15-ديسمبر-2023
فيات

(الصورة: فيسبوك)

تنتظر نادية (موظفة بالقطاع العمومي) دورها أمام شباك بنك السلام، بدالي إبراهيم، بأعالي العاصمة، للسؤال عن عملية بيع السيارات بالتقسيط، بعد انطلاق مصنع "فيات" وهران في إنتاج المركبات الجزائرية.

مسؤول قسم الصيرفة الإسلامية بـBNA لـ"الترا جزائر": جاهزون لبيع السيارات بالتقسيط والزبون ملزم بإحضار فاتورة نموذجية من المصنع ليحصل على سيارته بهامش ربح يعادل 7.5% سنويًا

تقول نادية في حديث لـ"الترا جزائر" أنها تقصد مصرف السلام بعد أن زارت بنوك عمومية أخرى للاستعلام عن عملية بيع السيارات بالتقسيط، كاشفة أنها ترغب في شراء سيارة "فيات 500"، المنتجة بمصنع وادي تليلات بوهران بالتقسيط.

وتتابع: "قدمت طلبية لدى أحد البنوك العمومية بمجرد إعلان مصنع "فيات" بوهران عن فتح باب البيع، تشمل راتبي وراتب زوجي، إلّا أن البنك طلب إحضار فاتورة نموذجية من المصنع، حتى يتمكن من اقتناء هذه السيارة وإعادة بيعها لي بالتقسيط."

ولدى سؤالها عن مدة التسليم لدى البنك، تجيب الأربعينية نادية، بأنّ "مسؤول المبيعات بالبنك صارحني بأن مدة التسليم ترتبط بالمتعامل (المصنع)، وليس بالبنك الذي يظل مجرد وسيط في العملية."

وهنا تتخوف محدّثتنا من مشكلة الوفرة، أي تأخر المصنع في تسليمها السيارة لعدة أشهر، خاصة وأنه بتاريخ 11 كانون الأول/ديسمبر الجاري، عند افتتاح المصنع، تم تسليم أول سيارة لزبونة، بعيدًا عن أية خطوات أخرى توضّح حيثيات الشراء والبيع، حيث لا يزال الغموض يلف المشروع، وفقها.

وتأمل نادية وهي تهمّ إلى أخذ مكانها في الشباك البنكي بأن تُفصح الحكومة عن تفاصيل أكبر حول عملية بيع السيارة الجزائرية، لاسيما آجال التسليم، حتى لا تضطر للانتظار لأشهر أخرى، متمنية أن تنخفض الأسعار مثلما وعد به المسؤولون.

إقبال على الصيغة الإسلامية

سارع البنك الوطني الجزائري بمجرد إعلان مصنع "فيات" بوهران عن جاهزية أوّل سيارة، لتوضيح كيفيات بيع السيارات بالتقسيط والتمويل المطروح بالصيغتين الكلاسيكية والإسلامية، حيث تحظى الصيغة الثانية بطلب عالٍ جدًا مقارنة مع الأولى.

وعلى هامش افتتاح الوكالة التجارية المخصصة حصريًا لخدمات الصيرفة الإسلامية الحادية عشر بالمرادية، أعالي العاصمة، بتاريخ 13 كانون الأول/ديسمبر الجاري، أكدت رئيسة قسم الصيرفة الإسلامية أمينة، عثامنية في تصريح لـ"الترا جزائر" بأن بيع السيارات بالتقسيط سيكون عبر المرابحة "الآمر بالصرف" متوفرة في البنك، الذي تمثله منذ إطلاق الصيرفة الإسلامية منذ 3 سنوات، إلّا أن المشكل المطروح اليوم هو مدى وفرة السيارات لدى المصنع.

وأوضحت عثامنية بشكل أكبر: "المطلوب من الزبائن اليوم التقدم إلى مصالح مصنع "فيات" الجزائر وطلب فاتورة نموذجية، بمجرد الحصول عليها يقدمها للبنك رفقة الملف المطلوب، سيتلقى الرد على طلبه في ظرف 48 ساعة على مستوى الوكالة، والتسليم سيكون مصنع "فيات" مسؤولًا عنه وليس البنك".

وأكدت رئيسة قسم الصيرفة الإسلامية أنّه "قد يطلب المصنع الانتظار 45 يومًا، لو اكتفى بهذه المدة أو أضاف عليها، هذا مرتبط بالمصنع، البنك سيقتني السيارة التي يرغب بها الزبون ويعاود بيعها له بالتقسيط المريح مع امتيازات غير مسبوقة، مثل هامش الربح الأقل وعدم إلزامية توطين الراتب لدى البنك".

وعن شروط الاستفادة من بيع السيارات بالتقسيط، تقول المتحدثة إنّ الأهم هو أن يكون راتب الموظف يصل إلى 30 ألف دينار (200 دولار) أو يتجاوزه، في حين تصل نسبة المساهمة الأولية كأدنى شيء 10% من مبلغ السيارة ويدفع البنك 90 بالمائة من قيمة السيارة.

البيع حسب الوفرة

ولم يختلف القرض الشعبي الجزائري (CPA) كثيرًا عن البنك الوطني الجزائري (BNA)، الذي يرى أن توفير السيارات للبيع بالتقسيط مرتبط بوفرة هذه المركبات سواءً لدى مصنع "فيات" أو غيره من المصانع المنتظرة قريبًا.

ويقول رئيس قسم الصيرفة الإسلامية بالبنك الوطني الجزائري، سفيان مزاري، في تصريح لـ"الترا جزائر" أن البنك الذي يمثله جاهز منذ سنة لبيع السيارات بالتقسيط، حيث استكمل منذ مدة كافة الإجراءات والترتيبات على مستوى الوكالات وتلك المتعلقة بتكوين العمال حول كيفيات حساب الأقساط والشراء والبيع والتسليم وغيرها من المراحل.

ويجزم المتحدث بأنّ الزبون وفي حال تأكد من وفرة السيارة على مستوى المصنع يحصل على فاتورة نموذجية ليقوم البنك باقتنائها وإعادة بيعها للزبون وفق هامش ربح يعادل 7.5 بالمائة سنويًا، ويمتد على 5 سنوات قابلة للتقليص حسب رغبة الزبون.

ويشدّد مزاري على أن البنك قدّم طلبيات لاقتناء جملة من مركبات "فيات" خلال المرحلة المقبلة، وسيتم استكمال العملية قريبًا بمجرد جاهزية هذه السيارات ليتم إعادة بيعها للزبون.

ويأتي ذلك بالموازاة مع إعلان بنك البركة الجزائر عن جاهزيته لتمويل اقتناء سيارة "فيات" الجزائرية، بمجرد جلب الزبون لفاتورة نموذجية من المصنع.

وأبرز البنك على أن عملية بيع السيارات بالتقسيط ستتم وفق الشريعة الإسلامية عن طريق ما يصطلح عليه تسمية بالمرابحة لفائدة الآمر بالشراء. واعتبر أن البنك مستعدٌ لاقتناء عدد معتبر من سيارات "فيات" من مصنع وهران.

تمويلات بنكية

اعتبر الخبير الاقتصادي، محفوظ كاوبي، أن إعلان بعض البنوك الجزائرية عن إطلاق تمويلات لشراء السيارات الجديدة المنتجة محليًا سيُساهم في رفع مستوى القدرة الشرائية للمواطن الجزائري مستقبلًا، كما من شأنه إنهاء أزمة السيارات والعجز الذي عرفه هذا القطاع طيلة سنوات .

وأضاف كاوبي في إفادة لـ "الترا جزائر" أنّ "القرار من شأنه أيضًا دعم المنتج المحلي الخاص بالسيارات الجديدة خاصة وأن هذه التمويلات تمسّ فقط المركبات المنتجة محليًا"، قائلا: "في حال وجدت قروض لتمويل هذه السيارات على مستوى البنوك الوطنية فإنّ المركبات المنتجة محليًا ستلقى رواجًا كبيرًا في السوق وبالتالي لن تشهد تكدسًا ".

كما أنّ قرار تمويل السيارات المنتجة محليًا سيكون له تأثير كبير على حظيرة السيارات الوطنية، التي لم تُجدّد منذ سنوات وبالتالي ستكون هذه فرصة لإعادة بعثها من جديد، خاصة وأن 83% من عمر الحظيرة يتجاوز ثمان سنوات وهذا يشكل خطورة على أمن المواطن.

الخبير الاقتصادي محفوظ كاوبي لـ"الترا جزائر": تمويل السيارات المنتجة محليًا سيكون له أثر كبير على حظيرة السيارات ويعطي دفعًا وديناميكية للمؤسسات البنكية

وواصل: "لجوءُ بعض البنوك إلى تمويل السيارات سيعطي دفعًا لهذه المؤسسات البنكية من أجل خلق دينامكية، خاصة وأن قطاعي العقار والسيارات من بين أبرز النشاطات أهمية للبنوك."

والأمر نفسه بالنسبة لتمويل المركبات النفعية المستوردة الموجهة للمستثمرين، وفق كاوبي، الذي يؤكد أنّ "وجود كل هذه المؤشرات هو دليل على الرغبة القوية لبعث الحركية الاقتصادية والاستثمار."