10-فبراير-2022

نادية بن ورقلة (غيسبوك/الترا جزائر)

خلقت جائحة كورونا اضطرابًا في المنظومة التعليمية، وتسببت في انقطاع الدراسة في كل أطوار التعليم، حيث أغلقت الجامعات والمعاهد والمدارس أبوابها لفترات طويلة، أثّرت على مساعي الحكومة في إكمال البرامج الدراسية وفق إجراءت السلامة. هنا، تُبرز الدكتورة نادية بن ورقلة، أستاذة التعليم العالي في مجال الإعلام، بجامعة زيان عاشور بولاية الجلفة غربي البلاد، في حوار لـ "التر جزائر" أهمية التكنولوجيا في تدارك الفجوات، وأهميّة التعلم الإلكتروني، وحتمية تطوّر أساليب التعلم عن بعد والانتقال من التعليم التقليدي إلى أنماط تعلمية حديثة وأكثر فعالية.

نادية بن ورقلة: لم يكن لدى المدرسين سوى القليل من الوقت أو لم يكن لديهم وقت على الإطلاق للتأقلم مع أدوات التدريس الجديدة

  • في ظلّ العمل بنظام التفويج وتقليص الحجم الساعي للدروس بسبب جائحة كورونا، أعلنت وزارة التربية تعميم استعمال الألواح الإلكترونية؟ ما رأيك؟

يجب الإشارة إلى فكرة مفادها أن البنية التحتية للاتصالات في جميع أنحاء المنطقة تتسم بعدم الاتساق. ولا يزال هناك عدد من الأسر ليس لديها أجهزة كمبيوتر محمولة أو أجهزة تابلت أو هواتف ذكية في متناول الطلاب للتعلّم على نحو منتظم.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| رشيد علوش: تعليق قرار عضوية "إسرائيل" سيكسر الهرولة نحو التطبيع

كما أنه لم يكن لدى المدرسين سوى القليل من الوقت أو لم يكن لديهم وقت على الإطلاق للتأقلم مع أدوات التدريس الجديدة، وهم يقومون الآن بإعداد مناهج وتنظيم حصص دراسية عن بعد باستخدام الإنترنت، كما أنهم يجدون صعوبة في إشراك الطلاب وتقييمهم عن بُعد. لقد تغيرت بيئة التعلم للآباء وأولياء الأمور أيضًا، حيث تم تكليف العديد منهم بين عشية وضحاها كطلاب منازل في أنظمة قد لا يكونون على دراية بها. ولكننا نحاول التأقلم من خلال تأجيل الامتحانات وغلق المدارس، تفاديًا لتجمع التلاميذ، واليوم نحاول العودة تدريجيًا و كما نشير فإنه بعد التأجيل الذي امتدّ أسابيع فمن المرجح أن يتم تقليص مدة العطلة الربيعية والعودة إلى تأجيل الفروض والامتحانات.

  • أشار تقرير البنك الدولي أن 70 بالمائة من الأطفال غير قادرين على قراءة نصٍّ بسيط بسبب إغلاق المؤسّسات التعلمية وإجراءات الحماية من "كوفي-19"؟ كيف على المنظومة التعليمية التكييف مع استمرار الأزمة الصحية؟

أود أن نتبنّى رؤية إيجابية، فالفرصة سانحة الآن أمام جميع بلدان العالم لهيكلة البنية التحتية للتعليم على نحو أفضل والتغلب على أزمة التعلُّم عن بعد، والتي نشهدها حاليًا في ظلّ جائحة كورونا، حيث إن التحدي الماثل اليوم يتلخّص في الحد من الآثار السلبية لهذه الجائحة على التعلُّم والتعليم ما أمكن، والاستفادة من هذه التجربة للعودة إلى مسار تحسين التعلُّم بوتيرة أسرع.

لذا يجب على الأنظمة التعليمية مثلما تفكّر في التصدّي لهذه الأزمة، عليها أن تفكر أيضًا في كيفية الخروج منها وهي أقوى من ذي قبل، وبشعور متجدّد بالمسؤولية من جانب جميع الأطراف الفاعلة فيها، وبإدراك واضح لمدى إلحاح الحاجة إلى سد الفجوات في فرص التعليم، وضمان حصول جميع الطلاب على فرص تعليم جيد متساوٍ. إن لم يكن بفتح المدارس بشكل جزئي وتدريجي كما نراه ونشهده اليوم، فسيكون من خلال تبنّي طرق وأساليب متطورة.

  • في ظلّ استمرار الأزمة الصحية ما هي البدائل التعليمية التي يمكن اعتمادها؟

من الممكن الحد من الضرر وخلق فرصة جديدة من رحم مرحلة التعافي، ومن الممكن إيجاز الاستجابات اللازمة لتحقيق ذلك على صعيد السياسات في ثلاث مراحل متداخلة: التكيف وإدارة الاستمرارية وتحسين التعلم وتسريعه، هذا كما ينبغي لأنظمة التعليم في معرض تنفيذها لهذه السياسات أن تسعى إلى التعافي من دون أن تعيد تكرار أخطاء الماضي.

كما أني سأعمد إلى الإشارة لنقاط كانت بمثابة جملة من المقترحات العملية التي قدمها باحثين وخبراء في هذا المجال من بينها: تعديل في أدوار المعلمين والمتعلمين على حدٍ سواء، تحويل المحتوى التقليدي لمحتوى رقمي عالي المستوى والمهارات مصحوبة بأنشطة تعليمية تحاكي مستويات التفكير العليا، وتحديد معايير الجودة في التعليم الإلكتروني، إضافة إلى زيادة الإنفاق والاستثمار في التعليم الإلكتروني والاستعانة بخبراء واختصاصين في هذا المجال للإشراف على الانتقال المرن إلى التعليم عن بعد، أو من أجل التعليم المدمج، ووضع التصورات والحلول للمشكلات التي قد تطرأ، وتفعيل أدوات الرقابة والمتابعة التي تمكن من إدارة عملية التعلم بشكل سليم. دعم الأساتذة وتشجيعهم وتدريبهم على صناعة المحتويات التعليمية، والأنشطة والتقييمات المناسبة ووضع الخطط ذات الصلة بالتعليم عن بعد. وتطوير تجهيز البنى التحتية لقطاع الاتصالات لمواكبة عملية التعلم عن بعد.

كيف السبيل إلى تحقيق تعليم متساوٍ؟

أما بالنسبة للفرص المتساوية يجب الأخذ بعين الاعتبار التباين الجغرافي بين المجالات الحضرية والقروية، لذا أردنا من خلال هذه المقاربة الكشف عن الخيارات والبدائل المناسبة، وهذا بغية الانتقال من واقع تراكم الإحباطات إلى مستقبل تتآلف فيه الإرادات على اقتحام الصعاب، ولن يكون ذلك ممكنًا إلا عبر مخرجات علمية ملهمة لصناع القرار وقادة التعليم في أفق تطوير منظوماتنا التربوية وتأهيلها للتفاعل الإيجابي مع كل الصدمات المحتملة.

لذا فمن الأهميّة بمكان أن تجعل هذه الإستراتيجيات الأنجع التي تتبعها للتعافي من الأزمة لإدخال تحسينات طويلة الأجل في مجالات مثل: التقييم، التكنولوجيا والتمويل.

نادية بن ورقلة: هناك الكثير من الدول العربية لم تتخطَ بعد مرحلة تطبيق التعليم الإلكتروني التقليدي الذي يتعامل مع الحاسوب على أنه مجرد أداة للعرض داعمة لعملية التعلم

هناك الكثير من الدول العربية لم تتخطَ بعد مرحلة تطبيق التعليم الإلكتروني التقليدي الذي يتعامل مع الحاسوب على أنه مجرد أداة للعرض داعمة لعملية التعلم، وليس كونه مصدر معرفي وأداة معرفية تساعد الطلاب في تنمية مهارات التعلم الذاتي وتكوين المعرفة، ويتم ذلك إما عن عمد نظرًا لوجود مشكلات اقتصادية تمنع عملية استقطاب الأشكال الأحدث من تكنولوجيا الاتصالات والتدريب عليها وإنشاء البنية التحتية اللازمة للتطبيق، أو نتيجة غياب الوعي بأهمية دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تشكيل هوية المتعلم في القرن الواحد والعشرين، أو نتيجة وجود تخوف مجتمعي ثقافي من التغيير يبدأ بتخوف الوالدين، مرورًا بالمعلمين، ومنتهيًا بالمخططين وأصحاب القرار.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حوار | نصيرة محمدي: ولّد الحراك الشعبي سلوكًا تحرريًا

حوار | الهادي بوذيب: العقل الجزائري تشكّل في سياق المقاومة ورفض الإذلال