تواصل جمعية البركة الجزائرية عملياتها التضامنية في غزة رغم استمرار العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، والذي دخل شهره الثالث، في محاولة منها لتقديم مختلف أدوات المساعدة في ظل الخذلان الذي تعامل معه المجتمع الدولي مع الشعب الفلسطيني، ليزيد من مأساته جراء صعوبة وصول المستلزمات الطبية والغذائية لمئات آلاف النازحين، وذلك بالرغم من الاستهداف التي يتعرض لها أعضاؤها بالأراضي المحتلة، وفق ما يؤكده رئيس الجمعية أحمد إبراهيمي في رده على أسئلة "الترا جزائر".
أحمد إبراهيمي: أدخلنا إلى غزة 21 شاحنة ونعمل على تجهيز ألف خيمة لإيواء المتضررين من القصف الصهيوني بعد أن تضع الحرب أوزارها
ويكشف إبراهيمي استشهاد أكثر من 20 ناشطا بالجمعية بغزة خلال تنفيذهم حملة "الوعد المفعول" التي تم الانطلاق فيها قبل بداية العدوان الصهيوني.
باعتبار جمعية البركة الجزائرية فاعلًا مدنيًا في غزة، في أي خانة نصنف اليوم التطورات الحاصلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟
ما يحدث اليوم في غزة، هي حرب دائرة بين مقاومة مشروعة وعادلة تسعى لتحرير المقدّس والوطن بكل الوسائل المتاحة، فالمقومة أعدت إعدادا حقيقيا لهذه المعركة، بعدما لاحظت التدنيس اليومي للمسجد الأقصى من قبل المحتل الصهيوني، فنفذت هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الشهير لإنقاذ المسجد الأقصى من التهديم وبناء الهيكل.
أعتقد أن يوم 7 أكتوبر سيكون انطلاقة للتأريخ لعالم جديد، كون المعركة الدائرة في فلسطين ستحدد من سيقود العالم في المرحلة القادمة، لأنها أسقطت دعاية الجيش الذي لا يقهر والمصنف على أنه رابع قوة في العالم.
لقد تبين بعد مرور أكثر من شهرين أن هذا الاحتلال الصهيوني لم يحقق أي انتصار، إلا ارتكاب المجازر في المستشفيات وأماكن العبادة الممنوعة من القصف في القانون الدولي.
كيف استطاعت جمعية البركة الجزائرية أن تكون فعّالة ميدانيا بعد اندلاع العدوان غزة ؟
من خلال عملها الميداني المتواصل منذ سنوات بغزة، وقبل اندلاع هذه الحرب، لاحظت جمعية البركة إرهاصات حدوث تطورات وحربا مراقبة في الأفق، لذلك استعدت استعدادا حقيقا لهذه اللحظة، من خلال إطلاق حملة "الوعد المفعول" في حزيران جوان الماضي عبر تجهيز المآوي في عدة مناطق من غزة، والتي وصل عددها اليوم إلى 10 تستعمل لإيواء آلاف النازحين.
وشملت استعداداتنا أيضا اقتناء السلع بكمية كبيرة والمتمثلة بالخصوص في المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والأفرشة والأغطية، كما قمنا بحفر الآبار التي لها اليوم فضل كبير في توفير المياه لسكان غزة بعد قطع الماء والكهرباء عن المنطقة من قبل الاحتلال الصهيوني، خاصة وأن حرصنا على أن تكون هذه الآبار مجهزة بالطاقة الشمسية وبأجهزة تحلية المياه، لأن الماء في بعض مناطق غزة مالح.
وعند اندلاع الحرب، فتحنا المآوي والمطاعم لتقديم الوجبات الساخنة، كما وزعت جمعية البركة الطرود الغذائية والأغطية والألبسة والأفرشة وكل ما يحتاجه الشعب الفلسطيني في هذه الظروف، فكل ما نستطيع تأمينه وزعناه.
من المؤكد أن تنفيذ هذه المهمة ليست بالأمر السهل في ظل استمرار القصف الصهيوني طيلة ساعات اليوم، فما هي الظروف التي تعملون فيها؟
الأوضاع بغزة صعبة جد، فاليوم عدنا إلى العصور السابقة بعد أن قطع الاحتلال الوقود عن الفلسطينيين، حيث نستعمل الحطب لطهي الطعام، واستنجدنا بالأحصنة والأحمرة في تنقلت أعضاء جمعية البركة الجزائرية بغزة.
لقد صمم أفراد الجمعية بغزة على تحدي الكيان الصهيوني، وذلك بإدخال قافلة طبية إلى مجمع الشفاء، الأمر الذي جعل الاحتلال يصب اهتمامه على قصف المنتسبين لجمعية البركة ويقتلهم من خلال استهداف بيوتهم، وعلى رأسهم رئيس مكتب جمعية البركة بغزة الذي قصفوا بيته وقتلوا أكثر من 20 فردا من أسرته، فقد استشهد أعمامه وأصهاره وغيرهم من أقاربه.
كما فقدت جمعية البركة بغزة أكثر من 20 شهيدا بالنظر إلى الوضع هناك، تظل القائمة مفتوحة، وبعدها انتقل الاحتلال إلى الاستهداف المباشر لجمعيتنا، حيث تم قصف المقر الذي هو عبارة عن بناية من 7 طوابق، من خلال استهداف الطابق الخامس.
وللعلم، فإن البركة والأونروا هما الجهتين الوحيدتين اللتين تملكان مآوي، لكن الأونروا غادرت شمال غزة بعد استشهاد 100 من أعضائها، لنبقى الجمعية الوحيدة التي تمتلك المآوي هناك، فقبل أيام استهدف الاحتلال مركزين فيهما أكثر من 10 آلاف نازح، حيث استشهد منهم 100 و10 من أعضاء البركة، وبعدها استشهد اثنين من أعضاء الجمعية خلال قيامهم بتوزيع الطرود.
هل سيثني هذا الاستهداف المتواصل الجمعية عن القيام بعملها داخل الأماكن الخطرة بغزة؟
بالتأكيد لن نخنع لاستهدافات الاحتلال، فنحن ما نزال موجودين ميدانيا في خان يونس ورفح ، وهي مناطق أيضا مهددة، فلا وجود لمكان آمن في غزة، والتحدي الحقيقي لنا هو الاستمرار في مد المساعدة والدعم لإخواننا الفلسطينيين، فشباب جمعية البركة في غزة مصرين على إرسال رسالة لنا مفادها أن علم الجزائر سيبقى يرفرف هناك، من خلال الدعم المستمر لإخوانهم، وهي رسالة تحمّلنا كجزائريين مسؤولية أكبر لرفع مستوى المساعدة.
البركة تنشط أيضا على مستوى مصر، فقد أدخلنا إلى غزة 21 شاحنة، ونعمل على تجهيز ألف خيمة لإيواء المتضررين من القصف الصهيوني بعد أن تضع الحرب أوزارها، إضافة إلى عملنا على تجهيز سيارات إسعاف، فقد اشترينا سيارة إسعاف داخل غزة وتم قصفها من قبل الاحتلال، مع العلم أننا نتوفر على 100 سيارة إسعاف من خلال نشاطنا في السنوات الـ15 الماضية.
وعلى مستوى الجزائر ما نزال مستمرين في جمع مختلف السلع، فقد فتحنا باب الشراكة مع الجمعيات الأخرى التي لا تستطيع إيصال المساعدات إلى فلسطين، بأن تتولى جمعية البركة إيصال مساعداتهم إلى فلسطين.
وعلى العموم، عملنا هو استمرار لمختلف عمليات التضامن والدعم التي تقوميها، الجزائر فالرئيس تبون مثلا كان قد دعا إلى متابعة الكيان الصهيوني على مستوى محكمة العدل الدولية، وشدد على توضيح المفاهيم بأن المقاومة الفلسطينية ليست إرهابا كما يحاول البعض تسويقه، وكل هذه المواقف منتظرة، لأن الشعب الجزائري هو من يفهم المقاومة حق الفهم.