08-مارس-2021

تعوّل السلطة على دور المجتمع المدني للتعبئة الشعبية في التشريعيات (تصوير: بلال بن سالم/أ.ف.ب)

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والمحلية في الجزائر، يتضح المشهد السياسي الذي تُعوّل عليه السلطة لتمرير أجندتها السياسية، ومباشرة البحث عن قاعدة مجتمعية تشكل وعاء انتخابيًا وحزامًا سياسيًا يضمن أرضية سياسية تدعمُ برنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، سواءً كان ذلك في المجلس النيابي أو في المجالس المحليّة.

هل سينجح الرئيس في استمالة شرائح مجتمعية وفئات شعبية لخوض غمار الانتخابات؟

نداء الوطن 

 برزت ملامح هذا السيناريو بعد الإعلان عن مبادرة تكتل "نداء الوطن"، إذ أعلن مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالحركة الجمعوية والجالية بالخارج نزيه رمضان، عن مشروع تكوين 5000 جمعية على المستوى الوطني. 

اقرأ/ي أيضًا: الجزائر باتّجاه ثاني انتخابات نيابية مُسبقة.. امتحان ديمقراطي؟

أوضح  نزيه رمضاني أن هذه المبادرة تهدف إلى جمع الخيريين لخدمة البلاد والعباد، داعيًا الجمعيات إلى تنمية المجتمع في الجانب السياسي، كما كثف هذا الأخير من الزيارات الميدانية التواصلية مع مختلف الجمعيات، إضافة إلى تمتّع  خرجاته المستمرّة بتغطية إعلامية واسعة. 

 المجتمع المدني 

يرى كثير من المتابعين أن المبادرة هي أرضية سياسية لدعم شخصيات جمعوية سياسيًا، قصد خوض التنافس الانتخابي، كما يجزم البعض أنه مشروع يهدف إلى ربط شبكة من تنظيمات وهياكل مدنية ونقابية لتمرير خارطة طريق السلطة.

ويستبعد مراقبون أن يُقْدِمَ رئيس الجمهورية عبد المجيد  تبون،على تشكيل تحالف سياسي يكون سندًا سياسيًا لتمرير برنامجه الرئاسي أمام الهيئة التشريعية. 

في هذا السياق، أثار قرار عبد المجيد تبون بِحَلِّ البرلمان استياء أحزاب قريبة من دوائر السلطة، والتي تم تجاهلها والاستغناء عن أدوارها التعبوية  مقابل الحصول على مناصب ومسؤوليات، ويتّضح جليًا أن عدم استقبال رئيس الجمهورية للقيادات في حزب الأغلبية جبهة التحرير الوطني، بمثابة إعلان عن القطيعة بين الرئاسة وجهاز "الأفلان"، أو على الأقلّ في الظرف الحالي.

يُدعم الطرح القائم على البحث عن دعم سياسي من طرف جمعيات مدنية أولًا، كمسارٍ وظيفيٍّ للرئيس عبد المجيد تبون، إذ تُشكل طبيعة التكوين الإداري والارتقاء في سلم الجماعات المحليّة، وهو المسار الذي يسمح ببناء شبكة قويّة بين الجهاز الإداري والجمعيات المحليّة، إضافة إلى رفض الإدارة التعامل مع الأحزاب السياسية أو الفاعلين السياسيين من المنتخبين. 

ورغم انتماء الرئيس إلى حزب جبهة التحرير الوطني، إلا انه لم يُعرف للرجل نشاطًا ودورًا سياسيًا في جهاز هذا الحزب، كما أنه لا ينسى على ما يبدو، عدم تلقيه أيّة مساندة سياسية أو تضامن من الحزب إبان صراعه في منصب رئيس الوزراء في حكومة بوتفليقة، مع بعض رموز رجال الأعمال المُقرّبين من شقيق الرئيس بوتفليقة.

الأحزاب غير الجاذبة 

 يكمن العامل الثاني الذي يرشّح احتواء المجتمع المدني في المشاركة السياسية  في قناعة السلطة بأن الأحزاب غير جاذبة،  كما أن خيار المجتمع المدني خيار حيوي يساعد في الحصول على تعبئة شعبية، إضافة إلى أن دستور 2020 يعزّز مكانة المجتمع الأهلي في المساهمة في بناء الجزائر الجديدة.

 لكن يبقى السؤال المطروح: هل سينجح الرئيس في استمالة شرائح مجتمعية وفئات شعبية لخوض غمار الانتخابات؟

تعليب القديم بالجديد 

في مقابل ذلك، يرى نشطاء في الحراك الشعبي، أنَّ الاستعانة بجمعيات محليّة ووطنية ماهي إلا تغليف لبقايا الأحزاب البوتفليقية، وطرحها كمجتمع مدني نابع من الحراك الحراك خطأ جسيم، معتبرين أن خطوة السلطة  تعتبر قفزًا وهروبًا من الأزمة التي ستزيد الوضع تعقيدًا.

هنا، يتفق ملاحظونَ على أن الجمعيات المحليّة والوطنية في الجزائر تفتقد إلى قاعدة شعبية، ولا يُمكنها  تعويض المجتمع السياسي، حيث أن مفهوم ممارسة الفعل السياسي يختلف جدريا بين المجتمع الأهلي والمجتمع السياسي، إذ يفتقد المجتمع المدني إلى البنية الفكرية والأيديولوجية التي تسمح له بممارسة النشاط السياسي سواءً كان (مؤسساتيًّا أو من المعارضة) وفق منطق المطالبة والمغالبة، أو أداء دور الرقابة على الحكومة في المجلس التشريعي. 

جلّ الجمعيات تتلقى التمويل المالي من طرف دوائر حكومية

زيادة على ذلك، يجدر التذكير بأن جلّ الجمعيات تتلقى التمويل المالي من طرف دوائر حكومية، كما أنها تخضع قانونيًا وتنظيميًا إلى مديرية التنظيم التابعة لوزارة الداخلية، وبالتالي  قد تكون محلّ ابتزاز ومساومة، بينما يعد الحزب السياسي تمثيليًا، يمارس مهامه وفق تفويض شعبي ويتمتع بالاستقلالية والرقابة الداخلية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بلعيد: تبون يعتزم حل البرلمان هذا الأسبوع

حلّ البرلمان الجزائري.. نحو التخلص من إرث بوتفليقة