26-مايو-2024
نصار حمدادوش

ناصر حمدادوش (صورة: فيسبوك)

طرح اختيار حركة مجتمع السلم لرئيسها عبد العالي حساني شريف، مرشحا عنها للانتخابات الرئاسية الكثير من الجدل في أوساط المتابعين، بالنظر إلى لوجود شخصيات أخرى تبدو أكثر تأثيرًا في الحركة.

حمدادوش: مشاركة حمس في هذه الانتخابات ليست صدامية عدمية، وهو ما يجعل ترشيح رئيس الحركة أولى، لما يتمتع به من السلوك السياسي المتزن

وبدا واضحًا من خلال سير النقاشات في مجلس الشورى الوطني لحمس، أن هناك إجماع في الهياكل التنظيمية على ترشيح حساني وهو قرار له مبرراته المقنعة وفق قادة هذا الحزب الإسلامي الأكبر في الجزائر.

وفي تصريح خاص لـ"الترا جزائر" ، أكد ناصر حمدادوش نائب رئيس حمس، أن هناك عدة عوامل دفعت بترشيح حساني إلى الواجهة، وهو خيار حظي بالإجماع ما يؤكد انسجام الحركة والتفافها حول قيادتها وفق المتحدث.

ويوضح الرجل في دفاعه عن هذا الخيار، أن "البيئة الداخلية والخارجية تفرض المشاركة بمشروع سياسي اتجاه الحركة، وبرؤية وطنية اتجاه الدولة، ولا يكون ذلك إلا بمرشَّح رسمي للحركة، وهو رئيس الحركة".

الأصول والأعراف

وأبرز أن "الأصول والأعراف والتقاليد التي ترسخت في الأحزاب السياسية عمومًا، وفي الحركة خصوصًا، تقول بأنها إذا شاركت في الرئاسيات فإنها تشارك بفارسها، ولا يكون هذا الفارس إلا رئيس الحركة، لأنه لا يمكن تسيير المشروع السياسي للحركة، وفي قلبه: الانتخابات، وعلى رأسها الرئاسيات برأسين".

ووفق حمدادوش، فإن "المشاركة في هذه الانتخابات هو مشروع سياسي متكامل للحركة، وليس مجرد مشروع شخصي، وهو ما يجعل ترشيح رئيس الحركة أولى في تحقيق مصلحتها من غيره".

كما ان أهداف المشاركة في الرئاسيات –يتابع- "ليست متمركزة على منصب الرئيس فقط، بل لها أهداف سياسية واستراتيجية أخرى، قبلية وأثنائية وبعدية، وهو ما يجعل المشاركة برئيس الحركة أولى في تحقيق ذلك لمسؤوليته القانونية والتنظيمية والسياسية والأخلاقية قبل وأثناء وبعد الانتخابات".

وهنا، يقول إن "ترشيح رئيس الحركة أولى بحكم الصفة والمنصب، لما يترتب عن هذا الترشح من تحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية على البرنامج الانتخابي، والخطاب السياسي، والنتائج الانتخابية، وإدارة مرحلة ما بعد الانتخابات".

ويصل بذلك القيادي إلى أن "ترشيح رئيس الحركة هو انسجام مع مسار التجديد القيادي، ومع حجم الثقة والتزكية التي حاز عليها في المؤتمر الثامن (آذار/مارس 2023)، وحجم القبول العام له بعده.

تجنب الخط الصدامي

ويرصد نائب رئيس حمس عاملا آخر، يصب في خط الحركة الحالي، وهو أن "مشاركة حمس في هذه الانتخابات تنافسية تشاركية، وليست مشاركة صدامية عدمية، وهو ما يجعل ترشيح رئيس الحركة أولى، لما يتمتع به من السلوك السياسي المتزن، والخطاب الوطني الواقعي، والتمتع بثقافة رجل الدولة الموثوق".

ويضيف لكل هذه العوامل أن "طبيعة الانتخابات الرئاسية التي تفرض ربط هذا الاستحقاق بالمرشح (الفرد)، من حيث تأطير الحملة الانتخابية، والبرنامج الانتخابي، والعملية الانتخابية، والنتائج الانتخابية، والذمة السياسية والمالية، هو ما يجعل ترشيح رئيس الحركة أولى من ترشيح غيره، لما يفرض عليه المنصب القيادي والصفة الرسمية المحاسبة والمساءلة أمام مؤسسات الدولة والحركة".

كما أن ترشيح رئيس الحركة -يردف- هو تعزيز لرمزيته وشرعيته وشعبيته، وهو ما يصب في صالحه، وفي صالح الحركة خلال عهدته القيادية، بخلاف ترشيح غيره.

ورغم كل هذه المبررات، يرى كثيرون أن نقص خبرة حساني شريف في خوض مثل هذه المعارك وحداثة قيادته للحركة ما يجعله شخصية تحتاج مزيدا من الوقت للظهور، عكس أسماء أخرى تبدو أنها قطعت أشواطا كثيرة.

وكانت أكثر الشخصيات التي تم تداول اسمها عبد الرزاق مقري الرئيس السابق للحركة وأحد مؤسسيها، والذي كان في فترة سابقة قد عبّر عن رغبته في الترشح.

عامل الخبرة

وفي هذه النقطة، لا يتردد حمدادوش في الإجابة بأن "الترشح ليس مجرد ترشح فردي كمشروع شخصي، بل هو ترشح مؤسسي، يحمل مشروع حركة ومدرسة وتيار". لذلك، "فشهرة المترشح ليست بالضرورة تصب في صالحه انتخابيا، فمثلما يكون معروفا بما يقنع الناخب، بقدر ما يكون معروفا بما ينفِّره".

ويرى نائب رئيس حمس، أن "التجارب الانتخابية في العالم قد أثبتت الآن ميل الناخبين إلى المرشَّحين الجدد، أكثر من ميلهم وقناعتهم بالوجوه القديمة والمستهلكة، وخاصة لما تكون لها روابط سلبية ومؤاخذات كبيرة".

 ويدافع عن الخيار بالقول: "نحن سنتنافس في ساحة الهيئة الناخبة للمشارِكة، وليس في وعاء الفئة العازفة والمقاطعة، وبالتالي فإن طبيعة شخصية المترشح يجب أن تنسجم مع هذا المعطى".

وينتهي من كل ذلك إلى "أننا في الحركة نعرف مدى القبول الداخلي والخارجي لكل مَن كان مِن المرشَّحين المحتملين، سواءٌ في الاستحقاقات التنظيمية أو السياسية الانتخابية السابقة، فمجرد التعاطف مع شخص مترشِّح لا تعني بالضرورة القناعة التامة بالمشاركة في الانتخابات معه، والتصويت عليه تحديدًا".