في عمر الـ17 كان تلميذا في الطور الثانوي ووقّع آنذاك أول نص روائي له كتب تقديمه وزير الثقافة الأسبق عزالدين ميهوبي، وسمحت له هذه التجربة في عالم الأدب بالمشاركة لأوّل مرّة في معرض الجزائر الدولي للكتاب في طبعته الـ23 (2018)، كأصغر روائي شاب، اليوم هو طالب في كلية الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر3 وبرصيد ثلاث روايات منشورة.
"الترا جزائر" حاورت الطالب المبدع محمد أيمن حمادي وكان هذا اللقاء الذي يتحدث فيه طموحاته وعن الدراسة والكتابة الروائية وحضور الصحراء في نصوصه وعن تجربته الفتية في العمل الصحفي.
عرّفنا أكثر عن أيمن حمادي الروائي والطالب والمنشط التلفزيوني؟
محمد أيمن حمادي من مدينة برج عمر إدريس ولاية إليزي، طالب سنة الثانية ماستر تخصص سمعي بصري بجامعة الجزائر3 (ناقشت مذكرة التخرج قبل أسبوع فقط)، صحفي بالتلفزيون العمومي "القناة الشبابية"، عملت لفترة مراسلا لوكالة الأنباء الجزائرية مكتب ولاية إليزي، كاتب وروائي، صاحب رواية "لم أك بغيا"، رواية "مريم.. عبرات الموت"، رواية "اغتيالٌ بالورود".
كيف توفق بين الكتابة الأدبية والدراسة والعمل في مجال الصحافة؟
فيما يخص التوفيق بين الكتابة والدراسة فقد جرّبت ذلك في الطورين السابقين (المتوسط، والثانوي)، وحاولت التوفيق من خلال ضبط الوقت، بين موهبة وهواية أطمح فيها لأبعد حدود، وتخصص أعشقه (دراسة الإعلام)، ومجال (العمل الصحفي) شغوف به ولي فيه رؤى مستقبلية، من خلال الحب الذي يجمعني بهؤلاء الثلاثة أدير وقتي، لا أقول بصرامة، لكن حسبما تقتضيه الظروف والأولويات.
وكلها مرتبطة ببعضها البعض، ويمكنني أن أشير إلى قضية اشتغال أكثر الكتّاب بالصحافة وعلى سبيل المثال الروائي الجزائري بشير مفتي، واسيني الأعرج، عبد الرزاق بوكبة، أحمد ختاوي، والروائي السوداني الطيب صالح والأسماء كثيرة.
أغلب الطلبة متحمسون لخوض تجارب إعلامية.. هل بإمكانك تقديم نصيحة أو توجيهات لهم علّهم يقتدون بمشوارك.. بالرغم من أنّ تجربتك في العمل الصحفي ما تزال فتية؟
حقيقة لم أصل لمرحلة تقديم نصائح لأنني لم أكتسب التجربة التي تؤهلني لذلك، لكن من خلال ما نصحني الذين تعرّفت عليهم ولهم باع في مجال الإعلام ومن أساتذتي، أول شيء وهو التسلح بالثقافة والإطلاع حول مجال الإعلام والمجالات الأخرى، فالصحفي الذي لا يقرأ، لا يعرف الواقع، والصحفي الذي لا يعرف الواقع هو صحفي فاشل، بالإضافة أيضا إلى ولوج عالم الإعلام من أي أبوابه استطعت سواء المكتوب منه، أو المرئي، أو المسموع، فلكل ميزته التي تكسبك الكثير.
في رصيدك 3 روايات أدبية حدّثنا باختصار عن قصص كل واحدة.. ومن هي الأقرب إليك؟
صعب أن تطلب من أب أن يختار بين أبنائه، هكذا هي علاقتي بنصوصي الروائية، لكن بخصوص روايتي الأولى "لم أك بغيا" فكانت التجربة الأمتع من حيث اكتشاف عالم الرواية، ومعالجة قضية المرأة كقضية مؤمن بها وجوهرية في حياتنا، أمّا روايتي الثاني "مريم عبرات الموت"، فكانت جزء مكمّل للعمل الأول، وكانت تجربة خاصة بالنسبة لي من حيث الأسلوب والسرد، وتكملة لموضوع علاقة المرأة بالرجل، وقضية "الحركى" أثناء الاستعمار الغاشم، ومواضيع شتى عبر تسلسل زمني طويل.
والرواية الثالثة "اِغتيالٌ بالورود" يمكن القول أنّها القريبة من جانب الموضوع، بحيث تحدثت فيها عن مجال أعشقه جدّا ألا وهو الصحافة، ومعاناة الصحفيين من أجل نقل الحقيقة، والمضايقات التي يتعرضون إليها أثناء تأدية مهامهم .
تقدّم على شاشة التلفزيون الجزائري برنامجا ثقافيا تحت عنوان "بين جيلين".. ما فكرته؟ وبماذا خرجت منه بعد تقديمك عدّة أعداد بمشاركة أدباء كبار بالجزائر؟
الفكرة الأساسية للبرنامج هي الجمع بين جيلين من المبدعين والكتاب والأدباء، من جيل له تجربة طويلة في هذا المجال، وآخر شاب من الجيل الجديد الذي يحلم بأن يصنع مكانا له بين الكبار، فنكون نحن حلقة وصل لنثير فيهم الأسئلة ونذوّب الجدار العازل بين هذين الفئتين.
وقد خرجت في النهاية أن هناك فجوة عميقة لابد من ردمها من خلال اللقاءات الإعلامية والأدبية، وتفعيل ثقافة الحوار والتواصل من أجل خلق جو جديد بين هذين الجيلين، وتكريس هذه السنّة الإعلامية والفكرية الحميدة.
بالعودة إلى مجال الكتابة الأدبية، كتّاب قليلون تناولوا الفضاء الصحراوي كعالم من عوالم رواياتهم أمثال الصديق حاج الزيواني وعبد الله كروم.. إلى أي مدى فضاء الصحراوي حاضر في رواياتك الثلاث؟
الفضاء الصحراوي في رواياتي كان حاضرا كروح تحكمها، باعتبار أنّ الصحراء تتمتع بمقومات تتغلغل في الإنسان ولا يمكنه التخلص منها، أبرزها التأني والصبر، وأبطال رواياتي لابد أن تتواجد فيهم صفة من هذه الصفات، التي لم أستطع التجرد منها. كما أن بطل روايتي الأخيرة "اغتيال بالورود" من بيئة صحراوية وبالتحديد من "تمنراست"، إذن يتحلى بكل ما يحمله الرجل "التارقي" من طباع وأخلاق، وحاليا أكتب نصا روائيا جديدا تدور أحداثه في مدينتي العريقة التي كانت تسمى سابقا "تيماسينين" وهي التجربة الأولى التي أخوضها في الكتابة عن مسقط رأسي.
هل تعتقد أنّ نظرة "التهميش" نحو المبدعين الجزائريين أبناء الجنوب ما تزال قائمة أم أنها تلاشت بدليل فوز كتاب وروائيين بجوائز عربية مرموقة وحضور أسماء أخرى في معارض الكتب ومختلف النشاطات الثقافية في الجزائر وخارجها؟
يمكن القول أنّها تحسّنت عن السابق لكنها لم تنته تماما، بدليل أن أغلب النشاطات التي تقيمها الهيئات الثقافية أو من يشرف عليها أو من هم على رأسها ليسوا من الجنوب، كما أن هناك عاملا آخر يلعب دورا مهما في التهميش ألا وهو البعد المكاني بين هيئات الثقافة والمتمركزة في الأغلب في الشمال وبالتحديد الجزائر العاصمة، والمبدعين الذين يقطنون بآلاف الكيلومترات عنها يصعّب من حضورهم الدائم، وممارسة مهامهم في مختلف مناطق الوطن. أمّا فيما يخص فوز العديد من كتاب الجنوب بجوائز عربية وحضورهم للنشاطات الثقافية ذلك راجع إلى إثبات حضورهم بأعمالهم الإبداعية الحقيقة، وتضحيتهم في سبيل ذلك.
كاتب شاب وطالب في جامعة الجزائر.. ماذا منحتك العاصمة الجزائر التي حجّ إليها كبار الكتّاب الجزائريين وساهمت في إبرازهم بغض النظر عن قوّة نصوصهم وشهرتها؟
العاصمة فتحت لي آفاقا واسعة في مجال الثقافة والإعلام والمعرفة، ولقاءات مع شخصيات مختلفة، والحقيقة أنني اكتشفت بعد دراستي فيها، أنه من يريد البروز فعليه بالعاصمة، فيها النشاطات الثقافية الكبرى مثل معرض الكتاب، كما يوجد فيها جلّ المؤسسات الإعلامية، فهذا الجو التنافسي والحركي والاحتكاك يدفعك للعمل وبذل الجهد أكثر، العاصمة تمنح الفرص، ومن يعرف كيف يستغلها هو الذي يتحصل عليها ويتمتع بها.
ما هو الموضوع الذي تريد إثارته في عمل قادم لك.. وربما أنت متريث بشأنه؟.. ربما تراه قد يحدث جدلا و يثير نقاشا؟
هناك موضوعات كثيرة أود الكتابة عنها، ليس من باب خالف تعرف، لكن من باب الواقع المسكوت عنه، والمعتم عليه، فدور الأدب هو الإدهاش، وتنبيه الناس لأمور ربما يرونها عادية في حياتهم اليومية، لكن من خلال الأدب تجعلهم يحاولون تغيير نظرتهم تجاهها وذلك بطرح تساؤلات حولها.
أمّا الموضوع الذي تطرقت إليه في عملي الأخير فهو العنصرية في الجزائر التي لا تزال من الموضوعات البائدة التي لم نتمكن من التخلص منها رغم ارتفاع نسبة المتعلمين، ومن هنا ننتبه لشيء مهم وهو أن التعليم لا يقوم على التلقين بقدر ما يقوم على التفكير والتوعية، لذلك كان لابد من محاربة هكذا ظواهر وإثارتها أدبيا.
كيف يعمل أيمن حمادي على التسويق لأعماله الأدبية؟ وهل أنت ناجح في هذا الأمر؟
للأسف لا أعمل على التسويق لأعمالي، وذلك راجع لإيماني بأنيّ في مرحلة التكوين أي أنني أصبّ جميع اهتمامي وطاقتي على تطوير نفسي في الكتابة وأساليبها، بعدها سأتكون في مجال التسويق الرقمي