24-يونيو-2024
سالم دحماني

سالم دحماني، مخرج فيلم "الطبل" (الصورة: فيسبوك)

شهد المهرجان الدولي للسينما السياحية بجنوب أفريقيا والذي اختتمت فعالياته الأسبوع الماضي، تتويج فيلم وثائقي جزائري بالجائزة الفضية عنوانه "الطبل" من توقيع المخرج الشاب سالم دحماني ابن ولاية أدرار الذي عمل على نقل التراث الجزائر إلى الخارج بعمل سينمائي يعالج فيه الموروث الثقافي لمدينته.

مخرج فيلم "الطبل": غياب الدعم المادي والمعنوي أكبر هاجس يعانيه مبدعو الولايات الجنوبية لتجسيد أفكارهم ومشاريعهم

يتحدث المخرج الشاب سالم دحماني في لقاء مع "الترا جزائر" عن التتويج في جنوب أفريقيا وعن قصة هذا الوثائقي الذي يتركز موضوعه على التراث المحلي بأدرار، فضلا عن تطرقه لجملة من النقاط المتعلقة بمشاريعه وبالسينما.. وغيرها.

أول مشاركة دولية.. أوّل جائزة

عن المشاركة واعتلاء منصة التتويج بمهرجان دولي، يقول دحماني إنّ "مشاركته في مهرجان السينما السياحية بجنوب إفريقيا كانت أول مشاركة دولية له بفيلم وثائقي عنونه بـ"الطبل."

ويضيف المتحدث: "هذا الفيلم تم اختياره من بين 436 فيلما يمثلون 61 دولة، وتحقق ذلك بفعل مساعدة صديق لي، عمل على تشجيعي من أجل المشاركة، ولكن للأسف لم أستطع الحضور في الفعالية بسبب التأشيرة بالرغم من أنّه كانت لديّ دعوة المشاركة."

ويتابع قوله: "بعد فشلي في المشاركة حضوريا، كنت دائما أشاهد مجريات المهرجان عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولم أفوّت أي موعد أو نشاط، وهنا أشير إلى أنني استقبلت خبر التتويج والجائزة التي تعدّ أول جائزة دولية لي بعد عدد من الجوائز الوطنية عبر البريدي الإلكتروني، حيث  قامت إدارة المهرجان بتهنئتي وأعربت عن أسفها لعدم حضوري."

جائزة
الجائزة التي حصدها مخرج "الطبل" بالمهرجان الدولي للسينما السياحية بجنوب أفريقيا

ما وراء أبرز موروث ثقافي في أدرار"؟

يصف دحماني فرحته بالفوز بأنّها شعور جميل وشعور بالفخر، وجعلت طموحاته تكبر، انطلاقا من اقتناعه أنّ لا شيء مستحيل، فقط لابد من الجدّ والاجتهاد والعمل بتفاني وإتقان لتقديم إنتاجات أخرى تكون في المستوى وأكثر، وبأفكار جديدة، وذلك من أجل إبراز الموروث الجزائري بالطريقة المثلى التي يستحقها وبالشكل الذي يوصله إلى العالمية."

وبخصوص  الفيلم الذي يتحدث عن التراث الجزائري انطلاقا من آلة "الطبل" الشهيرة في الوسط الصحراوي في الجزائر وخاصة في أدرار، يكشف ضيف "الترا جزائر" أنّ الوثائقي يسلط الضوء على التراث اللامادي (الشفهي) الذي تتميز به مدينة أدرار ولخصه في الفولكور الشعبي الذي يتمثل في الشعر ملحون الذي ينتشر في منطقته وفي مختلف الولايات الجزائرية.

ويوضح دحماني أنّ الوثائقي يغوص في التراث والفولكلور بصورة جمالية، ويستعرض آلة "الطبل" التي تعدّ أبرز موروث ثقافي في أدرار ويقدم لمحة عن تاريخها وأصلها وكيف نشأت في أدرار ويقدم وظيفتها الموسيقية، وصولا إلى الأسلوب أو الطريقة التي يصنع أو يقام بها اللحن المستخدم في الشعر والكلمات، ما يحدث ذلك التناغم الجميل بين صوت الطبل والشعر الملحون."

وحول هذه التوليفة والمزج، يشير المتحدث إلى أنّ هدف الوثائقي أساسا يكمن في الترويج للتراث الجزائري والخروج به إلى العالمية، حيث يتساءل في معرض حديثه لما لا، يتم تصنيف آلة "الطبل" ضمن قائمة التراث اللامادي العالمي الإنساني بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، باعتبار قيمته الفنيّة والتاريخية والثقافية وحتى السياحية.

والسينما والتراث

وعلى ضوء هدف الوثائقي الذي أنجزه بمعية فريقه، يدرك سالم دحماني مدى قدرة السينما كفن من الفنون على إيصال الرسالة مهما كان نوعها ثقافية، سياحية أو فنية أو تاريخية.. إلى الجمهور المتلقي وبشكل عام إلى الشعوب.

ويعبر عن ذلك بقوله: "صراحة السينما هي من الفنون التي دائمًا ما تقوم بإيصال رسالة إلى مختلف أطياف المجتمع بطريقة سهلة وسريعة وبتأثير كبير، وهذا ما وقفنا عليه في عدّة مناسبات، حيث كانت السينما صوت الجزائر في المحافل الدولية، أبرزت القضية الجزائرية إبّان الاستعمار الفرنسي، من خلال عدد من الأفلام وأبرزها تلك الأفلام التي توجت بجوائز عالمية مثل "وقائع سنوات الجمر" للمخرج الكبير محمد لخضر حمينة، والذي فاز عنه بجائزة "السعفة الذهبية" بمهرجان "كان".. وغيرها، كما عملت السينما على إبراز ونقل عادات وتقاليد وتراث الجزائريين إلى العالم.

وثائقي "الطبل" يغوص في التراث والفولكلور بصورة جمالية ويستعرض هذه الآلة، التي تعدّ أبرز موروث ثقافي في أدرار ويقدم لمحة عن تاريخها وأصلها

الدعم هاجس المبدعين

وفي سياق ذي صلة، لم يُخفِ، سالم دحماني وهو مصور وصانع أفلام وثائقية وجود صعوبات وعوائق تعترض طموحات الشباب في الجنوب الجزائري ومن بينهم شباب ولايته خاصة المهتمين بالإنتاج السمعي البصري من أفلام ووثائقيات.. وغيرها، حيث يعتبر نفسه أحد هؤلاء.

ولذلك يؤكد أنّ أكبر العوائق التي تواجههم تتمثل في غياب الدعم المادي وحتى المعنوي لتجسيد أفكارهم ومشاريعم، من خلال نقص معدات إنتاج احترافية وغياب الترويج الإعلامي لإظهار هذه طاقات الشباب ودعمهم في المشاركات المحافل الدولية.

وفولكلور "الطبل" تراث شفهي عريق بأدرار يعبر عن الحياة الاجتماعية والتقاليد في المنطقة. ويقوم على الشعر الملحون والمدائح والأغاني الشعبية ويأخذ تسميته من آلة "الطبل" الإيقاعية الموسيقية التي تشبه "الدربوكة" وهي عبارة عن جسم مصنوع من الفخار مشدود على جهة منه قطعة من الجلد، تصدر صوتا موسيقيا بمجرد "الضرب" عليها.