19-مايو-2024
الأدوات المدرسية

(الصورة: موقع في بلادي)

شرعت وزارة التجارة وترقية الصادرات في الجزائر، في تنفيذ سلسلةٍ من الإجراءات الاستباقية بهدف التحضير لموسم الصيف والدخول المدرسي المقبل، تزامنًا مع الاستحقاقات الرئاسية القادمة، وهو ما يجعل المهمة صعبة أمام عديد القطاعات وعلى رأسها التجارة، لتوفير مواد ذات استهلاك واسع للمواطنين لكنها تشهد ندرة في الأسواق، في الوقت نفسه.

رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين لـ "الترا جزائر": الوسطاء غالبًا ما يسعون لرفع الأسعار لتحقيق مكاسب غير مشروعة، مما يؤدي إلى تقلبات غير مبررة في السوق ويضرّ بالمستهلكي

بدأت الوزارة منذ شهر شبّاط/فيفري المنصرم في توزيع 68 رخصة توطين بنكي لاستيراد الأدواتِ المدرسيةِ، لضمان توفرها في السوق قبل 100 يوم على الأقل من بداية الموسم الدراسي، كما نسقت مع المنتجين المحليين، حيث تم تحديد 49 منتجًا للأقلام والأغلفة وغيرها من المستلزمات الدراسية، وعلى صعيد آخر، جندت الوزارة ثمانية آلاف عون رقابة لضمان استقرار الأسعار خلال فصل الصيف، وعقدت اجتماعات مع منتجي المكيّفات الهوائية لمنع أيّة ندرة في السوق.

وتأتي هذه الإجراءات  بالموازاة مع دعوات من الجمعيات المهنية لاتخاذ إجراءات صارمة ضدّ الوسطاء الذين قد يرفعون الأسعار لتحقيق مكاسب غير مشروعة، تأتي هذه الجهود ضمن خطة شاملة تهدف إلى توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين بأسعار معقولة، مع التركيز على مكافحة المضاربة وتحقيق استقرار الأسواق، فهل سينجح وزير التجارة الجزائري الطيب زيتوني في التحدي؟

خطة وزارة التجارة

وباشرت وزارة التجارة وترقية الصادرات إجراءات مكثفة واستباقية منذ شهر شباط/فيفري المنصرم للتحضير لموسم الاصطياف وكذا الدخول المدرسي المقبل، من خلال بداية منح رخص التوطين البنكي لاستيراد الأدوات المدرسية حيث تم توزيع 68 رخصة يفترض أن تصل الأدوات المدرسية السوق الجزائرية بين شهري أيار/ماي، وحزيران/جوان، لتكون بذلك متوفّرة في السوق قبل 100 يوم على الأقل من بداية الموسم الدراسي المقبل.

كما تم في هذا السياق التنسيق مع المنتجين وتحصي وزارة التجارة وترقية الصادرات 49 منتجًا للأقلام والأغلفة وغيرها من المستلزمات الدراسية في حين تشمل عملية الاستيراد بالدرجة الأولى الكراريس، وباشرت الوزارة بتاريخ 14 أيار/ماي 2024 التنسيق مع مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري وهو أكبر تجمع لرجال المال والأعمال في الجزائر لتمديد مبادرة "متحدون وطنيًا" لتخفيض أسعار الأدوات المدرسية على غرار الخطّة التي قام بها شهر رمضان المنصرم لتخفيض أسعار المواد واسعة الاستهلاك.

وبشأن موسم الاصطياف جندت وزارة التجارة وترقية الصادرات ثمانية آلاف عون رقابة لضمان الحفاظ على استقرار الأسعار، كما باشرت لقاءات معمقة مع منتجي المكيفات الهوائية لضمان عدم حدوث أي ندرة، واتفق المنتجون على توفير التجهيزات والبيع من المنتجين إلى تجار الجملة والتجزئة والمستهلكين مباشرة،وهذا لمنع تكرار سيناريو السنة الماضية حينما ارتفعت أسعار المكيفات الهوائية في ظلّ ارتفاعٍ حادٍ لدرجة الحرارة شهر تموز/جويلية، وزادت أسعار المكيفات بما وصل وقتها بين 50 و100 أورو على الجهاز وهو ما أثار استهجانًا واسعًا للمواطنين، وثبت بعد تحقيقات وزارة التجارة أن الوسطاء سعوا إلى إلهاب الأسعار.

التجار يحذرون من الطرف الثالث

من جهته يصرح رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين، الحاج الطاهر بولنوار، في حديث لـ"الترا جزائر"، بأنّ أسعار المواد الاستهلاكية، بما في ذلك المكيفات والخضر والفواكه وزيت المائدة والسكر، لن تشهد ارتفاعًا خلال فصل الصيف. وأكد بولنوار أن وزارة التجارة وترقية الصادرات اتخذت جميع الإجراءات اللازمة لضمان استقرار الأسعار، مما يبعث الطمأنينة في نفوس المواطنين بشأن قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية خلال الفترة الحارة من السنة.

وأشار بولنوار إلى أن أسعار الأدوات المدرسية من المتوقّع أن تكون مستقرة مع اقتراب الدخول المدرسي المقبل، مشددًا على الجهود المبذولة من قبل الوزارة لضمان توفير المستلزمات بأسعار مناسبة، ستلعب دورًا هامًا في مساعدة الأسر في تجهيز أبنائها للعام الدراسي دون ضغوط مالية إضافية.

مع ذلك، حذّر رئيس جمعية التجار، من تأثير الوسطاء في الأسواق، والذين يمثّلون الطرف الثالث بين البائع والمشتري. وأكّد أن هؤلاء الوسطاء غالبًا ما يسعون لرفع الأسعار لتحقيق مكاسب غير مشروعة، مما يؤدي إلى تقلبات غير مبررة في السوق ويضرّ بالمستهلكين.

وطالب محدّث "الترا جزائر"، باتخاذ إجراءات صارمة لمحاصرة نشاط الوسطاء والحد من تأثيرهم السلبي، مؤكدًا على أهمية التعاون بين الجمعية والجهات المختصة لمراقبة الأسواق ومنع أيّة تجاوزات. وأضاف أن الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين تلتزم بدورها في الحفاظ على استقرار الأسعار وتوفير السلع الأساسية بأسعار معقولة للمواطنين خلال فصل الصيف والدخول المدرسي.

وشدد بولنوار على أنهم كمتعاملين اقتصاديين وتجار مستعدين للانخراط في كل المبادرات التي من شأنها خفض الأسعار للمواطن.

الاستباق وقانون المضاربة 

من جهته، أفاد عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، هشام صفر، في تصريح لـ "الترا جزائر"، أن لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني  عقدت عدة اجتماعات مهمة مع وزير التجارة خلال الأشهر الماضية، تناولت من خلالها الوضع الحالي للأسواق وآليات ضبط الأسعار. وخلال هذه الاجتماعات، أكّد الوزير على اعتماد إجراءات استباقية قبل أيّة مناسبة لضبط السوق. وأوضح أن هذه السياسة كانت فعالة بشكلٍ ملحوظ، حيث تمكنت الوزارة من التحكّم في أسعار المواد واسعة الاستهلاك خلال شهر رمضان المنصرم، بما في ذلك الخضر والفواكه واللحوم.

وأشار صفر إلى أن هذه السياسة الاستباقية لن تقتصر على شهر رمضان فحسب، بل ستضمن أيضًا تحقيق موسم صيف هادئ بعيدًا عن زيادات الأسعار. وأكد أن نفس النهج سيُتبع لضمان استقرار الأسعار خلال الدخول المدرسي المنتظر نهاية سبتمبر/أيلول المقبل، حيث تتوفر المستلزمات المدرسية في الأسواق منذ الآن، مما يخفّف الضغط على الأسر ويضمن تجهيز الطلاب للعام الدراسي الجديد دون تحمل تكاليف إضافية.

كما أكد المتحدث أن قانون المضاربة الذي أقرته السلطات الجزائرية قبل سنتين أثبت فعاليته الكبيرة في محاصرة المضاربين ومنع أي زيادات عشوائية في الأسعار. وأشار إلى أن القانون يفرض عقوبات صارمة تصل إلى 30 سنة سجنًا للمتورطين في مثل هذه التجاوزات، مما يعزز الاستقرار في السوق ويضمن توفير السلع بأسعار معقولة.

وأضاف صفر أن هذه الإجراءات والتدابير تأتي في إطار جهود الحكومة لضمان استقرار الأسعار وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين بشكل منتظم. وأوضح أن التعاون الوثيق بين لجنة المالية ووزارة التجارة يلعب دوراً محوريًا في تنفيذ هذه السياسات بنجاح، مما يعكس التزام الحكومة بتلبية احتياجات المواطنين وضمان استقرار السوق في مختلف المواسم والمناسبات.

عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، هشام صفر لـ "الترا جزائر": هذه الجهود تأتي ضمن خطة شاملة تهدف إلى تحسين البيئة الاقتصادية وضمان راحة المواطن الجزائري

وشدد صفر على أن هذه الجهود تأتي ضمن خطة شاملة تهدف إلى تحسين البيئة الاقتصادية وضمان راحة المواطن الجزائري. وبيّن أن نجاح هذه السياسة في شهر رمضان يعد مؤشرًا إيجابيًا على قدرتها على توفير الاستقرار في المواسم القادمة، سواء في فصل الصيف أو خلال فترة الدخول المدرسي. وأكّد أن الجهود المستمرة لضبط السوق ومراقبة الأسعار تُظهر التزام الحكومة بحماية المستهلكين ومحاربة الممارسات غير القانونية التي تؤثر على الاقتصاد الوطني.