في مطلع العام الماضي، أرسل شاب جزائري رسالة لرئيس الاتحادية الجزائرية لذوي الاحتياجات الخاصّة، كان نص الرسالة ما يلي "أنا أوشن عبد الرؤوف، كنت رياضي نخبة في الدراجات الهوائية لذوي الاحتياجات الخاصّة، والآن أمارس كرة القدم في تركيا، طلبي يتمثل في إنشاء فريق وطني لكرة القدم لمبتوري الأرجل، مع العلم أنّ تعداد الفريق مكتمل، وأنا على اتصال دائم مع الاتحادية العالمية لهذه الرياضة". وصلت هذه الرسالة لرئيس الاتحادية الذي اكتفى بالردّ "سأتصل بك لاحقًا".
تغيّرت حياة ابن قسنطينة في عمر السادسة، حين بُترت قدمه اليسرى بعد حادث مرور كاد يودي بحياته
كان الشاب أوشن عبد الرؤوف آنذاك يخوض مغامرة جديدة، انتقل خلالها إلى مدينة اسطنبول التركية، ولم يأت ردّ المسؤولين في الجزائر إلّا بعد أن صار هذا الشاب نجمًا في سماء أوروبا عامًا بعد ذلك، لقد حملته قدمه اليسرى وعكازته أبعد ممّا كان يتصوّر مثما قال في حديث إلى "الترا جزائر".
اقرأ/ي أيضًا: ذوو الاحتياجات الخاصة.. الأكثر اضطهادًا في الجزائر
البداية.. خارج المستطيل الأخضر
تغيّرت حياة ابن قسنطينة في عمر السادسة، حين بُترت قدمه اليسرى بعد حادث مرور كاد يودي بحياته، كان عبد الرؤوف العاشق لنادي مدينة سيرتا "السياسي" يحلم دائمًا أن يكون لاعبًا محترفًا، وأن يشتهر اسمه في ميدان كرة القدم، لكن كونه من ذوي الاحتياجات الخاصّة، فذلك يعني أنّه سيبذل مجهودات وتضحيات أكبر.
يُضيف محدّث "الترا جزائر" أن تربة وطنه لم تكن خصبة بما يكفي لأحلامه، بل وجد صعوبات ومعوّقات كثيرة حالت دون تحقيق الكثير من مشاريعه، فاختار الهجرة نحو كندا بعد أن تحصّل على منحة دراسية لمواصلة تكوينه الجامعي هناك. في أرض كندا الباردة اكتشف رياضة الدرّاجات الهوائية لذوي الاحتياجات الخاصّة، إذ لم تكن هذه الرياضة معروفة وطنيًا وعربيًا، وأصبح عبد الرؤوف أوّل رياضي نخبة في هذه الرياضة من الوطن العربي.
أدار ظهره لكندا.. فأدارت الجزائر ظهرها له
تألق عبد الرؤوف في كندا كرياضي نخبة في سباقات الدرّاجات لذوي الاحتياجات الخاصّة. فوزه بالميدالية الفضّية في بطولة "التحدي العالمي لذوي الاحتياجات الخاصّة" في مونتريال عام 2014، جعله محطّ أنظار الاتحادية الكندية، فقد تلقى مساعدة من بعض إطاراتها لتوفير لوازم ممارسة الرياضة، وقدّموا له طلبًا رسميًا لتمثيل كندا في هذه الرياضة، لكنّه اعتذر لأنّ البلد الوحيد الذي سيمثله هو الجزائر. بعدها سعى عبد الرؤوف للمشاركة في أولمبياد ريو دي جانيرو مع الجزائر، لكنه دفع ثمن استهزاء المسؤولين في الجزائر ولا مبالاتهم، وتم حرمانه من المشاركة في آخر لحظة، قرار دفعه في التفكير في اعتزال الرياضة نهائيًا.
بعد ماجر.. أوشن يتوّج بالشامبيونزليغ؟
كان الحنين لكرة القدم يسكن عبد الرؤوف، فلم يترك مداعبة الكرة يومًا، في أحد الأيام قام أحد أصدقائه بتصويره وهو يداعب الكرة بطريقة رائعة، لم يعلم صاحب "العكازة الذهبية" أنّ ذلك الشريط سيفتح له أفقا جديدًا، تواصل معه الكثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي، فانفتحت له باب الإحتراف في تركيا التي تملك بطولة خاصّة بكرة القدم لذوي الاحتياجات الخاصّة، فانضم عبد الرؤوف إلى نادي "عصمانلي سبور التركي"، أين بزغ نجمه وصار من بين أحسن اللاعبين في الدوري التركي، خاصّة أنه كان يشغل منصب قلب الهجوم، فحين ترى فيديوهات أهدافه تتيقن حقًا أنه مشروع لاعب عالمي في هذه الرياضة.
توشّح عبد الرؤوف أوشن العلم الجزائري بعد تتويجه بلقب أحسن لاعب في رابطة أبطال أوروبا
بعد تألّقه مع نادي العاصمة أنقرة، تلقى عبد الرؤوف عرضًا مغريًا من نادٍ تركيٍ آخر، وهو نادي"أورتوتك سبور"، وهو الفريق الذي صنع له ابن الجزائر مجدًا جديدًا، بعد أن قاده للتتويج بأغلى المسابقات الأوروبية وهي كأس رابطة أبطال أوروبا لذوي الاحتياجات الخاّصة. المسابقة التي توّج فيها عبد الرؤوف بلقب أحسن لاعب سنة 2019، بعد أن صنع أهدافًا وسجّل أخرى، ليتوشّح العلم الجزائري أثناء تسلمه الكأس، في رسالة واضحة أنّه سيواصل مساعيه لتكوين فريق وطني في كرة القدم لمبتوري الأرجل، ويقوده نحو كأس العالم لهذه الرياضة.
اقرأ/ي أيضًا: