08-يونيو-2024
(الصورة: فيسبوك)

(الصورة: فيسبوك)

في مشهدٍ يعكس استمرار ندرة المركبات نسبيًا في السوق الجزائرية رغم إتاحة حصص استيراد تعادل 180 ألف مركبة بداية من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يواجه سوق السيارات المحلية أزمة تتجلّى في تأخّر تسليم المركبات إلى المستهلكين، ما أثار موجة من الشكاوى والاحتجاجات عادلت 20 ألف لدى وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني، وفقًا لآخر إعلان للوزير علي عون شهر ماي/أيار الماضي، وأكثر من ألف أخرى تدفّقت إلى منظمة حماية المستهلك خلال ثلاثة أشهر فقط؛ وهو ما يعكس حجم الارتباك الذي يعيشه الزبائن نتيجة تأخر وصول سياراتهم.

مصطفى زبدي لـ "الترا جزائر":  التحذيرات التي أطلقتها وزارة الصناعة مؤخرًا أتت أكلها خاصة وأن المتعاملين اليوم يعملون على توضيح المعلومات والتواصل مع الزبائن.

هذا الأمر يعتبره وكلاء خارج نطاقهم ويؤكدون أنه يرتبط بالإجراءات التي تُرافق العملية، وبالرغم من أن بعض المشاكل تم حلّها وديًا بين الزبون والوكيل، تأتي تدخلات وزارة التجارة وترقية الصادرات، التي تجند آلاف الأعوان لمراقبة الالتزام بشروط التسليم ومنع المضاربة وفي الوقت ذاته، يحاول وكلاء السيارات المعتمدون، تسريع إجراءات التسليم وتجاوز العقبات اللوجستية لضمان تلبية الطلبات المتزايدة، هذه الأحداث تعكس تعقيدات السوق والتحدّيات التي يواجهها قطاع السيارات في الجزائر، ما يجعلنا نتساءل: هل ستتمكن الإجراءات المتّخذة من تهدئة الأزمة واستعادة ثقة المستهلكين؟

1000 شكوى

من جهته، أكد رئيس منظمة حماية المستهلك مصطفى زبدي تلقى مصالحه لأزيد من ألف شكوى بخصوص التأخر في تسليم السيارات في ظرف ثلاثة أشهر ، مشيرًا الى أن هذا الرقم سبق للمنظمة وأن سجلته قبل غلق باب الاستيراد سنة 2019.

وأوضح زبدي في حديثه مع " الترا جزائر" أن 95 بالمائة من هذه الشكاوى تم حلها وديًا مع وكلاء السيارات خاصّة وأن المنظمة _حسبه _أخذت بعين الاعتبار الوضع العام الذي تعيشه سوق السيارات الجزائرية وكثرة الطلب على المركبات فضلًا عن نقص الخبرة لدى بعض الوكلاء، لذلك فضلت منظّمتنا _يقول المتحدث_ الحلول الودية واللجوء الى التنبيه والتحذير بعيدًا عن الإجراءات القضائية.

وأسفرت هذه الحلول _حسبه_ على التسريع في اجراءات تسليم السيارة أو استبدالها وفق ماجاء في طلبية الزبون وفي الكثير من الحالات تم تعويض الزبون.

وبالعودة إلى مضمون الشكاوى التي تلقتها المنظمة قال زبدي إن أغلبها متعلقة بمخالفة دفتر الشروط على رأسها التأخّر في تسليم المركبة، وعدم احترام نسب الدفع التي تعدت مع ماهو مذكور في دفتر الشروط، ومن الشكاوى أيضًا عدم تطابق مواصفات السيارة مع ماهو محدد في الطلبية.

كما تلقت منظمة حماية المستهلك مؤخرًا شكاوى تتعلق بخدمات مابعد البيع هذه الأخيرة عرفت حسب زبدي عرفت تزايد خلال الأسابيع الماضية.

وبخصوص العلامات الأكثر مخالفة لدفتر الشروط، اكتفى زبدي بالقول بأنها العلامة التي تحوز على أكبر كوطة للسيارات لسنة 2023.

بالمقابل، يقترح رئيس منظمة حماية المستهلك جمع كافة المتعاملين في سوق السيارات في الجزائر وتنبيههم بضرورة احترام بنود دفتر الشروط مع التأكيد على اهمية التزام بخدمات مابعد البيع خاصة وأن دفتر الشروط لم يحددها بشكل كافي على غرار ماتعلق بنوعية ضمان السيارة ، قائلًا: "التمسنا من وزارة الصناعة فيما سبق ان يتم تحديد بوضوح نوعية الضمان الخاص بالسيارات لاسيما ما تعلق بقطع الغيار".

في المقابل، يرى زبدي أن التحذيرات التي اطلقتها وزارة الصناعة مؤخرًا أتت أكلها خاصة وأن المتعاملين اليوم يعملون على توضيح المعلومات والتواصل مع الزبائن.

مصالح التجارة تُحقق

من جهتها أكّدت وزارة التجارة وترقية الصادرات، وهي الجهة الرسمية لمراقبة أيّة تجاوزات تجارية في عملية تسويق المركبات، أن أعوان الرقابة والذين يعادل عددهم اليوم تسعة آلاف عون ينزلون اليوم بشكل مستمر إلى الميدان لمعاينة مدى التزام الوكلاء المعتمدين بآجال التسليم وشروط البيع ومنع احتكار المضاربين أو الوسطاء على السيارات والعمل على إعادة بيعها في السوق السوداء بسعر مضاعف.
وفي السياق يقول مدير ضبط النشاطات وتنظيمها على مستوى وزارة التجارة وترقية الصادرات أجمد مقراني في إفادة لـ "الترا جزائر" إن مصالحه تنزل منذ شهر أوت/ آب الماضي بشكل مستمر لنقاط بيع السيارات بالعاصمة والولايات الكبرى لمراعاة شروط البيع والعقود المحررة مع الزبائن واحترام ما تفرضه السلطات في هذا المجال ويتم بشكل دوري حل المشاكل المرتبطة بقطاع تسويق السيارات كما يتم منع بيع أيّة مركبة بشكلٍ تام لأي زبون اقتنى سيارة سابقة من نفس الوكيل وهذا لمنع المضاربة التي تعتبر السبب الرئيسي في رفع أسعار السيارات، حيث يقوم الوسطاء باقتناء عددٍ ضخم من السيارات من الوكيل المعتمد وإعادة بيعها بسعر مرتفع جدا بسوق السيارات المستعملة، وهو ما يؤدي إلى تعميق مشكل الندرة وإبقاء الأسعار مرتفعة واحتكار المركبات وخلق الفوضى.

خطوات استعجالية من الوكلاء

كعينة عن الوكلاء المعتمدين، يتحدّث مهدي كاوة، وهو مدير التسويق والاتصال بشركة "جيلي الجزائر" عن بعض تفاصيل قضية تسليم المركبات المثيرة للجدل، في الجزائر نتيجة التأخرات النسبية في الآجال.
ويقول كاوة إن شركة "جيلي" على سبيل المثال، سلمت 14 ألف مركبة لزبائنها لحد الساعة - مطلع جوان/ حزيران 2024- من أصل حصص استيراد تعادل 39 ألف و200 سيارة، مع تحقيق مبيعات بلغت 38 ألف و200 سيارة.
ويشدد كاوة في إفادة لـ "الترا الجزائر" على أن "جيلي" تبذل قصارى جهدها لتسليم مركباتها لزبائنها بشكلٍ قريب مع مراعاة الآجال القانونية، إلا أن العملية تصطدم في بعض الأحيان بظروف خارجة عن نطاق جيلي التي تستغرق لديها الاجراءات منذ تقديم الطلبية إلى التصنيع والنقل وتوفيرها بالوكالات 90 يومًا منها 30 يومًا للتصنيع بالصين و37 يومًا بالباخرة وأسبوعًا بالميناء رفقة الإجراءات الإدارية الأخرى.
ويشدّد المتحدث على أن "جيلي" اليوم قامت بتوظيف عمال وفق نهج المناوبة على مستوى ميناء جنجن بولاية جيجل شرق البلاد، للتمكن من توفير السيارات لزبائنها دون عراقيل، وفي أسرع وقت ممكن عند وصول البواخر إلى الميناء، كما أن عملية الجمركة ومعاينة خبير المناجم تتم في فترات معقولة، حيث تسعى "جيلي" في كل مرة لتقليص الآجال قدر الإمكان، مع العلم أن البواخر الأولى للمتعامل وصلت متأخّرة بسبب حالة الملاحة الدولية شهري كانون الثاني/جانفي وشباط/فيفري  المنصرمين جراء مخاطر الاعتداءات المحتملة بمنطقة البحر الأحمر وقتها والتي اضطرت ناقلي السلع إلى تغيير وجهتهم نهائيًا.
ويشدّد كاوة أن الوضع تحسن اليوم، حيث يرتقب استقبال ثلاث بواخر جديدة بميناء جنجن بين شهري جوان/ حزيران وجويلية / تموز، منها أول باخرة ستصل بتاريخ 19 جوان /حزيران الجاري محملة بمركبات صنف كولراي، المطلوبة بقوة في الجزائر.

وعن طريقة التسليم أوضح كاوة أنها تخضع لعدد من المعايير أولها الرقم التسلسلي للمركبة وثانيها نوعية المركبة وثالثها لون النموذج ورابعها الخصائص التقنية التي يتضمنها، وهو ما يفسر استقبال زبائن فوق رقم 14 ألف مركبتهم في حين لم يستلم آخرون مركبتهم رغم أن رقمهم التسلسلي أقل من 14 ألف.

ممثل شركة "جيلي" على أن عملية التسليم تتم بشفافية كبرى ودون تسبيق أي زبون على آخر

وشدّد ممثل شركة "جيلي" على أن عملية التسليم تتم بشفافية كبرى ودون تسبيق أي زبون على آخر، مطمئنًا جميع زبائن "جيلي" بأنهم سيستلمون مركباتهم وسيفاجأون بالجودة العالية التي تتمتع بها.