06-فبراير-2024
سعود مهنا

المخرج الفلسطيني سعود مهنا (الصورة: فيسبوك)

يعود المخرج الفلسطيني سعود مهنا في هذا الحوار مع "الترا جزائر" إلى جملة من النقاط التي تتعلق بالقضية الفلسطينية وصمود الفلسطينيين وتشبثهم بالأرض ومقاومتهم للاحتلال، ومدى حضور القضية في السينما العربية وفي أفلامه، كما يتحدث عن غيابه عن مهرجان الجزائر لفيلم التراث، وتأثير الثورة الجزائرية في الشعب الفلسطيني.

سعود مهنا: أعيش في خان يونس، رأينا بأعيننا كيف تتناثر أشلاء الأطفال والعجائز وكيف تتهاوى المنازل والمباني فوق رؤوس ساكنته

بأسف كبير، يتحدث المخرج الفلسطيني سعود مهنا عن عدم مشاركته في مهرجان سينمائي احتضنته الجزائر مؤخرا، فيقول: "لم أستطع القدوم إلى الجزائر، للمشاركة في مهرجان "الأيام الدولية لفيلم التراث"، وذلك بسبب العدوان."

ويضيف مهنا: " كنت أجهز نفسي، للسفر لأكون بين الأحباب والأصدقاء، في الجزائر، وكانت ستكون فرصة جميلة لي أن أكون بين أحبابي في بلد الشرفاء والشهداء، الجزائر البلد الذي نعشقه ونحبه".

ومشيدًا بالمهرجان ومنظميه يوضح مهنا أنّ "مهرجان مخصص لفيلم التراث بالجزائر، أمر مميز للغاية، لتفرده بالتراث، ولأهمية التراث في حياة الشعوب، ولكونه تاريخ مهم لكل دولة، فذكر على سبيل المثال لا الحصر من ألوان التراث الموسيقى، والحكم، والصناعات التقليدية، الحرف،.. وغيرها، لذلك يرى أنّ المهرجان الذي لم يقدر على المشاركة فيه له أهمية بالغة بتركيزه وتسليطه الضوء على التراث عبر السينما وهي ميزة وسمة لم تنتبه لها مهرجانات أخرى، بل –وفق تعبيره- لا توجد مهرجانات في العالم مخصصة للتراث وقضاياه.

هدف إسرائيل تهجيرنا.. لكن نترك أرضنا

سعود مهنا، كان سيكون ضمن أعضاء لجنة تحكيم النسخة الثانية من "الأيام الدولية لفيلم التراث" التي جرت فعالياتها نهاية ديسمبر الماضي، لكن تعذر عليه الحضور بسبب العدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة وعلى محافظات أخرى من فلسطين، لكن يؤكد في السياق أنّ مجرد دعوته واختياره عضوا في اللجنة يعدّ شرف كبير له، شاكرا المنظمين على هذا الاهتمام، وعلى إنجاح المهرجان الذي تابع أطواره من البداية إلى الختام.

 واعتبر المتحدث أنّ " مهرجان التراث بالجزائر أصبح له اسم وموقع في خارطة المهرجانات العربية بالنظر إلى محوره وثيمته "التراث" وبالنظر إلى نوعية الأفلام المشاركة وتنوعها من مختلف البلدان العربية والأجنبية.

وفي خضم حديثه عن غيابه عن فعالية سينمائية بالجزائر، يعود مهنا في لقائه مع "التراجزائر" إلى الوضع في غزّة، فيصف الوضع بالمرعب والمقلق والحرب القاتلة، ويقول: "غزة في حرب، طائرات ودبابات وبوارج تقصف الشعب الفلسطيني."

وبوصف أبلغ أعمق يروي المتحدث: "أعيش في خان يونس، رأينا بأعيننا كيف تتناثر أشلاء الأطفال والعجائز وكيف تتهاوى المنازل والمباني فوق رؤوس ساكنتها، إنّها حرب ضروس، قاتلة."

سعود مهنا، يؤكد أنّ "إسرائيل تقصد من هذا العدوان تشريد الشعب الفلسطيني وتهجيره، لكن يشدد في حديثه أنّهم صامدون، لن يرحلوا ولن يتركوا أرضهم، سيقاومون حتى آخر قطرة من دمائهم، ويلخص كلامه بعبارة" هذه فلسطين تستحق منا الدفاع عنها."

أشجار الزيتون الفلسطينية وذاكرة الثورة الجزائرية

وبخصوص فيلمه الذي شارك في "أيام التراث" الجزائرية، يعتبر مهنا أنّ هذا العمل شارك ضمن بانوراما السينما الفلسطينية التي برمجت احتفاء بالسينما الفلسطينية.

 ويوضح أنّ "الفيلم يحكي عن شجرة الزيتون المباركة، ويسرد قيمتها الكبيرة في حياة الإنسان الفلسطيني، باعتبارها رمز من رموز الفلسطيني في أرضه، مثل شجرة الزيتون وتجذرها في الأرض.

 ويشير إلى أنّ "الجميع يعلم أنّ إسرائيل حاولت قلع واجتثاث أشجار الزيتون، كما دمرت آلاف المزارع في الضفة الغربية.. لا لشيء سوى أنّها تذكّرهم بتاريخ الإنسان الفلسطيني.

ويلفت في السياق إلى أنّ "هذا السبب هو من دفعه لإخراج فيلم بعنوان "جدتي الزيتونة"، يتحدث فيه عن دور هذه الشجرة في حماية  الفدائيين الفلسطينيين الذين يقاومون الاحتلال تحتها، كما يتحدث عن دورها في حفظ أسرارهم، وحمايتها لهم من الرصاص والصواريخ وقصف المدافع.

المخرج سعود مهنا، يسرد قائلا إنّ "الزيتونة تعكس تلك البانوراما الجميلة بين الأطفال والشيوخ وهي تسمع حنين عودتهم إلى أراضيهم التي احتلت بقوّة السلاح عام 1948، كما تسمع قصص الأطفال الذين سيصبحون غدا جنودا ومقاومين من أجل أرض فلسطين.

وحول فيلمه "ذاكرة الثورة" الذي شاهده الجمهور الجزائري يقول إنّه "هدية للشعب الجزائري والمثقفين والفنانين وموضوعه الثورة التحريرية الجزائرية والمجاهدين الذين تعلّمنا منهم الكثير."

ويضيف المتحدث:"ترعرعنا على نضال الجزائريين، وبالتالي حمل الفيلم شهادات حيّة لفلسطينيين تربّوا على منوال وطريق الثورة الجزائرية وكم هؤلاء هم عاشقون للجزائر، يتمنون استمرار الثورة الفلسطينية على خطى الثورة الجزائرية التي توجت بافتكاك الاستقلال."

كما ارتأى المخرج سعود مهنا أن يكون هذا العمل القصير أيضا هدية منه ومن الشعب الفلسطيني للمجاهدين وأرواح شهداء الثورة التحريرية وأحفادهم اعترافا بفضلهم وعطائهم ونضالهم وتضحياتهم التي أصبحت مثالا للشهادة والنضال، وذلك حتى يسيرون على نهجها لتحرير فلسطين.

مهنا والثورة الفلسطينية

وفي سياق حديثه عن أفلامه، يعود مهنا بالذاكرة إلى تجربة تناهز الـ30 عاما في الفن السابع وتحديدا في الإخراج، فيعبّر عنها بالقول إنّه خلال هذه العقود الثلاثة عمل على نقل الواقع الفلسطيني ومعاناة الشعب وصبره وتضحياته وحبه في العودة إلى أرض وتصميمه على ذلك التي خرجها منها بقوة السلاح عام 1948.

ويشير إلى أنّ "كل أفلامه تتكلم عن الثورة وتوثق لمجازر إسرائيل، مؤكدا في معرضه حديثه أنّه مستمر في نقل الرواية الفلسطينية بتبيين كذب وخداع الرواية الإسرائيلية التي تحاول أن تظهر للعالم أن فلسطين بلا شعب ولكن عبر السينما التي يفقها يقول لهم العكس، فوثق للمجازر بداية من 1948 إلى الوقت الرهن.

 وفي الصدد يقول: "نحن نؤرخ ونوثق للمجازر وشهادات أهل الشهداء وأبناء الشهداء الذين يروون القصص التي تحدث لهم من خلال المجازر لتبقى شاهدة على الصمود الفلسطيني وتفضح الغطرسة والظلم والجريمة التي يقترفها الاحتلال.

فلسطين في السينما العربية؟

لا تنفصل القضية الفلسطينية عن السينما العربية، فكيف تناولتها؟، يجيب سعود  مهنا بأنّ " حضور فلسطين في الفن السابع العربي لم يكن.. وليس كافيا بقدر حجم القضية وبقدر حجم الدمار الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ 75 عاما."

ويدعو في الصدد إلى ضرورة دعم الرواية الفلسطينية عبر أفلام بكل اللغات لكي نثبت للعالم أنّ الحق الفلسطيني موجود وأنّ فلسطين عربية والقدس مكان مقدس للمسلمين والعرب."

ولم يخف ضيف "التراجزائر" وجود عدد من الأفلام القليلة التي تناولت القضية الفلسطينية، مثل "التغريبة الفلسطينية" مسلسل سوري من إخراج حاتم علي"الطريق إلى إيلات" فيلم مصري... وأخرى.

ويوجه رسالة إلى المخرجين العرب في أوروبا ومختلف الدول الأجنبية لإنتاج وإخراج أفلام عن فلسطين حول الحرب وما وراءها والأثر النفسي على الشعب الفلسطيني نساء وأطفالا وشيوخا لتكون بمثابة رسائل من العرب إلى العالم.

 سعود مهنا مخرج سينمائي، ومؤسس مهرجان "العودة السينمائي"، من مواليد 1957، درس علم النفس والسينما، وفي رصيده أكثر من 35 وثائقيا، إضافة إلى 7 أفلام روائية تحكي بطولات الشعب الفلسطيني، ولعل أوّل أعماله فيلم "عندما يطلق الحجر" (1989)، إضافة إلى أعمال وثائقية أخرى مثل "صرخة أمل"، "معبر الموت"، "أطفال ولكن"، "نورا"، "رغم الحصار".. وغيرها.