13-أغسطس-2024
(الصورة: فيسبوك)

(الصورة: فيسبوك)

من المنتظر أن يتمّ الكشف عن الاستراتيجية الوطنية للصحة (2025 – 2030)، في غضون نهاية شهر آب/ أوت الجاري، كمخطط يتضمّن العناوين الكبرى الأساسية للصحة، فما هي أبرز محاورها؟

البروفيسور كمال صنهاجي: هذه الاستراتيجية كخطة صحية تراعي في محاورها الجانب الإنساني

تهدف هذه الاستراتيجية التي تُشرف عليها الوكالة الوطنية للأمن الصحّي، وفق الجهات الرسمية، إلى توضيح مختلف الآليات التي سترتكز عليها رؤية الحكومة لتعزيز المنظومة الصحية في الجزائر، وتشخيص الواقع الصحي في البلاد وكيفية تنفيذ خطوطها العريضة.

نحو صحة ورعاية أفضل

إلى هنا، يؤكّد خبراء في الصحة أنّ هذه الاستراتيجية محطة مهمة في هذا القطاع الحساس، إذ تتجسد فعليًا عبر تحقيق رعاية أفضل للمواطن ووقايته من الأمراض، وذلك في إطار توجهات الدولة، التي تستهدف تحسين الخدمات الصحية.

لاحقًا، ستعكس هذه الاستراتيجية، أهمية تطوير النظام الصحي في الجزائر عمومًا وتسخير الكوادر الطبية والكفاءات في مختلف الأسلاك التابعة للقطاع، وتحيين هذه المنظومة تبعًا لمستجدات الوسائل المتطورة من جهة، وكذلك في طرق مواجهة الأوضاع الطارئة.

وجب التذكير هنا، بالظروف التي تزامنت مع تنصيب الوكالة الوطنية للأمن الصحي، قبل أربع سنوات، وذلك في سياق الأزمة الصحية التي شهدتها الجزائر على غرار دول العالم المرتبطة بانتشار فيروس كورونا (كوفيد-19).

وبخصوص الأدوات الخاصّة بتنفيذها، قال رئيس الوكالة الوطنية للأمن الصحي، البروفيسور كمال صنهاجي، إنّ هذه الاستراتيجية كخطة صحية تراعي في محاورها الجانب الإنساني، إذ "تعتمد على مرتكزات أهمّها: اليقظة والوقاية والاستشراف".

وانطلاقًا من ذلك، اعتبر صنهاجي في تصريحات للإذاعة الوطنية، أنّ "استراتيجية الأمن الصحي" أحد الخيارات التي خططت الحكومة لتنفيذها ميدانيًا في الخمس سنوات المقبلة، لذا فمن أهم محاورها هو السعي إلى تنفيذ مخطط خماسي تحت عنوان:" منظومة وطنية استباقية للأوبئة والأمراض".

بالإضافة إلى ذلك، يعتبر صنهاجي توزيع الكفاءات جوهر المخطط من ناحية الإمكانيات البشرية التي يحتاجها القطاع الصحي العمومي، في مختلف التخصّصات، إذ يكون بطريقة عادلة في المؤسسات الصحية والمرافق العلاجية عبر ولايات الوطن.

وعلى هذا الأساس، فمن بين آليات تنفيذ هذه الاستراتيجية، كما تشير الدكتورة كريمة لورجان (مختصة في الطب الداخلي)، تحقيق الرعاية الصحية للمرضى عبر التكفل التام بهم في المؤسسات الصحية القريبة منهم، لافتةً إلى "أهمية وضع مخطط دوري للتحسيس بالأمراض والأوبئة لاستبعاد خطورتها".

وشددت لورجانن في سياق حديثها، على مستوى الخدمات الصحية المقدّمة في كافة التخصصات، قائلة لـ" الترا جزائر" إن من بين أهمّ مرتكزات الاستراتيجية الصحية؛ ما يتعلق بالمساعدة على الإحاطة بالأمراض وبكيفية تحقيق رعاية أفضل لمختلف الفئات.

الانتقال الصحي من العلاج إلى الوقاية

في هذا الشأن يقول المختص في الصحة العمومية، كريم دولاش إنّ الجزائر ستعزز إمكانياتها البشرية والمادية من أجل" درء المخاطر التي تهدد صحة المواطن مباشرة"، في علاقة بتأسيس بنك معلومات عن تطور الأمراض المزمنة خاصة، وتقديم إحصائيات لكيفية علاجها، فضلًا عن توزيع المقدرات العمومية الطبية والصحية في مختلف المؤسسات الصحية في جميع الولايات.

وبخصوص الآلية الممكنة في إطار عمل النظام الصحي، قال في تصريح لـ"الترا جزائر"، إنّ النّظرة الاستشرافية لهذا القطاع تستوجب تغيير الأدوات المستخدمة في مواجهة الأزمات الصحية، لافتًا إلى تغيير الأسلوب في التعاطي مع المستجدات الصحية، وذلك بـ "الانتقال من التركيز على جانب العلاج لمختلف أعراض الأمراض إلى العمل على تحسين الجانب الوقائي منها بغية حماية المواطن والحفاظ على صحته".

في السياق، يتوقّع أن تجهز الوكالة تقريرًا مفصلًا لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يراعي فيه مختلف الإجراءات الممكنة واللازمة لمواجهة المخاطر الصحية.

خطوط كبرى

تقنيًا، تنقسم المقاربة الصحية للاستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي في الجزائر، إلى ثلاثة محاور كبرى هي: "الصحة في علاقتها برفاهية المواطن وإصلاح النظام الصحي الوطني"، أما المحور الثاني فيتعلّق بـ "البيئة والتغيّرات المناخية وتأثيرها على الصحة"، ثمّ المحور الثالث "التغذية وتأثيرها على الصحة".

ومن المخاطر الصحيّة التي تواجه المواطن، اعترف مسؤول الوكالة بأن هناك ثلاث تحدّيات رئيسية وهي: (الأوبئة، البيئة وتغير المناخ، التغذية)، وهو ما يستلزم وضع أسس نظام وطني استباقي يعزز مرونة النظام الصحي وذلك لحماية الأجيال الحالية والمستقبلية من المخاطر الصحية.

ويبدو أنّ هذه الخطة المنتظر تنفيذها في السنوات الخمس القادمة، تبقى عالقة في أهم أدوات تنفيذها على الأرض، إذ يجب تضع في الحسبان الحلقة الأقوى في الميدان وهي الطواقم الطبية، وهنا تحديدًا يمكن الرجوع إلى أزمة كورونا، إذ تبيّن أنّ الاهتمام بهذه الفئة يعتبر أهم حلقة في توفير الخدمة الصحية للمواطن.

لذا يمكن طرح التساؤل التالي: هل تستوي الاستراتيجية فعلًا على الأرض في ظلّ بعض العراقيل التقنية؟ في هذا السياق وجب التنبيه إلى سبل تدعيم الكوادر الطبية في علاقة بسلم الأجور والمنح، رغم أنّ الطواقم الطبية بمختلف أسلاكها، استفادت من زيادات في الأجور، إلا أنها تظلّ ليست بالمستوى المطلوب، في مقابل "الهجرة الجماعية لأصحاب الشهادات الطبية" نحو الخارج.

وبذلك فإن البعض يرى أن سير هذه الاستراتيجية من شأنه أن يكون متوزايًا مع إعطاء الأولوية للكادر البشري وتوفير كل الظروف المادية والوسائل التي تمكنه من تقديم خدمة عمومية ذات جودة وفعالية.

إلى هنا، وجب التذكير بأنّ الرئيس تبون استحدث الوكالة الوطنية للأمن الصحي، في حزيران/ جوان 2020، وذلك بهدف تشخيص واقع المنظومة الصحية بشكل دقيق، والعمل ترقية القطاع الصحي، والاستجابة للطموح المشروع للمواطنين إلى الاستفادة من منظومة صحية متطورة تضمن رعاية نوعية بمقاييس عالمية.

المختص في الصحة كريم دولاش لـ "الترا جزائر": النّظرة الاستشرافية لهذا القطاع تستوجب تغيير الأدوات المستخدمة في مواجهة الأزمات الصحية

وتضمّ الوكالة شخصيات علمية وخبراء وأخصائيين في مجالات مختلفة، إذ تهتم الوكالة بتنسيق البرامج الوطنية لضمان العلاج النوعي للمواطن وتوسيع الوقاية من مختلف الأمراض ومواجهة تحديات أخطار الأزمات الصحية.