يعيش سكان القصبة العتيقة بقلب العاصمة الجزائرية، حالة من الذعر والتوجس، عقب سقوط بناية من أربعة طوابق على ساكنيها ما أدى إلى وفاة خمسة أشخاص.
يعيش سكان القصبة العتيقة بقلب العاصمة حالة من الذعر بعد انهيار بناية من أربعة طوابق ما أدى إلى وفاة 5 أشخاص
البناية التي يعود بناؤها إلى الفترة العثمانية، كانت مصنفة في الخانة البرتقالية من طرف مسؤولي ولاية العاصمة منذ زلزال 2003، ما أثار استياء السكان الذين صبوا غضبهم على السلطات المحلية، محملينها المسؤولية بالتقصير في نقل ساكنة المنطقة إلى منازل لائقة حتى ترميم بيوتهم القديمة.
اقرأ/ي أيضًا: ماذا لو تكلمت قصبة الجزائر؟
الحي العتيق حزين
زار "الترا جزائر" المنطقة المنكوبة للحديث مع ساكنته، فأغرب أغلب المتحثين عن غضبهم مما اعتبروه إهمالًا من قبل السلطات المحلية. يقول بلقاسم آيت: "أغلب السكنات صارت تهدد حياة القاطنين بها، خصوصًا وأنها حددت في الخانة البرتقالية"، أي بحاجة إلى الترميم سريعًا. وكشف آبت عن أن في الحي عمارات مصنفة في الخامة الحمراء، أي آيلة للسقوط في أي وقت، لا زالت مسكونة، دون تحرك من السلطات المحلية.
وبحسب تصريحات السكان، تأخرت عملية ترحيل قاطني العمارة التي سقطت على السكان قبل يومين، والمتواجدة في حي سعيد تماغيلت، بالقرب من جامع كتشاوة، إذ كان من المفترض أن تتم منذ شهر تموز/يوليو الماضي، غير أن السلطات المحلية "تماطلت في عمليات الترحيل إلى ما بعد شهر رمضان القادم"، وفقًا لمحمد أولحاج، أحد سكان المنطقة، في تصريح لـ"الترا جزائر"، مؤكدًا أن "المنطقة بأكملها تحتاج لعمليات ترميم وترحيل للعائلات حتى إتمام هذا الترميم"
وعلى الأرض، تمر عمليات ترميم الحي العتيق بعدة إجراءات، تهتم بها مختلف مديريات السكن والتعمير والتهيئة العمرانية، وذلك بحسب المهندسة المعمارية نورة بوحدة، التي قالت إن أغلب عائلات العمارة المنكوبة قد رحلت إلا عائلة واحدة كانت تقطن الطابق العلوي، في انتظار ترحيلها الذي تأخر.
وعقب الحادثة خرج سكان القصبة العتيقة في احتجاجات أمام بلدية باب الوادي، مطالبين بفتح تحقيقات في الحادثة لمعاقبة المسؤولين عنها، بل طرد الأهالي والي العاصمة وموكبه أثناء زيارته لتفقد المنطقة بعد الحادثة. وعقب ذلك بقليل، أقال رئيس الدولة المؤقت عبدالقادر بن صالح، الوالي من منصبه.
ومن جانبها قالت المهندسة المعمارية حورية بوحيرد، رئيسة جمعية حماية القصبة، إن سكان الحي العتيق "يواجهون خطر الموت كل يوم"، محملة المسؤولية الكاملة لولاية الجزائر في إهمال الحي التاريخي، وسكانه المعرضين للخطر.
دفتر صحي لكل عمارة
أشار رئيس المجمع الجزائري للخبراء والمهندسين الجزائريين، عبد الحميد بوداود، إلى أن "المشكلة التي تعرفها المناطق العتيقة في الجزائر، تتمثل في عدم إعداد دفتر صحي للعمارات القديمة"، موضحًا في حديثه لـ"الترا جزائر"، أن الدفتر الصحي من شأنه أن يكشف مدى الضرر المحدق بكل عمارة ويسهل من جانب آخر عملية تصنيف العمارات، ومن ثم تصنيف أولويات الترميم والتهديم، ومنها ترحيل السكان.
وأكد بوداود أن الجزائر القديمة، وخاصة حي القصبة وحي بلكور، "يخضعان إلى عمليات ترميم سطحية غير مبنية على قرارات المهندسين ودفاتر خاصة بكل عمارة وحالتها الهندسية"، وبحسبه فإن غياب هذه المعلومات من شأنه أن يُخضع كل العمارات دون استثناء إلى عمليات ترميم متساوية، دون مراعات الحسابات التقنية.
وتبقى الخطورة قائمة في حيي القصبة وباب الوادي وأحياء وادي قريش بالجهة الغربية للعاصمة الجزائرية، إذ يعيش السكان في حالة خوف كلما أسدل الظلام خيوطه، كون عمارات هذه الأحياء، أو كثير منها، تحتاج لترميم أو آيلة للسقوط في أي وقت.
يُذكر أن منظمة اليونسكو الأممية، كانت قد صنفت حي القصبة ضمن قائمة التراث العالمي، وهو الذي يعود للفترة العثمانية، إذ شيدت أغلب أبنيته في القرن الـ18 الميلادي.
صنفت اليونسكو القصبة ضمن قائمة التراث العالمي، إلا أن السلطات المحلية غير مهتمة بإعادة ترميم الحي الأثري
ويحتاج الحي الأثري إلى إعادة ترميم واسعة، وحماية من الاندثار، فضلًا عن حماية ساكنيه من الانهيارات، خاصة بعد تأذيه من فيضانات العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2001، ثم الزلزال الذي ضرب العاصمة في أيار/مايو 2003.
اقرأ/ي أيضًا: