09-يونيو-2023

الروائي واسيني الأعرج (الصورة: أخبار اليوم)

ردّ الروائي واسيني الأعرج على الذين انتقدوا تصريحاته مؤخرًا بشأن قصة حب حيزية وابن عمها سعيد، القصة الأشهر في الجزائر، وما دار من نقاش حول ظروف وفاتها "الغامضة"، وإن كان حبيبها الشاعر محمد بن قيطون من رثاها في قصيدة خالدة أم  كان ابن عمّها سعيد؟

واسيني الأعرج: رواية "حيزية.. حكاية الغزالة الذبيحة" ستكون حاضرة في معرض الجزائر الدولي للكتاب نهاية العام الجاري

نزل الروائي واسيني الأعرج ضيفًا الخميس، على برنامج "أمّا بعد" على قناة "الشروق نيوز" (خاصّة) وعاد في هذا اللقاء الذي طرحت فيه جملة من المواضيع التي لها صلة بالسينما والمسرح والأدب، إلى قصة حيزية التي أثارت جدلًا واسعًا في أوساط مثقفين ونشطاء على منصات التواصل الاجتماعي.

حيزية ملكية وطنية

واسيني الذي تعرّض إلى حملة شرسة بسبب ما قاله عن حيزية ابنة بسكرة (جنوبي الجزائر) مقدمًا فرضية أنّ وفاتها كانت بالسمّ وأنّ عاشقها لم يكن ابن عمّها سعيد بل هو الشاعر محمد بن قيطون، برر تصريحاته المثيرة للجدل، كما قدّم بعض الحقائق والمعلومات استنادا إلى بحثه المعمق والميداني أيضا حول قصة حيزية.

وقال واسيني في البداية إنّ "المشكل ليس في هذه القضية، ولكن يكمن في طريقة تناول الموضوع، حيزية ليست ملكية جهوية ولا قبلية، بل ملكية وطنية، وهي من ميراثنا الذي نفتخر ببه، ولم تكن قصة الحب الوحيدة في الجزائر، هي واحدة من القصص القليلة في الأدب الشعبي، ومن المفروض وجب المحافظة عليها ووجب إعطاؤها ليس بعدا شعريا فقط بل بعدا حكائيا أيضا، لأنّ الحكاية تقطع البحار بسهولة."

وأضاف واسيني الأستاذ بجامعتي الجزائر والسوربون بفرنسا في السياق أنّه "تناول في وقت من الأوقات قصة مي زيادة الكاتبة والأديبة، وأنّه قضى أربع سنوات وهو يبحث ويتقصى المعلومات".

 وتابع قوله: "هذا ما يسمى بالأدب الاستقصائي، بمعنى نوع خاص يعتمد على المادة التاريخية ولكن لا يعيد إنتاجها، يتخذها كأرضية تحتية، وذهابي نحو التاريخ ليس لإعادة تلك المادة التاريخية وإنّما لأملك تلك المساحة التي أريد الاشتغال عليها حتى تصير ملكي أنا".

لماذا كتب واسيني عن حيزية؟

وفي إجابته حول من يخالفه الرأي، لفت إلى أنّه "يشعر بالحزن والأسى كجزائري وليس كفرد"، معلقًا: "عندما أشتغل على مي زيادة التي لديها امتداد عربي، إنساني وقومي..إلخ، الأجدر بي أن أتناول قصة جزائرية، سألني كثيرون لماذا تختار مي زيادة، بينما هناك شخصيات وطنية جزائرية، وأنا فكرت في هذه لأنّها قصة الحب الوحيدة، وأقصد المعروفة أكثر لوجود قصص حب أخرى".

وأوضح في معرض حديثه أنّ قصة حيزية متداولة ومعروفة، لكن مبنية فقط على قصيدة، وبالتالي –بحسب قوله- عندما تكتب رواية لا يمكنك كتابتها وإنجازها بناء على قصيدة شعرية، بل لابد من البحث والاستقصاء."

وفي هذا السياق أكدّ أنّه "اشتغل أربع سنوات على الموضوع وتوقف عاما واحدا خلال فترة وباء كورونا، كما سافر رفقة زملاء أكاديميين إلى ولاية بسكرة وهناك رأى وسمع وقرأ وبدأ يطرح تساؤلات حول قصة حيزية وما تخفيه، وكل ما ارتبط بها لأنه يريد أن يكتب شيئا عنها انطلاقًا من أسئلة روائي لا مؤرخ لكونه لا يملك القاعدة المعلوماتية".

وبحسب واسيني "قرأ بعض الرسائل الجامعية ومعظمها تتشابه في كون هذا الحب عذري، قبل أن يتساءل ما هو الحب العذري؟ هل أحاكم بن قيطون عن هذا الحب، بن قيطون شاعر عظيم وبفضله وصلتنا القصيدة واستمتعنا بها، وفي سنوات السبعينيات كتب وهو طالب في الجامعة عن قصة حيزية مقالا في جريدة الجمهورية (حكومية)".

 وحول مغامرته في الكتابة عن حيزية، أشار إلى أنه بدأها بزيارته إلى بسكرة ولقائه بالأستاذ حرز الله (من بسكرة) الذي تذكرّه، والذي عاد به إلى سنوات خلت عندما قال له أنت طرحت عليّ سؤالًا يتعلق بحيزية، فردّ واسيني نعم، ثم سأله واسني ماذا يحكون عن حيزية بغض النظر عن القصيدة؟."

أسرار  بطلة القصة

وفي الصدد أوضح واسيني أنّه "حصل على معلومات كثيرة من الرجل عن حيزية، كما تواصل مع أناس آخرين من بينهم عجوز (تسعينية) ارتاح لها كثيرًا وحكت له أحداثًا كثيرة وهي القصة نفسها التي وجدها في الجلفة ونفسها روتها له سيدة من عائلة بوعكاز في البليدة، والتي هي عائلة حيزية والقصة تدور حول قضية وفاة حيزية غير أنّ الاختلاف تمحور حول "القتل".

ووفق صاحب "البيت الأندلسي" فإنّ ما فاجأه ما قالته له سيدة من ولاية البليدة التقاها، أنّ قضية سعيد غير موجودة تمامًا، لأنها أخته من الرضاعة، الأمر الذي جعله يبحث في الفقه معنى الرضاعة في الإسلام والتي تمنع ذلك الزواج".

ولم يخف واسيني في ردّه على منتقديه أنّ "ما قاله جاء انطلاقًا من المرويات التي سمعها والتي يعتبرها مادّة أولية قد توظف في الرواية القادمة عن حيزية وقد لا توظف".

وعبّر واسيني عن غضبه بشأن مستوى النقاش الذي رافق تصريحاته حول حيزية ومحمد قيطون وسعيد. وقال: "بعض النقاشات والسجالات صارت بمثابة تأجيج قبلي (عروشي)، لا يعقل أن تؤخذ تجربة حيزية كتجربة فردية كيفما كانت، لأنّه إذا أخذت القصة بمنطق النظام القبلي، فقد دخلت عالم الاعتداء".

وتابع قوله: "قصة الحب تحوّل فيها النقاش إلى ضغينة، أنا لست ضد النقاش، النقاش يفتح الأبواب المغلقة، لكن النقاش يسمى نقاشًا ولا يسمى مسبقات تطلق من خلالها الأحكام".

معرض الكتاب يستضيف حيزية

وفي ختام اللقاء واسيني أنّ روايته حول حيزية ستكون بعنوان "حيزية.. حكاية الغزالة الذبيحة.."، وستكون حاضرة في معرض الجزائر الدولي للكتاب (نوفمبر/تشرين الثاني 2023)، ثم تصدر شهر ديسمبر/كانون الأوّل في بيروت وفي فلسطين ستصدر شهر كانون الثاني/جانفي 2024.

وبتاريخ التاسع أيار/ماي الماضي، صرّح الروائي واسيني الأعرج في لقاء ثقافي"حكاية حيزية روائيًا: المخيال الشعبي ودوره في تحرير السرد" بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بقسنطينة شرقي البلاد أنّه بعد بحث وتقصي فإنّ "جزء كبير من قصة حيزية حول حبها لسعيد ووفاتها ليس صحيحًا وأنّ "سعيد" يقال أنّه هو من طلب من الشاعر بن قيطون تخليد حبيبته في قصيدته، ما جعله يرجح فرضية أنّ بن قيطون هو العاشق الحقيقي لحيزية".

واسيني الأعرج: قصة حيزية متداولة ومعروفة، لكن مبنية فقط على قصيدة

يشار أن  حيزية فتاة تنحدر من منطقة الذواودة بسيدي خالد بمدينة بسكرة جنوبي البلاد، وسعيد شاب نشأ يتيمًا وكفله والد حيزية، لكن الأخير طرده بعد أن ذاع خبر علاقته مع ابنته، وقيل إن والد حيزية أراد تزويج ابنته إلى أحد فرسان قبيلته، لكن حيزية تمرّدت على الأعراف وحاربت من أجل حبيبها سعيد وتزوجت به، غير أنّ الموت أدركها وهي في ربيع العمر (23 عامًا).