إن غرس حبّ القراءة لدى الأطفال في سن مبكرةٍ هو هدية كبرى تدوم معهم على مدى الحياة؛ فمن خلال تعزيز شغف الطفل بالكتاب، فإنك لا تفتح له عالمًا من المعرفة والخيال فحسب؛ بل تزوّده أيضًا بمهارات لغوية ومعرفية حيوية تنفعه في حياته الاجتماعية والمهنية، وتحصّنه من العديد من الأخطاء والزلات.
غالبًا ما يحاكي الأطفال سلوك والديهم، لذلك من الضروري أن يكونا قدوة لهم في القراءة
في العصر الرقمي اليوم، حيث تكثر المشتتات، بات من المهم أكثر من أي وقت مضى تشجيع الأطفال على الاستمتاع بمتعة القراءة، أو فتح الباب لهم لمعرفتها وتجربتها والتعلق بها. إذا كنت والدًا أو كنت والدة تبحثون عن إرشادات حول كيفية تنمية حب القراءة لدى الأطفال الصغار الذين بدأوا المرحلة الدراسية مؤخّرًا، أي من تبلغ أعمارهم سبع سنوات وأكثر، فإن هذه المقالة تقدم لكم نصائح واستراتيجيات قيمة:
1) كن أنت القدوة
أو كوني أنتِ أيتها الأم القدوة لطفلك. فغالبًا ما يحاكي الأطفال سلوك والديهم، لذلك من الضروري أن يكونا قدوة في القراءة. دع طفلك يشهد حبك للكتب من خلال القراءة في البيت بانتظام. سواءً كانت رواية أو جريدة أو حتى كتابًا إلكترونيًا، اجعل القراءة جزءًا مرئيًا من حياتك اليومية يفهمه طفلك ويقدّر أهمّيته بالنسبة إليك.
2) خلق بيئة صديقة للقراءة
قم بتهيئة الطفل للقراءة من خلال إنشاء مساحة قراءة مريحة وجذابة في المنزل، أو تخصيص ركن مريح وخاصٍ عامر بالكتب المناسبة، وفيه إضاءة جيدة، ويمكن الجلوس عليه براحة، لكل يساعد الطفل على الانغماس في أيّ كتاب يلفته ويحب الغوص فيه باستمرار.
3) اقرأوا معًا
القراءة الجهرية للطفل هي تجربة ترابط رائعة تشعل خياله وتغذي فيه حب الكتب. اختر كتبًا أعلى قليلاً من مستوى قراءتها لتقديم مفردات ومفاهيم جديدة للأطفال، وتبادلوا الأدوار في قراءة ومناقشة القصة، فذلك يجعلها تجربة تفاعلية وممتعة.
4) زيارة المكتبة
المكتبة هي كنز دفين من الكتب والموارد والمصادر، وفيها روحٌ عامرة بالكتب ومحبّيها، ورائحة لا تنسى سترتبط بخيال طفلك بعالم الكتاب الساحر دومًا. اصطحب طفلك في زيارات منتظمة للمكتبة، واسمح له باستكشاف أقسام مختلفة فيها واكتشاف الكتب التي تجذب اهتمامه. يمكن لأمناء المكتبات أيضًا التوصية بالكتب المناسبة للعمر واقتراح الأنشطة التي تعزز تجربة القراءة لديهم.
5) اجعل الكتاب هديّة مغرية
حين يقع طفلك بحبّ كتاب أو كاتب ما، فإن ذلك سيمنحك فرصة أن تجعل مثل هذه الكتب هدية له في بعض المناسبات الخاصة، أو حين يحقّق نجاحًا في إنهاء كتاب ما، وذلك لتشجيعه على قراءة المزيد منها، وربطها دومًا بالتجارب الإيجابية، وغرس الشعور بالإثارة والترقب لديه، ليتوقع المزيد من الكتب التي يفضّلها حين يداوم على القراءة.
6) اجعل القراءة تفاعلية
شجّع طفلك على المشاركة بنشاط في القصة من خلال طرح الأسئلة ومناقشة الشخصيات ودوافعها أو التنبؤ بسلوكها. يعزز هذا النهج التفاعلي مهارات الفهم والتحليل لدى الطفل ويجعل القراءة تجربة ديناميكية وغامرة.
7) نوّع القراءات وموادّ القراءة
وسّع آفاق القراءة لدى طفلك من خلال تعريفه بمجموعة متنوّعة من مواد القراءة، كالكتب بأنواعها، الخيالية وغير الخيالية، إضافة إلى المجلات والمجلات المصورة، وتعريفه ببعض المواقع الإلكترونية الصديقة للطفل والتي توفر مواد قراءة متنوعة مكتوبة ومسموعة.
8) شجع القراءة المستقلة
شجّع على القراءة المستقلة للطفل، وذلك من خلال توفير مجموعة من الكتب التي تتناسب مع مستوى قراءته واهتماماته. خصص وقتًا منتظمًا للقراءة كل يوم، للالتزام به قدر الإمكان وإتاحة استكشاف الكتب التي يحبونها بأنفسهم. قم بزيادة المدة تدريجيًا مع تطور اهتماماتهم وقدراتهم على القراءة.
9) احتفل بإنجازات القراءة
احتفل بإنجازات طفلك في عالم القراءة. قدم له كلمات الثناء أو المكافآت أو الحوافز الصغيرة بعد إكمال كتاب أو تحقيق هدف من أهداف القراءة التي تتفقون عليها في المنزل. التعزيز الإيجابي بالغ الأهمية في التشجيع على مواصلة رحلة القراءة لدى الأطفال بحماس ومتعة.
يتحدّث كثير من المختصّين عن إشكالية القراءة لدى الأطفال، وتراجعها بسبب كثرة المشتتات المرئية من حولهم
تذكروا دومًا أن غرس حب القراءة بالأطفال هديّة لا تقدّر بثمن، ولاسيما في المجتمع الجزائري، حيث يتحدّث كثير من المختصّين عن إشكالية القراءة لدى الأطفال، وتراجعها بسبب كثرة المشتتات المرئية من حولهم، من الهواتف والأجهزة اللوحية، وعدم توفر ما يكفي من الاهتمام بكتب الأطفال، ولاسيما باللغة العربية.