26-سبتمبر-2019

الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك (توماس كويكس/ أ.ف.ب)

الترا جزائر - فريق التحرير

"استعمرنا أفريقيا لعدّة قرون، واستنزفنا ثروات سكّانها، ودمرنا ثقافتهم باسم الدين، وحصلنا على عقولهم بالمنح الدراسية، ووصلت أفريقيا إلى ما وصلت إليه اليوم"، لم تكن هذه المقولة لأحد الفلاسفة أو الباحثين أو حتّى رجال الدين، ولكنّها كانت للرئيس الفرنسي جاك شيراك، بحسب ما نشرته اليوم قناة "فرانس 24".

حرص جاك شيراك، أثناء زيارته للجزائر، على مرافقة فنانين وناشطين سياسيين ضدّ العنصرية ومنتمين إلى منظّمات الدفاع عن المهاجرين

كثيرًا ما وُصفت خطابات الرئيس الفرنسي، الذي توفي اليوم الخميس، 26 أيلول/ سبتمبر 2019، بانتصارها للحرّيات والقضايا الإنسانية، "لقد كان شيراك صديقًا للأفارقة والعرب، ولكنّه في المقابل لم يكن عدوًّا للكيان الصهيوني، وذلك لأن السياسة الخارجية الفرنسية كانت تفرض توجّهاتها على القادمين للإليزيه". بحسب ما وصفته قناة "فرانس 24".

اقرأ/ي أيضًا: تصريحات ماكرون تفتح جرح الماضي بين فرنسا والجزائر

زيارة شاك شيراك إلى الجزائر في آذار/مارس 2003، كانت تاريخية، حيث خرج أكثر من مليون جزائري إلى الشوارع لاستقباله. تجوّل في سيارة مكشوفة رفقة الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة في شوارع العاصمة، وكان مردّ ذلك الاحتفاء، هو أنّ شيراك كان رافضًا للاحتلال الأميركي للعراق، واستعملت فرنسا حقّ الفيتو في مجلس الأمن لوقف هذا العدوان.

جاك شيراك

حرص الرئيس الفرنسي جاك شيراك، أثناء زيارته للجزائر، على مرافقة فنانين وناشطين سياسيين ضدّ العنصرية ومنتمين إلى منظّمات الدفاع عن المهاجرين الأفارقة، وكان يُمكن الاستماع إلى رسالة جاك شيراك وهو يقول، أنّه صديق الأفارقة القادم من القارّة العجوز، وبأنه هو من وظّف وزيرين من أصول جزائري في الحكومة الفرنسية التي شكّلها بير رافران، بعد فوزه برئاسة فرنسا للمرّة الثانية.

علاقة شيراك بالجزائر، لم تكن وليدة مرحلة سياسية، فقد جاء في كتاب "شيراك العرب"، للصحفيين إريك ايشيمان، كريستوف بولتانسكي، أن جاك شيراك قضى فترة طويلة متنقلًا بين الجزائر وفرنسًا بحثًا عن المغامرة.

ومما جاء في هذا الكتاب: "ما بين الـ18 والـ28 من عمره أمضى جاك شيراك عامين ونصف، خلال ثلاث فترات متعاقبة، في الجزائر. ففي صيف عام 1950، عام حصوله على الشهادة الثانوية، قام بأربع رحلات ذهابًا وإيابًا إليها من أجل قتل السأم وحبًا في المغامرة".

"مدافعًا عن الثقافة الإسلامية والعربية"، هكذا تواصل قناة "فرانس 24"، وصف الرجل الذي سكن قصر الإليزيه لـ12 عامًا، مشيرةً إلى أنّه من أنشأ القسم الإسلامي بمتحف اللوفر بباريس، وهو يضمّ اليوم أكثر من ألف قطعة أثرية يمتدّ تاريخها ما بين القرن السابع الميلادي والقرن الـ19.

في مقابل ذلك، نجد أنه من الصعب اليوم، الحديث عن شعبية الرئيس الفرنسي جاك شيراك في أوساط الجزائريين، وذلك لسياقات تاريخية، رافضة لبناء أيّ علاقات مع رموز الإستعمار السابق، حتى ولو كان أحد المدافعين عن قضايا التحرّر، والرافضين لفكرة "تمجيد الاستعمار" التي سعت فرنسا لتكريسها، بحجة أن الإستعمار الفرنسي للدول الأفريقية كان مبرّرًا بنشر الحضارة والبناء.

كانت حياة الرئيس الفرنسي جاك شيراك لتتوقف قبل 17 سنة من الآن، لولا أنّ مدرّسًا جزائريًا حال بينه وبين رصاصة كانت تتجّه نحوه، في حادثة محاولة الاغتيال الشهيرة، يوم 14 تموز/جويلية 2002. 

حينها سارعت وسائل إعلامية إلى توجيه أصابع الاتهام إلى إرهابيين محتملين من شمال أفريقيا، ليتبيّن في النهاية أن منفّذ العملية ناشط يميني متطرّف.

جاك شيراك

الشاب الجزائري الذي أنقذ الرئيس الفرنسي جاك شيراك من محاولة الاغتيال، خلال احتفالات اليوم الوطني الفرنسي، كان اسمه محمد شلالي، وقد تم تكريمه وقتها بوسام جوقة الشرف، أحد أرفع الأوسمة الفرنسية.

بعد محاولة اغتيال جاك شيراك التي أنقذها منها شاب جزائري، أمر الرئيس الفرنسي الراحل بإجراء تسهيلات في إجراءات اللجوء لفرنسا

لقد كان لهذا الحادثة أثر كبيرٌ على القرارات التي اتخذها جاك شيراك فيما بعد، فقد أمر بإجراء عدّة إصلاحات لتسهيل وتسريع إجراءات اللجوء إلى فرنسا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يريد الجزائريون عودة فرنسا؟

هل "تتواطأ" الجزائر مع مهاجريها في فرنسا كي لا يعودوا؟