09-يونيو-2024
(الصورة: فيسبوك) مشهد من الفيلم الجزائري كبش العيد

(الصورة: فيسبوك) مشهد من الفيلم الجزائري كبش العيد

لم يقتصر نقل الواقع الجزائر نقله على شاشات الأخبار وأمواج الإذاعات، بل كان للسينما والتلفزيون دورٌ في تصويره بشكلٍ درامي وكوميدي في آن واحد، فربما كانت الوسيلتان الأقرب إليه والأصدق في نقل أحلامه ومعاناته وهمومه، وبالأخصّ عندما يتعلق الأمر بمناسبة اجتماعية أو دينية، والتي يكون فيها المواطن بين المطرقة والسندان، باعتبارها تتطلّب توفير بعض المال لسد الحاجيات التي تنجم عنها في ظل ضعف الرواتب، وبالتالي هذه الصور جسدت في أعمال تلفزيونية من بينها أفلام تلفزيونية عن عيد الأضحى.

فيلم "كبش العيد" لا يختلف كثيرًا عن سلسلة "أعصاب وأوتار" من حيث جرعة الكوميديا، حيث يعالج قضية البحث عن أضحية العيد في ظلّ ضعف الدخل الفردي وارتفاع أسعار الأضاحي

وبمناسبة عيد الأضحى الذي ستحيي شعائره الجزائر على غرار باقي العالم الإسلامي الأحد المقبل، حيث يعرض عادة التلفزيون الجزائري بمحطاته المختلفة فيلما كوميديا بعنوان "كبش العيد"، عبارة عن كوميديا  من الواقع وتنقله بلا تجميل حول أضحية العيد ورحلة المواطن الجزائري في البحث عنها ليس لعدم توفرها بل بسبب غلاء أسعارها.

"كبش العيد"..سيناريو يتكرر

"كبش العيد" فيلم تلفزيوني كوميدي أنتجه محطة قسنطينة الجهوية (تابعة للتلفزيون الجزائري العمومي)، قبل عقدين، كتب حواره كريم بودشيش وعزيز شولاح، والعمل من إخراج عزيز شولاح، وبطولة ثلة من نجوم الفن الجزائري الذين أبدعوا في عديد الأعمال مثل فاطمة حليلو، كمال كربوز، رشيد زيغمي، كريم بودشيش، بشكري نورالدين، تين هين، حسان بوكرسي، إسماعيل ريغي، عتيقة بلزما، مرواني نورالدين، جمال مزواري، حسان بولحروف، خليل بوزحزح، محمد علي تركي، لطفل أمين بولفلفل.. وآخرين.

فيلم "كبش العيد" لا يختلف كثيرًا عن سلسلة "أعصاب وأوتار" من حيث أسلوب تناول الموضوع وجرعة الكوميديا التي يحملها، يعالج قضية رحلة المواطن في البحث عن أضحية العيد أو كبش" العيد في ظلّ ضعف الدخل الفردي وارتفاع أسعار الأضاحي، ووجود فئات هشة وفقراء لا يستطيعون البتة شراء الأضحية ما يعكس صعوبة الحصول على أضحية بثمن زهيد ومناسب، كما ينتقد من جهة أخرى بعض السلوكيات غير المحببة والمرتبطة بعمليات ذبح الأضحية في الأحياء.

الواقع بلا تجميل

يبدأ الفيلم الذي يركز على "المواطن والأضحية" وما يدور في فلكها من ارتفاع للأسعار وضعف الرواتب، بالتقاء السايح البوسطجي (ساعي البريد) وعنتر "المالادي"، الأخير يسأله عن خول راتبه، يجيبه السايح أن حسابه ليس فيه ولا دينار واحد، يتطور الحديث بينهما ليتبين أنّ زوجة السايح وزوجة عنتر "المالادي" يريدان كبش العيد بأي شكل من الأشكال.. فتكون خاتمة الحوار بينهما أنّ "كبش الأضحى صار بدعة".

الموقف الثاني يشبه الموقف السابق، عندما تخبر زوجة الأستاذ الجامعي أنّه بانتهائهما من شراء ملابس أطفالهما الخاصة بالعيد، بقي عليهما شراء أضحية العيد، فيكون جواب زوجها أنّ الراتب صرف في الملابس ومشتريات أخرى ولم يتبق منه إلاّ القليل وإذا اشترى به الأضحية لا يدري كيف سيسير ما تبقى من أيام الشهر خاصة وأنّ إيجار الشقة وفواتير الغاز والكهرباء تلاحقه، لكن زوجته لا تأبه بحديثه وتصرّ على أنّه لا يمكن تمضية العيد دون كبش خاصة وأنّ الجيران سيشترون؟.

مواقف أخرى مشابهة للمواقف والقصص الأولى، إحداها بطلها سائق سيّارة أجرى يقّل مواطنًا، الأخير يشتكي له غلاء نقل الأضحية لمسافة قصيرة، منتقدًا التجار و"سماسرة" المناسبات الذين يستثمرون في الظروف المعيشية للمواطنين، ومنهم سائق "الطاكسي" الذي ركب معه، عندما وجه (الراكب) عبارة لاذعة في نهاية حوارهما "كلكم مثل بعض".

رسائل بصلاحية غير محدودة

ينتقل هذا الفيلم الذي أنتج منذ سنوات عديدة من مشهد إلى مشهد آخر، ليقدم لوحات كوميدية من يوميات الجزائري العادية في كنهها معاناة وفرحة في نفس الوقت، كما يحمل رسائل إيجابية لم تفقد معناها ولا "صلاحيتها" حول التآخي ومساعدة الجيران والإحسان إليهم، ومساعدة المحتاج والتفريج عن كربه، وغيرها من القيم الإنسانية التي لا يجب أن يفقدها المواطن بالرغم من كل الظروف المحيطة به، كما في المشهد الختامي حيث يقوم جارين امتهنا تجارة الأضاحي بمناسبة العيد بإهداء كبش لجارهم الفقير الذي يشتغل في مجال النظافة، لكن ما عالجه في أطوار قصصه المختلفة من مواضيع ناقدة لم تتغير في يومنا الراهن وكأنه استشراف، حيث يسيطر "الجشع" و"الطمع" و"عقلية السمسرة" على تجار "الأضاحي"، بل ربما زاد الوضع تأزما في ظل الارتفاع الفاحش لأسعار الأضاحي.

ينتقل هذا الفيلم الذي أنتج منذ سنوات عديدة من مشهد إلى مشهد آخر، ليقدم لوحات كوميدية من يوميات الجزائري العادية في كنهها معاناة وفرحة في الوقت نفسه

فيلم "كبش العيد" لم يكن الوحيد الذي تطرق إلى "الأضحية" ومعاناة المواطن في الحصول عليها، بل جاءت أفلام و"سكاتشات" تلفزيونية اخرى بعده تعالج نفس الظاهرة وتنتقد الغلاء وتصور حالة التخبط التي يعيشها المواطن بسببه ولعل من بينها فيلم "قاع نعيديو" من إبداع ثلاثي الأمجاد (وهران)، "عيد la panique"، إضافة إلى فيلم "عيد إكسبراس" (2014) بطولة حميد عاشوري، كمال عبدات، محمد بن داود، حميد عميروش، فوزي بايت، وإخراج إبراهيم حمادي، بثت على قنوات التلفزيون الجزائري.