فرضت الانتخابات الأميركيّة نفسها فرضًا على شعوب العالم، منها الشّعب الجزائري، أفليس حريًّا بتلك الشّعوب التّي تتوق إلى دمقرطة حياتها السّياسيّة وإخضاعها لسلطة الصّندوق، أن تتعلّم من المواطن الأميركي أنّ الدّيمقراطيّة عنده كانت خيارًا ولم تكن انتظارًا؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

"حراك ميمز".. ثقافة السخرية في مواجهة التعصّب السياسي

كورونا على حسابات الجزائريين.. كثير من السخرية، قليل من الجدّية