فريق التحرير - الترا جزائر
يدرك حسين مقران، والد صاحب أعلى معدل في الباكالوريا في دورة حزيران/جوان 2024، أنّ مسايرة خيارات الأبناء والوقوف إلى جانبهم يسهم في تفوّقهم، فقد علّمته تجربته في التدريس أستاذًا للفيزياء، كيف يتعامل مع ابنه محمد أمين مقران الحاصل على الباكالوريا بمعدل 19.62.
حسين مقران لـ "الترا جزائر": ألعابه كانت مميزة وتعتمد على الذكاء وكنت أشاركه بعض ألعابه أحيانًا
يكشف حسين مقران، في حديث إلى "الترا جزائر" أنّه لم يضغط على ابنه في أيّة مرحلة، فابنه محمد مقران كانت له قابلية للتعليم وشغوفًا بالبحث والمطالعة في كلّ مراحل دراسته.
يقول متحدثًا الذي استقبلنا بأحد أحياء مدينة حجوط بولاية تيبازة، عن ابنه "كان يقضي معظم وقته في البيت، ويشارك عائلته رحلاتها وخرجات النزهة، مهتمٌ بألعاب الذكاء والشطرنج، مردفًا: "كنت أقضي معه أطول فترة ممكنة بعد عودتي من العمل، وربما عوّضه ذلك عن الأسئلة التي يبحث عنها في الشارع، كنت قريبًا من أبنائي وأوجّههم ولكنّي أترك لهم كامل الحرية في اتّخاذ قرارتهم".
في هذا الحوار، حاولنا الاقتراب من يوميات المتفوق في الباكالوريا محمد أمين مقران من خلال والده، والاطلاع على جوانب من طفولته وتعليمه.
أسئلتنا متعلقة بطفولة ابنك محمد أمين مقران بين الشارع والمدرسة، كيف يمكن وصفها؟
هناك من يعتقد أنّه يجب أن يدفع بأبنائه إلى الشارع، حتى يندمجوا مع أقرانهم ويكتسبوا مهارات جديدة، وهناك من ينصح بأنّ هذه الطريقة تجعل الطفل اجتماعيًا، ولكن في حالة محمد الأمين، ربّما كُنت أقضي معه أطول فترة ممكنة في البيت، أحادثه وأجيبه على الأسئلة التي يطرحها بعد عودتي من التدريس بالثانوية أستاذًا للفيزياء، حتى في نهاية الأسبوع نخرج جميعًا معًا في نزهة، ويفضل أمين مرافقتنا في كل رحلاتنا.
لا ننكر أننا مررنا بفترة صعبة جدًا، وصرنا نخاف على أطفالنا في الشارع لعدّة عوامل نعرفها جميعًا، ولا نثق بأيّ كان، ولذلك كان من الضروري إبقاء أبنائنا بالقرب منّا، وربّما ما افتقده أمين في الشارع وجده في البيت فهو كثير المطالعة سواءً على الإنترنت أو في الكتب وقد وجد ضالته في ذلك.
هل كنت صارمًا مع أمين في موضوع الدراسة وتحصيل نتائج عليا في جميع المراحل الدراسية؟
محمد أمين كانت لديه قابلية للتعلّم منذ صغره، وكان شغفه بالدراسة كبيرًا ولم أمارس معه أيّ نوع من الضّغط، فلقد رأيته يطالع دروسه عن قناعة وعن حب، حتى ألعابه كانت مميزة وتعتمد على الذكاء وكنت أشاركه بعض ألعابه أحيانًا، ففي صغره مثلًا كان يحب لعبة الشطرنج و"روبيك كيوب" أو مكعب الروبيك، وكنت أتنقّل معه لشراء هذه الألعاب بلا كلل.
هل كنت صارمًا معه في البيت بخصوص ساعات مشاهدة التلفاز والجلوس على الإنترنت؟
هو منضبط في مثل هذه الأمور، ويقسّم وقته دون رقابة أو ضغط بخصوص مشاهدة التلفزيون والنوم باكرًا، في صغره كان يريد الحصول هاتف نقّال، لكنّه حصل على لوح إلكتروني بدله. في البداية استاء من الأمر لأنّ أصدقاءه كان لديهم هواتف نقالة، ولكني اشتريته له بغرض مطالعة الإنترنت ولأغراض تفيده دراسيًا، فاعتاد على الأمر.
قلت إنّي كنت سلسًا معه حتى في خياراته الدراسية، ففي المتوسط حصل على الشهادة بمعدل 19.44، فاستدعوني لأقرر إن كان سينتقل إلى ثانوية الرياضيات بالقبة لأنهم بحاجة إلى إمضاءٍ من طرفي والقرار لا عودة فيه، فتركت القرار له، وقرر محمد أمين الدراسة في ثانوية بلكبير في الحي الذي يقطنه بدل هذه الثانوية التي يلتحق بها النجباء، ولم أعترض على ذلك.
في اعتقادك ما هي الكتب التي يطالعها محمد أمين؟
كان شغوفًا بالمطالعة، ويميل إلى مطالعة الكتب العلمية للبحث عن إجابات، وأذكر أنّه كان يصرف كل مدخراته على كتب تتجاوزه في مرحلته الدراسية، فبعد فوزه بشهادة التعليم المتوسط، صرف مدخراته في شراء كتب جامعية وأنا لم أعارض الأمر.
هل كانت مراهقته صعبة؟
أنا أستاذ ثانوي، وتلاميذي مراهقون، وطوال مسيرتي الدراسية تعلمت التعامل جيّدًا معهم، ولذلك الأمر كان متوقعًا وكأي طفل كانت لديه اهتمامات وعنفوان، وأنا كنت مستعدًا للأمر، وساعدتني تجربتي في التعليم في التعامل مع الأمر.
كنت تُدرِّس في الثانوية نفسها التي درس فيها ابنك؟ هل سبق وأن درّسته؟
صحيح، كان يدرس في الثانوية نفسها، وبعض زملائي من المعلمين سبق لي أن درّستهم وبيننا احترام متبادل، ولم يحدُث أن تدخّلت يومًا من أجل مساعدته أو خصّه بالتفضيل على زملائه، ولم يسبق لي أن درّسته أو درست إخوته أيضًا، فهو أكبر إخوته الثّلاثة، وشعرتُ أنّهم تفادوا الدراسة في الأقسام التي أدرس فيها خجلًا منّي، كنتُ أشعر بذلك ولم أفرِض عليهم أيضًا اختيار الأقسام التي يدرسون بها.
هل سبق وأن واجه مشاكل في المدرسة؟
لا أبدًا، فهو كما قلت كانت لديه قابلية للبحث والدراسة، وأتوقّع أن يصبح باحثًا مستقبلًا في الإعلام الآلي أو الرياضيات، ولكنّي أذكر أنّه كان في المتوسط حين تجادل مع أستاذه حول مسألة رياضية، قام ابني بحلّها بطريقة الخوارزميات التي لم تكن في مجال دراسته، وقد وجد حلًا صحيحًا بطريقته.
حسين مقران لـ "الترا جزائر": أتوقّع أن يصبح محمد أمين مقران باحثًا مستقبلًا في الإعلام الآلي أو الرياضيات
وحين عاد إلى المنزل وأطلعني على الموضوع، نصحته بأن يؤجّل البحث في هذا الموضوع؛ لأنّه سابق لأوانه مقارنة مع الدروس التي يتلقاها.