01-سبتمبر-2024
المترشحون للرئاسيات الجزائرية (الترا جزائر)

المترشحون للرئاسيات الجزائرية (الترا جزائر)

يرى ملاحظون لفحوى خطابات المترشّحين الثلاثة للانتخابات الرئاسية بالجزائر، المقرّرة في الـ 7 سبتمبر الجاري، تركيزهم على الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للبلاد مع وعود والتزامات بتغييره الوضع نحو الأفضل، لكن هناك من يتساءل عن الثقافة والفن في برامج المترشّحين.. ماذا تتضمن حقيبته؟

مع بداية الحملة الانتخابية للرئاسيات، أخذت البرامج الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أيضًا حصّة الأسد من خطابات المترشحين الثلاثة

مع بداية الحملة الانتخابية للرئاسيات، أخذت البرامج الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أيضًا حصّة الأسد من خطابات المترشحين الثلاثة، المترشّح الحر عبد المجيد تبون ومرشح جبهة القوى الاجتماعية "الأفافاس" يوسف أوشيش ومرشح حركة السلم "حمس" عبد العالي حساني شريف، خلال تجمعاتهم الانتخابية بالولايات والمناطق التي قاموا بزيارتها من أجل إقناع الناخبين للتصويت لهم والفوز بكرسي الرئاسة.

وقدّموا خلال التجمعات، التزاماتٍ للمواطنين انصبّت على تحسين التنمية المحلية ورفع الأجور ومنحة البطالة ومنح السكن وخلق مناصب الشغل وتنويع الاقتصاد بعيدًا عن مداخيل المحروقات.. وغيرها، لكن اللافت أنّ من يتصفّح برامجهم المنشورة عبر منصّات التواصل الاجتماعي يلحظ أنّ للثقافة حيّز معتبر في برامجهم، ولكل واحد في ذلك رؤيته الخاصّة لتطويرها وتجسيدها على أرض الواقع.

"التراجزائر" ارتأت أن تقدّم ورقة تكشف عن البرنامج الثقافي للمترشحين الثلاثة، بماذا جاء وعلى ماذا سلط الضوء؟

علمًا أنّ المترشح الحر عبد المجيد تبون الطامح إلى عهدة ثانية، كان وراء صدور قانون الفنان لأول مرّة في تاريخ الجزائر المستقلة، وصدور قانون الصناعة السينماتوغرافية وإنشاء البكالوريا الفنية، وميلاد أول ثانوية للفنون وإنتاج عدد من الأفلام حول الثورة وأبطال حرب التحرير.. وغيرها من المشاريع الثقافية والفنية التي حملتها عهدته الأولى، فماذا يحمل للجزائريين في الولاية الثانية على صعيد الثقافة والفنون إذا وصل للحكم؟

عبد المجيد تبون.. الصناعة السينماتوغرافية في صلب البرنامج

من بين 10 محاور، في برنامج المترشح عبد المجيد تبون الذي يحمل شعار "من أجل جزائر منتصرة"، جاءت الثقافة والفنون في محور عام بعنوان "الشباب" وفيه يعد تبون بجملة من النقاط التي تهدف إلى تطوير الفن والثقافة في مختلف الجوانب خاصة السينمائية.

يؤكّد المترشح تبون الاستمرار على نهج المشاريع الثقافية والفنية التي حملتها عهدته الأولى باستحداث مشاريع أخرى في قطاع الثقافة والفن وبالجزائر وأبرزها كما تضمنها المحور الثامن "الشباب":

-الاستمرار في تدعيم الصناعة السينماتوغرافية

-منح الفنانين قروضًا بنكية مع تسهيلات أخرى، لتمكينهم من إنجاز مشاريعهم الفنية

-تكثيف جهود حماية التراث الوطني المادي واللامادي، والترويج له على الصعيد الدولي من خلال آليات فعالة للإشعاع الثقافي الجزائري.

-إقحام المؤسّسات الناشئة في الصناعة السينماتوغرافية

-مضاعفة التكوين الفني والتقني بما يتواءم مع النظرة الجديدة للإنتاج الفني والسينماتوغرافي وإخراجه من الإطار النظري إلى الاحترافي.

-إطلاق مدرسة عليا متخصصة في التكوين، بالمجالات التقنية والصناعة السينماتوغرافية

بين سنتي 2019 و2024 وهي العهدة الأولى للرئيس عبد المجيد تبون التي جاءت بـ54 التزامًا منها التزامات في الشأن الثقافي وأبرزها: تعزيز الثقافة والأنشطة الثقافية عن طريق "الشروع في نهج لدعم ومرافقة الإبداع الفني والأعمال الثقافية من خلال إتاحة مساحات مخصصة للفنانين والمبدعين، تحسين شبكة الهياكل القاعدية ذات الصلة بالانتشار الثقافي وزيادة ربحيتها كقاعات العروض، والمسارح، دور السينما،..إلخ".

كما حملت هذه الالتزامات، تعهدات بالدفاع عن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة وترقيتها ومكافحة قرصنة الأعمال الفنية؛ ودعم ومرافقة المبادرات التي يطلقها الفنانون الشباب من خلال وضع آليات الدعم وتشجيع الإبداع؛ وتثمين مهنة الفنان وكل الفاعلين في مجال الثقافة وترقية دورهم الاجتماعي ووضعهم القانوني؛ وترقية الكتاب والمطالعة خاصة في المدارس.

وفي التزامه الـ20 "الإنتاج الفكري والثقافي والفني لخدمة النمو الاقتصادي": أكد تبون على تطوير الصناعة السينمائية والثقافية من خلال حوافز  وتدابير جذابة لصالح المنتجين لأول مرة؛ وتضمنها قانون الفنان، إضافة إلى  تشجيع الخبرة الوطنية في مجال الصناعات الثقافية والفنية للحد من تقديم الخدمات المستوردة، وتشجيع إنشاء استوديوهات الصناعة السينمائية واستوديوهات التسجيل وقاعات المسرح والعروض من خلال الحوافز الضريبية والمصرفية.. وغيرها.

هذه الالتزامات تحقّق منها إنشاء أول بكالوريا فنية وأول ثانوية للفنون، وعقدت جلسات فنية توجت بإصدار قانون الفنان، فضلًا عن إعداد قانون الصناعة السينماتوغرافية، وإنشاء وكالة وطنية مكلفة بالإشراف على العمل السينمائي، وإعادة الاعتبار لفيلم الأمير عبد القادر، وإنجاز أفلام أخرى ثورية، إلى إنشاء المعهد العالي للسينما، وإعادة إحياء المهرجانات التي توقفت منها مهرجان وهران للفيلم العربي ومهرجان عنابة المتوسطي.. وغيرها.

"الأفافاس".. 4 نقاط للثقافة والهوية

"رؤية الغد" هو شعار البرنامج الانتخابي للمترشح عن "أفافاس" يوسف أوشيش، والذي تضمن عديد المحاور في شتى المجالات لاسيما الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية، إضافة إلى الثقافية التي جاءت في محور وسمه بـ"الثقافة والهوية".

في هذا المحور يجدد يوسف أوشيش التزامه الثابت بتغيير الثقافة الجزائرية استنادًا كما جاء في البرنامج إلى الركائز الأساسية الثلاثة للهوية الوطنية وهي الإسلام والعربية والأمازيغية.

يدعو أوشيش إلى ثقافة شعبية متاحة للجميع ومفتوحة على العالم، إضافة إلى ذلك فهو يعمل كما تضمنه البرنامج على محاربة أي شكل من أشكال الأحادية الثقافية وبشكل عام ضد التطرفات سواء كانت هوياتية أو دينية.

 وأبدى الأمين العام الأول للأفافاس في حال انتخابه رئيسًا للجزائر بتعزيز ثقافة التعايش والتسامح مع مراعاة التراث الثقافي واللغوي الذي يعكس عمق الجزائر وتاريخها الذي يمتد لآلاف السنين.

وشمل البرنامج الثقافي ليوسف أوشيش أربعة محاور وهي:

*الدعم الثقافي:

 بناء مدينة سينمائية لتشجيع الإنتاج الوطني

- إدخال وحدة الثقافة والفن في المناهج الدراسية من المرحلة الابتدائية،

-تعزيز وضع الفنان وحماي حقوق المؤلفين والحقوق المجاورة

-العمل بالتنسيق مع عالم الثقافة لإنشاء مدارس جديدة متخصصة في المهن الحديثة في هذا القطاع.

  • تعزيز اللغات الوطنية:

-حماية وترقية اللغات الوطنية والرسمية العربية والأمازيغية التي تجسد الشخصية الجزائرية

-تبني قانون عضوي لتنفيذ الاعتراف الرسمي بالأمازيغية

-تأسيس أكاديمية للغة الأمازيغية وتعزيزها بالأكاديميين والمؤهلين

-تعميم تدريس اللغة الأمازيغية كلغة إلزامية في النظام التربوي الوطني

-تنفيذ خطة خامسة لتعزيز الثقافة الأمازيغية تشمل المهرجانات وإعانات للفنانين وإنشاء مراكز ثقافية أمازيغية.

-تقدير الأعمال الأدبية الفلسفية بالعربية والأمازيغية من خلال الفعاليات الثقافية والجوائز الأدبية والوطنية

-دعم الإنتاج العلمي بالعربية والأمازيغية من خلال تقديم الإعانات للباحثين

-إنشاء مركز وطني للترجمة بين اللغات الوطنية، مع مشاريع ترجمة إلى اللغات الأجنبية.

  • تعزيز التسامح:

- إنشاء منصب مفتي الجمهورية، ومقره جامع الجزائر بالجزائر العاصمة للتأطير والحفاظ على المرجعية الوطنية الدينية.

-تنظيم مؤتمر سنوي للأئمة والخطباء الجزائريون لضمان تكوينهم المستمر وفق قيم الإسلام المعتدل

  • الحرف والتراث:

-إنشاء وطالة وطنية لحماية واسترجاع التراث التاريخي الجزائري المادي واللامادي

-إنشاء صندوق تطوير الحرف بتمويل من الدولة والشركاء الخواص لدعم المشاريع المبتكرة والمستدامة

-إجـراء جـرد وطنـي للمهارات والتقنيات الحرفية التقليديـة في كل ولاية للحفاظ على تراثنا

-إنشاء علامة وسم للمنتجات الحرفية الجزائرية لضمان أصالتها وجودتها.

"حمس".. التنمية الثقافية

"التنمية الثقافية" عنوان المحور الخامس ضمن محاور برنامج مرشح "حركة مجتمع السلم" عبد العالي حساني، الذي يخوض سباق الانتخابات الرئاسية لأول مرة.

حساني في هذا المحور قدم جملة من الالتزامات والتي تحدث فيها عن تطوير العلوم والمعارف وترسيخ الانتماء وتحفيز الإبداع والابتكار وترقية التراث الثقافي وتهذيب الذوق العام وتفعيل دور الذاكرة الوطنية والتنمية الثقافية.

ويحمل البرنامج في شقه المنظومة الثقافية ترقي التهذيب والإبداع والانفتاح:

-دعم ثقافة ترسخ الهوية وتعزز القيم ومنفتحة على العالم

-تشجيع الإبداع الأدبي وتحفيز الإنتاج الفني

-دعم الباحثين والنخب الفكرية وترقية دورهم في المجتمع

-تخصيص مساعدات للمبدعين والفنانين والمؤسسات والجمعيات الثقافية

-تطوير النشاط والإنتاج المسرحي ابتداء بالمسرح البلدي والمدرسي

-تطوير الاحترافية في الإنتاج السينمائي والتلفزيوني

-دعم الإنتاج السمعي البصري في الأعمال الفنية والقصص والأفلام

-تطوير آليات تصنيف وترميم وصيانة المعالم التاريخية والتراث الثقافي

-تطوير التظاهرات الثقافية والوطنية والدولية

-تثمين التنوع الثقافي المحلي

وفي شق الذاكرة الوطنية الحيوية والجامعة: فقد وعد مرشح حركة مجتمع السلم بـ:

-ـتنمية منظومة القيم لدى الناشئة، تشجيع الأبحاث والأعمال الأكاديمية حول الذاكرة الوطنية

-تبليغ تاريخ الجزائر للناشئة ودعم المشاريع ذات البعد التاريخي

-تجريم الاحتلال الفرنسي للجزائر بنص قانوني

-تشجيع ودعم الجمعيات والمؤسسات المساهمة في توثيق الذاكرة الوطنية

الثقافة وبرامج المترشحين

بخصوص حصة الثقافة والفن برامج المترشحين للرئاسيات، يعلق محمد علال، إعلامي ومهتم وناقد سينمائي قائلًا في منشور عبر حسابه بفايسبوك: "ما لفت انتباهي، في برامج المترشحين الثلاثة للرئاسيات (تبون، حساني، أوشيش)، حديثهم على الصناعة السينماتوغرافية".

 واعتبرها "سابقة في تاريخ الرئاسيات الجزائرية منذ الاستقلال، حيث تدرج السينما ضمن محاور البرامج الانتخابية لدى جميع المترشحين بمختلف ألوانهم".

وأضاف: "بالنسبة للرئيس تبون فقد أدرج الحديث عنها هذه المرة بشكلٍ أكثر دقة، في فصل الشباب، مشيرًا إلى تحقيق ذلك سيمر عبر إقحام المؤسسات الناشئة في الصناعة السينماتوغرافية وتدعيم السياحة الداخلية خاصة الصحراوية ومضاعفة التكوين في المجال التقني وإطلاق مدرسة عليا في مجال الصناعة السينماتوغرافية."

 وتابع قوله: "بالنسبة لمنافسه مرشح حزب (الأفافاس) المعروف بتوجهاته الثقافية، السيد أوشيش فقد اكتفى بإدراج الفكرة في فصل "الثقافة والهوية/دعم الثقافة " باختصار:" بناء مدينة سينمائية لتشجيع الإنتاج الوطني ".

أما مرشح "حمس" حساني شريف، فقد خصص لها حيزًا في فصل "منظومة ثقافية تُرقيِ التهذيب والإبداع والانفتاح " مشيرًا إلى أنه سيسعى لتطوير الإنتاج السينمائي والتلفزيوني عبر دعم إنتاج الأفلام والقصص". يضيف محمد علال.

 واستطرد علال أنه "لمس فرقًا شاسعًا بين المترشحين الثلاثة في مستوى الوعي الثقافي هنا، بين من ينظر إليها كمشروع حقيقي محددًا زوايا المعالجة بدقة ومدركًا لتحديات العصر ورهانات الصناعة السينماتوغرافية، وبين من يحمل مشروعًا فضفاضًا دون ملامح دقيقة، وبين من يحمل أفكارًا أيديولوجية ضيقة لا تتماشى مع العصر ولا تخدم الدولة ولا الاقتصاد السينمائي والانفتاح المنشود".

يدعو المترشح يوسف أوشيش إلى ثقافة شعبية متاحة للجميع ومفتوحة على العالم

وبحسب علال "المكسب: السينما تثبت كل يوم وزنها أمام الإرادة السياسية، لكن تساءل هل سنشهد نهضة سينمائية حقيقية في السنوات القادمة؟".