فتى في عمر الطفولة، يجد نفسه في أوّل عمل مسرحي يقف على خشبة الكبار ويقدم أداءً تفاعل معه الجمهور الذي شاهد "الورطة"، العمل الذي أخرجه مصطفى بوري وعرضت مؤخرًا ضمن المهرجان الوطني لمسرح الهواة في طبعته الـ53 بمستغانم.. إنّه الطفل محمد ربحي علي.
في مجريات القصة يتلقى رئيس البلدية مكالمة هاتفية من صديق نافذ في الوزارة يعلمه أنّ مفتشًا متنكرًا سيقوم بزيارة تفتيش
لم يكن متوقعًا مشاركة طفل في مسرحية موجهة للكبار تنافست على جوائز مهرجان مسرح الهواة مستغانم، فكان مفاجأة "الورطة" التي جرى عرضها العام الأوّل على خشبة المسرح الجهوي جيلالي بن عبد الحليم بمستغانم (غربي الجزائر).
بعد تصاعد وتشابك الأحداث في المسرحية بنحو ساعة زمن، كان الضيف الذي غيّر مجرى القصة طفل يبلغ من العمر 14 عامًا،هو محمد ربحي الذي لا يزال تلميذًا في مرحلة المتوسط، حيث قدّم أداء جميلًا ومميزًا لفت نظر الجمهور الذي تفاعل معه وأشاد بموهبته على الخشبة وقدرته على تجسيد الدور بعفوية وبشخصية قوية وكأنّه يمارس المسرح منذ سنوات.
تدور أحداث "الورطة" التي أنتجتها جمعية "الفرسان" لولاية سعيدة حول رئيس بلدية فاسد، ومساعدين فاسدين هما نائبه وسكريتيرته، حيث يتلقى رئيس البلدية مكالمة هاتفية من صديق نافذ في الوزارة يعلمه أنّ مفتشًا متنكرًا سيقوم بزيارة تفتيش للبلدية للتحقيق في قضايا فساد.
بعد تلقي المكالمة يدّب الهلع في نفوس الثلاثة، فيفكرون في كيفية التخلص من مفتش الوزارة، كما يتبادلون التهم حول من هو الفاسد فيهم؟
وفي الوقت الذي يفكرون في حل للخروج من هذه الورطة، تندلع احتجاجات بإحدى مدارس المنطقة، للمطالبة بتهيئة ظروف تمدرس جيدة للتلاميذ وحياة كريمة لهم، فجأة يزور تلميذ (محمد ربحي) رئيس البلدية، فيخيّل للأخير أنّه مفتش الوزارة وجاء متنكرًا في زي تلميذ، فيعترف رفقة مساعديه بما ارتكبوه من فساد، لكن سرعان ما يتفطّنون له ويقررون طرده.
وقد ظهر الفتى ربحي بشخصية قوية على الخشبة وتعابير وجه وجسد تعكس اتقانه للدور الذي أسند له، كما تعكس عدم ارتباكه أمام الجمهور الذي يشاهد أداءه لأوّل مرّة.
يقول ربحي محمد لـ"الترا جزائر" إنّ " مشاركته في مسرحية "الورطة" كان تجربة مفيدة وصدفة، بحيث تواصل مع المخرج مصطفى بوري بعد أن نشر الأخير إعلانا على حسابه بالفايسبوك يطلب فيه حاجته لممثلين وممثل طفل لتقمص أحد أدوار العمل.
ويضيف ربحي أنّه يبلغ من العمر 14 سنة، و"الورطة" هي البداية الفعلية له في عالم الفن الرابع، لكن تعرّف على هذا الفن وأحبّه من بوابة المخيمات الصيفية التي كان يقضي فيها عطلته مع عائلته".
وحول تواصله مع المخرج مصطفى بوري وختياره للمشاركة في "الورطة" العمل المسرحي الموجه للكبار، يشير إلى أنّه عندما قرأ الإعلان قرر التواصل مع المخرج ودون تردد وكأنّه كان ينتظر هذه الفرصة، فأجرى "كاستينغ" رفقة مجموعة من الأطفال ولحسن حظه بعد بلغ النهائي رفقة طفل آخر، بقي في السباق وحده إثر مغادرة الطفل الثاني لأسباب شخصية.
ويلفت ربحي في حديثه إلى أنّه بعد اختياره لأدار دور التلميذ الذي اعتقد أنه مفتش متنكر، قام بتدريبات يومية رفقة باقي الممثلين، واستمر الأمر على ذلك الشكل، إلى غاية العرض الأول بمدينة سعيدة.
وبخصوص التوفيق بين الدراسة والمسرح، يوضح الطفل ربحي أنّه عضو ضمن جمعية "أهل الفن" بسعيدة، ويدرس في السنة الرابعة متوسط. ولن يؤثر ذلك على مساره التعليمي كما يعتقد بعضهم الذي يقول أنّ المسرح "يسرقك" من الدراسة، بدليل تفوقه وحصوله على معدلات وعلامات جيدّة في الفصل الدراسي.
ووقف الطفل محمد ربحي علي على خشبة مستغانم إلى جانب ممثلين لهم خبرة في المسرح يتقدمهم مخرج العمل مصطفى بوري الذي جسدّ دور "رئيس البلدية" والممثل بوشامة شرف الدين (النائب)، والممثلة حيرش شهيرة (السكرتيرة).
ويأمل ربحي أن يواصل ممارسة المسرح والولوج إلى عالم التمثيل التلفزيوني والسينمائي مستقبلًا، بالنظر إلى شغفه بهذا المجال.
لم يخف المخرج مصطفى بوري أنّ الطفل محمد ربحي كان اكتشافًا في هذا العمل
ولم يخف المخرج مصطفى بوري أنّ الطفل محمد ربحي كان اكتشافًا في هذا العمل، ويملك موهبة كبيرة في التمثيل ولديه حضور على الخشبة، وهي سمات قد تجعل منه ممثلًا كبيرًا في المستقبل.