22-ديسمبر-2023
حصاد 2023

(تركيب: الترا جزائر)

أحداثٌ كثيرة مسّت عدّة مجالات في العام 2023، بالجزائر، كان للمشهد الفني نصيبٌ منها، فيما يتعلق بإنتاجات رمضان الدرامية، التي أحدث بعضها جدلًا واسعًا ونقاشًا حول مضمونها.

الجدل حول هذه الأعمال التلفزيونية جعل السلطات الرسمية تتحرك لتحذير القنوات المسؤولة عن بثها للجمهور

ورغم تباين وجهات المخرجين حول المضمون والطرح بخصوص جملة من القضايا والمواضيع في المسلسلات التلفزيونية الجزائرية المقدمة في رمضان الماضي، لكن بعض الأعمال صنعت الحدث وسط الجزائريين وحتى على مستوى الجهات الرسمية.. ولعل أبرزها ثلاثة:

1- الدّامة:

مسلسل مأخوذ عنوانه من لعبة شعبية جزائرية تشبه لعبة "الشطرنج"، وكذلك كانت أطوار حلقات هذا المسلسل الذي أخرجه يحيى موزاحم، وشارك في بطولته عدد من الممثلين أبرزهم مصطفى لعريبي، بيونة، سهى ولهة، عبد الكري دراجي، ريم تاكوشت، بوعلام بناني، إضافة إلى وجوه جديدة من الأطفال يمثّلون لأوّل مرة.

جرى عرض مسلسل "الدامة" الذي كتبته سارة برتيمة، على شاشة التلفزيون الجزائري، خلال رمضان 2023، وسط تفاعل المشاهدين مع أحداثه، وهو ما تجلى على منصات التواصل الاجتماعي، التي رحّبت بمحتوى المسلسل، في حين انتقده البعض، معتبرين أنّ العمل قدّم صورة مشوهة عن الشارع الجزائري، وخاصة عن حي باب الوادي الشعبي العريق بالعاصمة الجزائر، بالنظر إلى أنّه كثف من مشاهد بيع المخدرات واستهلاكها، والعنف، وتعنيف الأطفال، والاختطاف، واستعمال الألفاظ السوقية.. وغيرها.

وأثار مسلسل "الدامة" الجدل بعد ظهور كلمة "ماك" المصنفة كحركة إرهابية، في أحد المشاهد، حيث طلبت سلطة ضبط السمعي البصري، من التلفزيون الجزائري، تقديم توضيحات عن المشهد، وأكدت أنها ستتخذ الإجراءات اللازمة على ضوء ذلك.

وبعد صدور بيان سلطة الضبط، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر فيه مخرج المسلسل وهو يوضح أن العمل لا يروج للحركة التي يعتبرها "حركة إرهابية"، مؤكداً أن ظهور شعارها "خطأ غير مقصود". بالمقابل حقق هذا العمل نسب مشاهدة قياسية منذ بداية عرض حلقاته الأولى، بحيث قدّرت نسب المشاهدات بالملايين.

2- البطحة:

مسلسل كوميدي درامي، حقق نجاحًا منقطع النظير في رمضان السنة الجارية، ولقي تفاعلًا وسط الجمهور الجزائري، قام بإخراجه وليد بوشباح وأدّى بطولة الثنائي نبيل عسلي ونسيم حدوش، إلى جانب عدد من الممثلين الذين كان لهم حضور بارز طوال حلقات العمل على غرار نجية لعراف، عادل شيخ، احسن بشار، نسرين بلحاج، ربيع أجاووت، وغيرهم.

العمل قدّم قصصًا من الواقع في قالب كوميدي ودرامي، رصد عبرها المخرج بوشباح الصراعات بين أبناء الأحياء التي تعيش على الهامش، حيث الفقر، البطالة، المخدرات، حرب لزعامة، السرقة، والاختطافات، الطبقية والفوارق الاجتماعية في المجتمع.. وقضايا أخرى.

جسد هذه الصراعات الثنائي "اللاز" (نبيل عسلي) و"بونار" (نسيم حدوش)، غير أنّ الاختلاف وسط نشطاء مواقع التواصل رغم ملايين اللايكات والمشاهدات التي حظي بها العمل، تمحور بحسب آراء البعض حول محاولة تجميل صورة "اللص" و"زعيم" الحومة أو قائد الحي، كما رفاقه الآخرين، باعتبار أنّ الكثيرين تعاطفوا مع شخصية "اللاز" الذي قضى في السجن سنوات وبقي وحيدا في نهاية القصة، بل حسب هؤلاء السرقة مبررة بسبب الفقر وقلة فرص العمل وتهميش حي البطحة.

آخرون رأوا أنّ ما جسده المخرج وليد بوشباح هو صورة من الواقع وتعيشها فئة من المجتمع الجزائري، سواءً على مستوى الحوار الذي جاء باللهجة الدارجة وجلّها لهجة "الشارع اليوم" أو على مستوى الأزياء الذي ظهر به بعض الممثلين في المسلسل ويحيل إلى "الرجلة"، "الزعامة".. أو على مستوى العنف الموجود في الأحياء، انتشار المخدرات، السرقة، النصب، الاحتيال.. وأخرى.

3- الاختيار الأوّل:

مسلسل من إخراج محمد علي الزواغي، عرض على قناة "الشروق" وأخذ حقه من الانتقادات اللاذعة، على صعيد القصة التي لم تبتعد في جوهرها وأحداثها عن باقي المسلسلات الأخرى خاصة مسلسلي "الدامة" و"البطحة"، فكان العنف حاضر، وحضر الجريمة، وحضر اختطاف الأطفال،  وطغت مشاهد المخدرات، وعصابات الأحياء وتعنيف الآباء والأطفال... إلخ، غير أنّ اللافت في هذا العمل هو توظيفه لممثلين أطفال، كما في مسلسل "الدامة"، شاركوا في صنع مشاهد العمل، فرغم براعتهم في الأداء، إلاّ أنّ توظيفهم في أعمال تلفزيونية درامية مليئة بالعنف بكل أشكاله قوبل برفض وسخط سط الجزائريين.

مسلسل "الاختيار الأوّل" وظف بشكل مبالغ الأطفال في مشاهد قاسية في العمل، في شاكلة الطفل أيوب (شاوش محمد أمير) الذي يعيش في حي قصديري، ويتعرّض للاختطاف من طرف إحدى العصابات، إضافة إلى تسليط الضوء على بنات في عمر الزهور ضائعات بين الدراسة واستهلاك المخدرات و"النجومية" على منصات التواصل تيك توك، إنستغرام،..إلخ.

منتقدو هذا العمل استهجنوا طريقة إشراك الأطفال في السيناريو والإخراج دون مراعاة لسنّهم، ما قد يؤثر -حسبهم- على سلوكهم وتصرفاتهم ومسارهم الدراسي مستقبلا.

الجدل حول هذه الأعمال التلفزيونية، جعل السلطات الرسمية تتحرك لتحذير القنوات المسؤولة عن بثها للجمهور، بحيث قامت سلطة الضبط السمعي البصري بدعوة مهنيي القطاع إلى ضبط برامجهم مع احترام خصوصيات شهر رمضان، وعدم الانزلاق وراء الربح المادي، ووجهت تحذيرات وإنذارات لكل مؤسسة إعلامية لا تحترم أخلاق المجتمع، واتخاذ إجراءات ردعية في حقها.