لم يفتأ الجزائريون، منذ بداية عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، لوهلة واحدة عن جمع التبرعات وتأسيس حسابات مالية لصالح سكان غزة، الذين يعيشون تحت القصف الصهيوني.
الجمعيات تركّز في حملاتها الخيرية على جمع الأموال نقدًا بدلًا من المواد الأساسية التي تحتاج إلى وقت من أجل تمريرها عبر معبر رفح المُغلق
وأطلقت عديد الفعاليات المدنية حملات لتنظيم نشاط إغاثي داعم للشعب الفلسطيني، منها مجلس التجديد الاقتصادي وهو أكبر تنظيم لرجال المال وأرباب العمل في الجزائر (الباترونا)، إضافة إلى جمعيات خيرية ومؤسسة الهلال الأحمر الجزائري.
كما تحرّك الجزائريون أيضا عبر مبادرات فردية لأشخاص ينشطون عبر مختلف صفحات التواصل الاجتماعي الأخرى لحشد أكبر حجم من المساعدات.
تحويلات مالية مباشرة
إلى هنا، يؤكد رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، عبد الرزاق قسوم، إطلاق حملة وطنية لجمع التبرعات للفلسطينيين ضحايا العدوان الأخير على غزة، وقال "إنها ليست المرة الأولى التي تُطلِق فيها الجمعية حملة لجمع التبرعات لصالح الفلسطينيين وذلك عبر كافة ولايات الوطن، فقد سبقتها عدة عمليات ساهمت في نصرة ودعم القضية الفلسطينية."
وتحدث قسوم في إفادة لـ "الترا جزائر" عن تفاصيل الحملة الوطنية الخاصة بجمع التبرعات المالية لسكان غزة، مؤكدًا أنّ مصالحه تحصلت أمس على ترخيص من وزارة الداخلية لمباشرة العملية بداية من الخميس عبر كافة مديريات الجمعية على المستوى الوطني.
وأكّد المتحدث أنّ "المساعدات ترتكز أساسًا على جمع الأموال نقدًا بدلًا من المواد الأساسية التي تحتاج إلى وقت من أجل تمريرها عبر معبر رفح، الذي لايزال مغلقًا أمام دخول المساعدات والإعانات."
وأوضح هنا أنّ "بنك الجزائر الخارجي كان له دورٌ في إنجاح مثل هذه الحملات عبر تقديم تسهيلات من أجل تحويل الأموال إلى الشركاء الفلسطينيين مباشرة دون أية وساطة."
وعن الجهة التي ستُقدم لها التبرعات، قال قسوم إن "الجمعية لها علاقة جيدة مع ممثلي وزارة الصحة الفلسطينية بقطاع غزة ومصالح وزارة الداخلية، هذه الأخيرة ستتكفل بشراء الحاجيات الأساسية وتهتم بإعمار قطاع غزة بعد الهجمات الوحشية للاحتلال الصهيوني".
بالمقابل، أكد قسوم أن حملات التبرع لصالح الفلسطينيين طالما لقيت تجاوبًا كبيرًا من قِبل الجزائريين سواءً رجال أعمال وأصحاب المؤسسات الخاصة وصولُا إلى المواطن البسيط، الذي لم يتأخر يومًا في تقديم يدِ العون لإخوانه في فلسطين.
كما لفت إلى أنّ "حصيلة آخر عملية للتبرع بلغت 4 ملايير سنتيم منحتها الجمعية لوزارة الصحة الفلسطينية."
"الوعد المفعول"..
وغير بعيد عن حملات التبرع والإغاثة لأهالي غزة والتي أعلنت عنها جمعيات ومنظمات وطنية، تواصل جمعية البركة الجزائرية التي تعدُّ من أبرز الهيئات الإغاثية في العالم العربي وتملك مكتبًا رسميًا في غزة، عملها الإغاثي عبر فتح ثالث مراكز إيواء تابع لها بغزة منذ بداية العدوان الصهيوني على القطاع.
ويقول رئيس الجمعية، أحمد إبراهيمي لـ"الترا جزائر" إن الجمعية كثّفت من عملها التطوعي منذ بداية العدوان، حيث قامت بعشرات الحملات التطوعية وجنّدت أزيد من ألف متطوع لإنجاح حملة "الوعد المفعول".
وتابع: "الجمعية رصدت ملايير الدينارات لإعانة الفلسطينيين، وإعادة إعمار غزة"، مشيرًا إلى أن "الوقت الراهن يتطلّب تكثيف الجهود والعمل على إيصال المساعدات الغذائية والعلاجية للقطاع كمرحلة أولى، الأمر الذي تقوم الجمعية به حيث تتواجد مساعداتها على الحدود المصرية في انتظار فتح معبر رفح."
وقال إبراهيمي إن "المساعدات الأولية التي ستصل لفلسطين تتضمن أدوية وأغطية ومعدات الحماية المدنية."
وأضاف محدثنا أنّ "الجمعية تتواصل مع الجهات الرسمية من أجل تمكين المساعدات الجزائرية من الدخول عبر معبر رفح"، مؤكدًا في السياق ذاته أنّ "الجمعية لها فروع ومكاتب في غزة للتكفل بالأيتام والمرضى وكبار السن."
حساب بنكي وصناديق المساجد
من جانبه، كشف الناطق الرسمي لجمعية الإصلاح والإرشاد، محمد قاضي، أنّ الجمعية كانت من الأوائل الذين قاموا بفتح حساب بنكي للراغبين في التبرع لصالح قطاع غزة، وذلك منذ بداية العدوان على القطاع.
ورفض قاضي تحديد القيمة المالية التي تم جمعها منذ إطلاق الحملة، مؤكدًا أنّ "عددًا كبيرًا من المواطنين توجّهوا إلى صناديق المساجد لوضع الإعانات المالية"، هذه الأخيرة يقول محدثنا "ستستغل في شراء الأدوية والمعدات الأساسية والأفرشة التي يحتاجها سكان غزة."
الناطق الرسمي لجمعية الإصلاح والإرشاد لـ "الترا جزائر": نعمل مع شركاء جزائريين ودوليين على إيصال المساعدات لأهلها بفلسطين
وقال قاضي إن "الحملة التي أطلقتها الإصلاح والإرشاد تحت تسمية حملة الدعم والنصرة تُعنى بالمسائل الإغاثية وذلك كمرحلة أولى، في حين تستعدُّ هذه الأخيرة للمشاركة في إعمار غزة إلى جانب العديد من الجمعيات والمنظمات الجزائرية والدولية.
وقال قاضي إن السلطات الجزائرية قدّمت تسهيلات من أجل تمرير المساعدات وإيصالها إلى مستحقيها في أقرب فرصة، قائلا: "سوف نعمل على إيصال التبرعات للفلسطينيين كما نعمل بالتنسيق مع الشركاء هناك لبناء المدراس والمنازل المهدمة".